العدد : ١٦٨٥٧ - السبت ١٨ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ١٠ ذو القعدة ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٥٧ - السبت ١٨ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ١٠ ذو القعدة ١٤٤٥هـ

قضايا و آراء

أمن أوروبا: البديل الذاتي أم حلف الناتو؟

بقلم: د. أشرف محمد كشك {

الاثنين ٠٣ يوليو ٢٠٢٣ - 02:00

على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬حلف‭ ‬شمال‭ ‬الأطلسي‭ ‬‮«‬الناتو‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬أنشئ‭ ‬عام‭ ‬1949‭ ‬في‭ ‬أعقاب‭ ‬انتهاء‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭ ‬كان‭ ‬ولا‭ ‬يزال‭ ‬الضمانة‭ ‬الأساسية‭ ‬لأمن‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية،‭ ‬فإن‭ ‬تلك‭ ‬الدول‭ ‬لايزال‭ ‬يراودها‭ ‬حلم‭ ‬تأسيس‭ ‬هوية‭ ‬أمنية‭ ‬أوروبية،‭ ‬صحيح‭ ‬أن‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬انطلق‭ ‬منذ‭ ‬تأسيسه‭ ‬كتجمع‭ ‬اقتصادي‭ ‬‮«‬المنظمة‭ ‬الأوروبية‭ ‬للفحم‭ ‬والصلب‭ ‬عام‭ ‬1951‮»‬‭ ‬التي‭ ‬ضمت‭ ‬ست‭ ‬دول‭ ‬آنذاك،‭ ‬بيد‭ ‬أن‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬واجهتها‭ ‬أوروبا‭ ‬خلال‭ ‬العقود‭ ‬الماضية‭ ‬قد‭ ‬حدت‭ ‬بتلك‭ ‬الدول‭ ‬إلى‭ ‬التفكير‭ ‬غير‭ ‬ذي‭ ‬مرة‭ ‬في‭ ‬تأسيس‭ ‬هوية‭ ‬أمنية‭ ‬أوروبية،‭ ‬وإذا‭ ‬كان‭ ‬التحدي‭ ‬يخلق‭ ‬الاستجابة،‭ ‬فإن‭ ‬التساؤل‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬التحديات‭ ‬الأمنية‭ ‬الهائلة‭ ‬التي‭ ‬أوجدتها‭ ‬الأزمة‭ ‬الأوكرانية‭ ‬على‭ ‬الأمن‭ ‬الأوروبي،‭ ‬فهل‭ ‬تنجح‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬في‭ ‬تأسيس‭ ‬تلك‭ ‬الآلية‭ ‬؟‭ ‬الإجابة‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭ ‬التساؤل‭ ‬هي‭ ‬جل‭ ‬هذا‭ ‬المقال‭.‬

شهدت‭ ‬السنوات‭ ‬الخمس‭ ‬الماضية‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المقترحات‭ ‬الأوروبية‭  ‬التي‭ ‬استهدفت‭ ‬تحقيق‭ ‬الأمن‭ ‬الذاتي‭ ‬الأوروبي‭ ‬سواء‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬الثنائي‭ ‬أو‭ ‬الجماعي‭ ‬ومن‭ ‬ذلك‭ ‬توقيع‭ ‬23‭ ‬دولة‭ ‬أوروبية‭ ‬وثيقة‭ ‬التعاون‭ ‬الدفاعي‭ ‬في‭ ‬نوفمبر‭ ‬2017‭ ‬وتضمنت‭ ‬20‭ ‬التزاماً‭ ‬منظماً‭ ‬للتعاون‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬الدفاعي‭ ‬بين‭ ‬تلك‭ ‬الدول،‭ ‬إعلان‭ ‬فرنسا‭ ‬في‭ ‬يونيو‭ ‬2018‭ ‬تأسيس‭ ‬قوة‭ ‬أوروبية‭ ‬مكونة‭ ‬من‭ ‬9‭ ‬دول‭ ‬لمواجهة‭ ‬الأزمات‭ ‬خارج‭ ‬الأراضي‭ ‬الأوروبية‭ ‬وقد‭ ‬أطلق‭ ‬عليها‭ ‬‮«‬مبادرة‭ ‬التدخل‭ ‬الأوروبية‮»‬،‭ ‬مقترح‭ ‬الرئيس‭ ‬الفرنسي‭ ‬إيمانويل‭ ‬ماكرون‭ ‬في‭ ‬نوفمبر‭ ‬2018‭ ‬بتأسيس‭ ‬الجيش‭ ‬الأوروبي‭ ‬الموحد،‭ ‬معاهدة‭ ‬التعاون‭ ‬والاندماج‭ ‬بين‭ ‬فرنسا‭ ‬وألمانيا‭ ‬في‭ ‬يناير‭ ‬2019‭ ‬والتي‭ ‬استهدفت‭ ‬التكامل‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬عديدة‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬الأمن‭ ‬الداخلي‭ ‬والخارجي،‭ ‬وصولاً‭ ‬إلى‭ ‬اعتماد‭ ‬المجلس‭ ‬الأوروبي‭ ‬أول‭ ‬وثيقة‭ ‬استراتيجية‭ ‬شاملة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الأمن‭ ‬والدفاع‭ ‬خلال‭ ‬اجتماع‭ ‬المجلس‭ ‬الأوروبي‭ ‬في‭ ‬مارس‭ ‬2022‭ ‬والتي‭ ‬أطلق‭ ‬عليها‭ ‬‮«‬البوصلة‭ ‬الاستراتيجية‮»‬‭ ‬وهي‭ ‬بمثابة‭ ‬الكتاب‭ ‬الأبيض‭ ‬الأول‭ ‬للدفاع‭ ‬الأوروبي،‭ ‬وتستهدف‭ ‬تلك‭ ‬الوثيقة‭ ‬تعزيز‭ ‬السياسات‭ ‬الأمنية‭ ‬والدفاعية‭ ‬الأوروبية‭ ‬بحلول‭ ‬عام‭ ‬2030‭ ‬وتنطلق‭ ‬تلك‭ ‬الوثيقة‭ ‬من‭ ‬ثلاثة‭ ‬معطيات‭ ‬وهي‭ ‬تحديد‭ ‬أوجه‭ ‬الضعف‭ ‬الأوروبي‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الدفاع‭ ‬الذاتي،‭ ‬ثم‭ ‬تحليل‭ ‬البيئة‭ ‬الأمنية‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬التي‭ ‬يستهدفها‭ ‬الأمن‭ ‬الذاتي‭ ‬الأوروبي‭ ‬وأخيراً‭ ‬سبل‭ ‬تحقيق‭ ‬ذلك‭ ‬الأمن‭ ‬الجماعي‭ ‬لتلك‭ ‬الدول‭ ‬،‭ ‬وترتكز‭ ‬الوثيقة‭ ‬على‭ ‬أربعة‭ ‬أسس‭ ‬هي‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬التصرف‭ ‬ومضمونها‭ ‬استهداف‭ ‬بناء‭ ‬قوة‭ ‬أمنية‭ ‬ذاتية‭ ‬بحلول‭ ‬2025‭ ‬ويكون‭ ‬لديها‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬التدخل‭ ‬وإجراء‭ ‬المناورات‭ ‬المشتركة‭ ‬والقدرة‭ ‬على‭ ‬التصرف‭ ‬لدرء‭ ‬التهديدات،‭ ‬والأساس‭ ‬الثاني‭ ‬هو‭ ‬التأمين‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬مواجهة‭ ‬تهديدات‭ ‬الأمن‭ ‬البحري‭ ‬والفضاء‭ ‬السيبراني‭ ‬والتهديدات‭ ‬الهجينة،‭ ‬أما‭ ‬الأساس‭ ‬الثالث‭ ‬فهو‭ ‬الاستثمار‭ ‬ومفاده‭ ‬دعم‭ ‬الابتكار‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الدفاع‭ ‬وخاصة‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬العسكرية،‭ ‬ويتمثل‭ ‬الأساس‭ ‬الرابع‭ ‬والأخير‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬ضمن‭ ‬الشراكات‭ ‬مع‭ ‬حلف‭ ‬الناتو‭ ‬ومنظمة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬والمنظمات‭ ‬الإقليمية‭ ‬الأخرى‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬الشراكات‭ ‬الثنائية‭.‬

ومع‭ ‬أهمية‭ ‬ما‭ ‬سبق‭ ‬ووجاهة‭ ‬ووضوح‭ ‬الأهداف‭ ‬الدفاعية‭ ‬التي‭ ‬حددها‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬ضمن‭ ‬تلك‭ ‬الوثيقة‭ ‬المهمة‭ ‬التي‭ ‬جاءت‭ ‬ضمن‭ ‬آلية‭ ‬التدرج‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬الأهداف،‭ ‬والتي‭ ‬دأب‭ ‬عليها‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي،‭ ‬فإن‭ ‬التساؤل‭ ‬هو‭ ‬هل‭ ‬يمكن‭ ‬لأوروبا‭ ‬بالفعل‭ ‬تأسيس‭ ‬آلية‭ ‬أمن‭ ‬ذاتي؟‭ ‬في‭ ‬تقديري‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الأهداف‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬كونها‭ ‬طموحة‭ ‬وتأتي‭ ‬كاستجابة‭ ‬للتهديدات‭ ‬الأمنية‭ ‬غير‭ ‬المسبوقة‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية،‭ ‬ولكن‭ ‬الأمر‭ ‬ربما‭ ‬يستغرق‭ ‬بعض‭ ‬الوقت‭ ‬بما‭ ‬يتجاوز‭ ‬المدى‭ ‬الزمني‭ ‬الذي‭ ‬نصت‭ ‬عليه‭ ‬تلك‭ ‬الوثيقة‭ ‬لخمسة‭ ‬أسباب‭ ‬أولها‭: ‬آلية‭ ‬اتخاذ‭ ‬القرارات‭ ‬في‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬والتي‭ ‬تتطلب‭ ‬الإجماع‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يقف‭ ‬حجر‭ ‬عثرة‭ ‬أمام‭ ‬اتخاذ‭ ‬قرارات‭ ‬استراتيجية،‭ ‬وثانيها‭: ‬اختلاف‭ ‬خطط‭ ‬الدفاع‭ ‬والتسليح‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬ذاتها،‭ ‬وكذلك‭ ‬تباين‭ ‬الالتزام‭ ‬الأوروبي‭ ‬داخل‭ ‬حلف‭ ‬الناتو‭ ‬ذاته‭ ‬الذي‭ ‬طالب‭ ‬أمينه‭ ‬العام‭ ‬غير‭ ‬ذي‭ ‬مرة‭ ‬بضرورة‭ ‬التزام‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬بتخصيص‭ ‬2%‭ ‬من‭ ‬ناتجها‭ ‬القومي‭ ‬لأغراض‭ ‬الدفاع،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬تلتزم‭ ‬به‭ ‬كل‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬أعضاء‭ ‬الناتو‭ ‬حتى‭ ‬الآن،‭ ‬وثالثها‭: ‬حدود‭ ‬الاتصال‭ ‬والانفصال‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬أي‭ ‬مقترح‭ ‬أمني‭ ‬أوروبي‭ ‬وحلف‭ ‬شمال‭ ‬الأطلسي‭ ‬‮«‬الناتو‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬يلاحظ‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬المقترحات‭ ‬التي‭ ‬أثيرت‭ ‬تضمنت‭ ‬أنها‭ ‬تتكامل‭ ‬مع‭ ‬التزام‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬داخل‭ ‬حلف‭ ‬الناتو‭ ‬تكاملاً‭ ‬لا‭ ‬تعارضاً،‭ ‬وينطلق‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬حقيقة‭ ‬مفادها‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬22‭ ‬دولة‭ ‬أوروبية‭ ‬تتداخل‭ ‬عضويتها‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬وحلف‭ ‬الناتو،‭ ‬ورابعها‭: ‬التباين‭ ‬بين‭ ‬رؤى‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نطلق‭ ‬عليه‭ ‬الدول‭ ‬المحورية‭ ‬داخل‭ ‬المنظومة‭ ‬الأوروبية،‭ ‬ففي‭ ‬أعقاب‭ ‬خروج‭ ‬بريطانيا‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬المنظومة‭ ‬‮«‬البريكست‮»‬،‭ ‬ثمة‭ ‬تنافس‭ ‬وتباين‭ ‬فرنسي‭ -‬ألماني،‭ ‬ففي‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬تذهب‭ ‬فيه‭ ‬فرنسا‭ ‬إلى‭ ‬طموح‭ ‬أبعد‭ ‬مدى‭ ‬وهو‭ ‬تأسيس‭ ‬الجيش‭ ‬الأوروبي‭ ‬الموحد‭ ‬فإن‭ ‬ألمانيا‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬ترى‭ ‬أن‭ ‬حلف‭ ‬الناتو‭ ‬هو‭ ‬المظلة‭ ‬الأمنية‭ ‬الجماعية‭ ‬الأقوى‭ ‬والأهم‭ ‬للدول‭ ‬الأوروبية،‭ ‬بل‭ ‬وتعارض‭ ‬تحول‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬إلى‭ ‬قطب‭ ‬عالمي،‭ ‬ففي‭ ‬كلمة‭ ‬له‭ ‬أمام‭ ‬البرلمان‭ ‬الأوروبي‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬ستراسبورج‭ ‬الفرنسية‭ ‬في‭ ‬9‭ ‬مايو‭ ‬2023‭ ‬قال‭ ‬المستشار‭ ‬الألماني‭ ‬أولاف‭ ‬شولتس‭: ‬‮«‬إن‭ ‬من‭ ‬يتعلق‭ ‬بحلم‭ ‬القوة‭ ‬الأوروبية‭ ‬العالمية‭ ‬من‭ ‬باب‭ ‬الحنين‭ ‬إلى‭ ‬الماضي،‭ ‬ومن‭ ‬يخدم‭ ‬خيالات‭ ‬القوة‭ ‬العظمى‭ ‬الوطنية،‭ ‬عالق‭ ‬في‭ ‬الماضي‮»‬،‭ ‬وقال‭: ‬‮«‬إن‭ ‬الدول‭ ‬الأخرى‭ ‬ستكون‭ ‬محقة‭ ‬في‭ ‬عدم‭ ‬تقبلها‭ ‬لنظام‭ ‬عالمي‭ ‬ثنائي‭ ‬أو‭ ‬ثلاثي‭ ‬الأقطاب‭ ‬تهيمن‭ ‬فيه‭ ‬قوتان‭ ‬أو‭ ‬ثلاث‭ ‬قوى‭ ‬فقط‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬حقبة‭ ‬الحرب‭ ‬الباردة‮»‬،‭ ‬وخامسها‭: ‬خبرات‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬المتواضعة‭ ‬في‭ ‬التدخل‭ ‬في‭ ‬الأزمات‭ ‬مقارنة‭ ‬بحلف‭ ‬الناتو‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬هو‭ ‬أداة‭ ‬الردع‭ ‬الأساسية‭ ‬لتلك‭ ‬الدول‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬إجماع‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬ذاتها‭ ‬على‭ ‬فكرة‭ ‬البديل‭ ‬الأمني‭ ‬الذاتي‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الحرب‭ ‬الأوكرانية‭ ‬قد‭ ‬مثلت‭ ‬تحدياً‭ ‬هائلاً‭ ‬للدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬كافة‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬انعكس‭ ‬في‭ ‬معدلات‭ ‬الإنفاق‭ ‬الأوروبي‭ ‬غير‭ ‬المسبوقة‭ ‬على‭ ‬التسلح،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬إعلان‭ ‬بعض‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬الدول‭ ‬استراتيجيات‭ ‬للأمن‭ ‬القومي‭ ‬ومنها‭ ‬ألمانيا‭ ‬وذلك‭ ‬للمرة‭ ‬الأولى‭ ‬منذ‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭ ‬فإنه‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬الطريق‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬طويلاً‭ ‬لنرى‭ ‬جيشاً‭ ‬أوروبياً‭ ‬موحداً،‭ ‬وهي‭ ‬قضية‭ ‬ذات‭ ‬دلالة‭ ‬بالنسبة‭ ‬للشركاء‭ ‬خارج‭ ‬القارة‭ ‬الأوروبية‭ ‬انطلاقاً‭ ‬من‭ ‬ثلاثة‭ ‬اعتبارات‭ ‬الأول‭: ‬أنه‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬قرار‭ ‬إرسال‭ ‬قوات‭ ‬غربية‭ ‬لحسم‭ ‬الأزمات‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬تحرير‭ ‬دولة‭ ‬الكويت‭ ‬عام‭ ‬1991‭ ‬كان‭ ‬منوطاً‭ ‬بموافقة‭ ‬جهة‭ ‬واحدة‭ ‬وهي‭ ‬الكونجرس‭ ‬الأمريكي‭ ‬فإن‭ ‬الأمر‭ ‬يبدو‭ ‬مختلفاً‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬لأنه‭ ‬ستكون‭ ‬هناك‭ ‬حاجة‭ ‬لموافقة‭ ‬كل‭ ‬برلمانات‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬على‭ ‬إرسال‭ ‬قوات‭ ‬بلادها‭ ‬للخارج،‭ ‬والثاني‭: ‬أن‭ ‬أهمية‭ ‬الشراكات‭ ‬التي‭ ‬تطلقها‭ ‬القوى‭ ‬الكبرى‭ ‬والمنظمات‭ ‬مثل‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬لا‭ ‬تكمن‭ ‬في‭ ‬أهميتها‭ ‬الاقتصادية‭ ‬فحسب‭ ‬بل‭ ‬في‭ ‬جوانبها‭ ‬الدفاعية‭ ‬أيضاً‭ ‬وقدرتها‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬قوة‭ ‬ردع،‭ ‬والثالث‭: ‬في‭ ‬ظل‭ ‬حرص‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬على‭ ‬تعزيز‭ ‬شراكاتها‭ ‬مع‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬التكتلات‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬مختلفة‭ ‬من‭ ‬العالم‭ ‬مثل‭ ‬البريكس‭ ‬والآسيان‭ ‬وشنغهاي‭ ‬فإنه‭ ‬حال‭ ‬تحول‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬إلى‭ ‬قوة‭ ‬ردع،‭ ‬فإنه‭ ‬سوف‭ ‬يحظى‭ ‬بالأولوية‭ ‬ضمن‭ ‬ذلك‭ ‬الاهتمام‭.   ‬

{ مدير‭ ‬برنامج‭ ‬الدراسات‭ ‬

الاستراتيجية‭ ‬والدولية‭ ‬بمركز‭ ‬‮«‬دراسات‮»‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا