العدد : ١٦٨٠٦ - الخميس ٢٨ مارس ٢٠٢٤ م، الموافق ١٨ رمضان ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٠٦ - الخميس ٢٨ مارس ٢٠٢٤ م، الموافق ١٨ رمضان ١٤٤٥هـ

ألوان

أول معرض محلي يعمق الصورة ويكثفها
«قميص الغياب» لأحمد عنان.. الفقد القاسي في تمثيله المباشر

الجمعة ٠٢ يونيو ٢٠٢٣ - 02:00

كتبت‭: ‬زينب‭ ‬إسماعيل

يرسخ‭ ‬معرض‭ ‬الفنان‭ ‬البحريني،‭ ‬أحمد‭ ‬عنان‭ ‬‮«‬قميص‭ ‬الغياب‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬افتتح‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬هيئة‭ ‬البحرين‭ ‬للثقافة‭ ‬والآثار‭ ‬ويقام‭ ‬حاليا‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬مركز‭ ‬الفنون،‭ ‬كل‭ ‬معاني‭ ‬الفقد‭ ‬وألم‭ ‬الغياب‭ ‬بكل‭ ‬مراحله‭ ‬القاسية‭ ‬في‭ ‬تمثيل‭ ‬مباشر‭ ‬يعتبر‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬نوعه‭ ‬في‭ ‬البحرين‭.‬

يفسر‭ ‬المعرض‭ ‬الذي‭ ‬يضم‭ ‬100‭ ‬لوحة‭ ‬فنية‭ ‬ومنحوتة‭ ‬برونزية،‭ ‬المعاني‭ ‬المرتبطة‭ ‬بالغياب‭ ‬بدءا‭ ‬من‭ ‬مراحله‭ ‬الأولى‭ ‬وحتى‭ ‬الانتقال‭ ‬إلى‭ ‬العوالم‭ ‬الأخرى‭ ‬والاستقرار‭ ‬فيها‭. ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬ينطبق‭ ‬أيضا‭ ‬على‭ ‬المراحل‭ ‬التي‭ ‬يمر‭ ‬بها‭ ‬الإنسان‭ ‬بدءا‭ ‬من‭ ‬هول‭ ‬اللحظات‭ ‬الأولى‭ ‬وحتى‭ ‬ملازمة‭ ‬الحزن‭.‬

يروي‭ ‬عنان‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬‮«‬قميص‭ ‬الغياب‮»‬‭ ‬تجربته‭ ‬الشخصية‭ ‬التي‭ ‬عاشها‭ ‬طوال‭ ‬عامين‭ ‬ونصف‭ ‬بعد‭ ‬فقده‭ ‬لابنه‭ ‬يوسف‭ ‬ذي‭ ‬الـ‭(‬18‭ ‬عاما‭)‬،‭ ‬وتنقله‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬4‭ ‬دول‭ ‬مختلفة‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬البحرين،‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬للهروب‭ ‬من‭ ‬واقع‭ ‬الغياب‭ ‬إلى‭ ‬واقع‭ ‬بعيد‭ ‬عن‭ ‬مكابدات‭ ‬الفقد،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الحزن‭ ‬ظل‭ ‬ملازما‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬زمان‭ ‬ومكان‭.‬

ويقول‭ ‬عنان‭: ‬‮«‬هو‭ ‬المعرض‭ ‬الفني‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬نوعه‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬الذي‭ ‬يعرض‭ ‬تجربة‭ ‬الفقد‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬ومعمق‭ ‬ومكثف،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تخوف‭ ‬من‭ ‬الفنانين‭ ‬المحليين‭ ‬أنفسهم‭ ‬من‭ ‬التعبير‭ ‬المباشر‭ ‬عن‭ ‬الحزن،‭ ‬والاكتفاء‭ ‬بالانزواء‭ ‬نحو‭ ‬الإيجابية‭. ‬تخوف‭ ‬من‭ ‬عرض‭ ‬التجارب‭ ‬الشخصية‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬بما‭ ‬يرتبط‭ ‬بالقضايا‭ ‬المجتمعية‭. ‬تخوف‭ ‬مبرر‭ ‬بعدم‭ ‬التقبل‭ ‬وصعوبة‭ ‬اقتناء‭ ‬العمل‭ ‬الفني،‭ ‬لكن‭ ‬الحزن‭ ‬يحتل‭ ‬مساحة‭ ‬واسعة‭ ‬من‭ ‬حياتنا‭ ‬ونحاول‭ ‬أن‭ ‬نخفيه‭ ‬في‭ ‬دواخلنا‭. ‬وإظهاره‭ ‬في‭ ‬التجارب‭ ‬الفنية‭ ‬أمر‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬منه،‭ ‬إذ‭ ‬إنها‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬صادقة‭ ‬في‭ ‬عرضها‭ ‬لتصل‭ ‬إلى‭ ‬القلب‭ ‬مباشرةً‮»‬‭.‬

تحاول‭ ‬المنحوتات‭ ‬البرونزية‭ ‬تصوير‭ ‬أقسى‭ ‬مراحل‭ ‬الحزن‭ ‬الإنساني،‭ ‬بدءا‭ ‬من‭ ‬لحظات‭ ‬الصدمة‭ ‬الأولى‭ - ‬وهي‭ ‬الأقسى‭ - ‬والأحاسيس‭ ‬المرتبطة‭ ‬وحتى‭ ‬الشعور‭ ‬بمرحلة‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الغياب‭. ‬أما‭ ‬اللوحات‭ ‬فتصور‭ ‬مرحلة‭ ‬الحياة‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الموت‭ ‬بدءا‭ ‬من‭ ‬أول‭ ‬لحظات‭ ‬الغياب‭ ‬وحتى‭ ‬الانتقال‭ ‬إلى‭ ‬المراحل‭ ‬الأخرى‭ ‬قبل‭ ‬الاستقرار‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬البرزخ‭.‬

يبرر‭ ‬الفنان‭ ‬استخدام‭ ‬النحت‭ ‬في‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬الحزن‭ ‬الإنساني‭ ‬إلى‭ ‬أنها‭ ‬‮«‬أعمال‭ ‬ثلاثية‭ ‬الأبعاد‭ ‬تنقل‭ ‬الصورة‭ ‬بشكل‭ ‬واضح‭ ‬ومباشر،‭ ‬أما‭ ‬اللوحات‭ ‬فهي‭ ‬تستغرق‭ ‬في‭ ‬تفصيل‭ ‬الحياة‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الموت‭ ‬لتخلق‭ ‬توازنا‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬الجمال‭ ‬واللاجمال،‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬الحقيقة‭ ‬والإحساس‭. ‬فالإحساس‭ ‬مختلفٌ‭ ‬بحسب‭ ‬الأزمنة‭ ‬والأمكنة،‭ ‬ينعكس‭ ‬على‭ ‬الداخل‭ ‬بشكل‭ ‬أعمق‭ ‬ويستغرق‭ ‬في‭ ‬التأثير‭ ‬فيه‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬‮«‬لا‭ ‬مهرب‭ ‬منك‭ ‬إلا‭ ‬إليك‮»‬‭.‬

ينتقل‭ ‬الفنان‭ ‬عبر‭ ‬لوحاته‭ ‬ومنحوتاته‭ ‬للبحث‭ ‬عن‭ ‬معاني‭ ‬الغياب‭ ‬باستخدام‭ ‬ألوان‭ ‬غير‭ ‬متعارفة‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الرمزية،‭ ‬فالأسود‭ ‬ليس‭ ‬دائما‭ ‬ما‭ ‬يرتبط‭ ‬بالحزن،‭ ‬إذ‭ ‬أن‭ ‬الألوان‭ ‬لا‭ ‬تحمل‭ ‬رمزية‭ ‬واحدة‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬متناقضة‭ ‬في‭ ‬الرمزيات‭. ‬هي‭ ‬فقط‭ ‬أداة‭ ‬لنقل‭ ‬الفكرة‭ ‬ليس‭ ‬إلا،‭ ‬والفكرة‭ ‬ذاتها‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬خامات‭ ‬وألوان‭ ‬ومواد‭ ‬مختلفة‭ ‬لبناء‭ ‬عمل‭ ‬متكامل‭ ‬ومعبر‭. ‬يبين‭ ‬عنان‭: ‬‮«‬هي‭ ‬موازنة‭ ‬صعبة‭ ‬اشتغل‭ ‬عليها‭ ‬عبر‭ ‬مزج‭ ‬خامات‭ ‬مختلفة‭ ‬بطرق‭ ‬وأساليب‭ ‬يتقبلها‭ ‬المجتمع‮»‬‭.‬

عنان‭ ‬الذي‭ ‬عرف‭ ‬عنه‭ ‬اشتغاله‭ ‬في‭ ‬أعمال‭ ‬ملونة‭ ‬ورسوم‭ ‬تتسم‭ ‬بالجرأة‭ ‬في‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬المشاعر‭ ‬والأفكار‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والثقافية،‭ ‬كان‭ ‬‮«‬لقميص‭ ‬الغياب‮»‬‭ ‬تطورا‭ ‬مختلفا‭ ‬عنها،‭ ‬‮«‬فكل‭ ‬مشروع‭ ‬له‭ ‬طريقته‭ ‬في‭ ‬العرض‭ ‬وخاماته‭ ‬أيضا‭. ‬يأتي‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬بعد‭ ‬بحث‭ ‬ودراسة‮»‬،‭ ‬بحسب‭ ‬عنان‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا