العدد : ١٦٨٣٦ - السبت ٢٧ أبريل ٢٠٢٤ م، الموافق ١٨ شوّال ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٣٦ - السبت ٢٧ أبريل ٢٠٢٤ م، الموافق ١٨ شوّال ١٤٤٥هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

الرئيس الأوغندي يتحدى الغرب أخلاقيا!

{‭ ‬من‭ ‬حق‭ ‬أية‭ ‬دولة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬أن‭ ‬تتشبث‭ ‬بمبادئها‭ ‬وقيمها‭ ‬وثقافتها‭ ‬وخصوصيتها،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬فعله‭ ‬الرئيس‭ ‬الأوغندي‭ ‬حين‭ ‬أصدر‭ ‬قبل‭ ‬أيام‭ ‬قانونا‭ ‬بفرض‭ ‬عقوبات‭ ‬شديدة‭ ‬على‭ ‬‮«‬الشواذ‮»‬‭ ‬أو‭ ‬الترويج‭ ‬‮«‬للشذوذ‮»‬‭ ‬واعتبارها‭ ‬جريمةً‭ ‬يعاقب‭ ‬عليها‭ ‬بالقانون‭ ‬الذي‭ ‬قد‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬عقوبة‭ ‬الإعدام،‭ ‬ما‭ ‬أثار‭ ‬استنكارَ‭ ‬دول‭ ‬أوروبا‭ ‬وأمريكا،‭ ‬التي‭ ‬هددت‭ (‬بفرض‭ ‬عقوبات‭ ‬على‭ ‬البلد‭ ‬الإفريقي‭)! ‬وقد‭ ‬صرح‭ ‬بذلك‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬‮«‬بايدن‮»‬‭ ‬ورئيس‭ ‬وزراء‭ ‬بريطانية‭ ‬وغيرهما،‭ ‬ولكأن‭ ‬فرض‭ ‬تلك‭ ‬القيم‭ ‬الشاذة‭ ‬على‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬الأخرى‭ ‬ذات‭ ‬الثقافات‭ ‬المخالفة‭ ‬هو‭ ‬فرض‭ ‬عين‭ ‬وإجبار،‭ ‬على‭ ‬دول‭ ‬مستقلة‭ ‬وذات‭ ‬سيادة‭!‬

{‭ ‬نعتقد‭ ‬أن‭ ‬موقف‭ ‬‮«‬أوغندا‮»‬‭ ‬لمكافحة‭ ‬‮«‬الشذوذ‮»‬‭ ‬والفوضى‭ ‬الأخلاقية‭ ‬والقيمية‭ ‬الغربية،‭ ‬التي‭ ‬يعمل‭ ‬الغرب‭ ‬على‭ ‬فرضها‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬دول‭ ‬العالم،‭ ‬ومن‭ ‬لا‭ ‬ينصاع‭ ‬إلى‭ ‬فرضياتهم‭ ‬‮«‬الإجبارية‮»‬‭ ‬يتم‭ ‬فرض‭ ‬العقوبات،‭ ‬وممارسة‭ ‬الضغوطات‭ ‬عليه‭! ‬هو‭ ‬أمر‭ ‬خارج‭ ‬سياق‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية،‭ ‬والمبادئ‭ ‬الأممية،‭ ‬التي‭ ‬تقر‭ ‬باختلاف‭ ‬الثقافات‭ ‬واحترام‭ ‬الخصوصيات‭ ‬الثقافية‭ ‬والحضارية‭ ‬لشعوب‭ ‬العالم،‭ ‬وهي‭ ‬التي‭ ‬تصب‭ ‬في‭ ‬التنوع‭ ‬الحضاري‭ ‬والثقافي‭ ‬عبر‭ ‬التاريخ‭ ‬بحيث‭ ‬لا‭ ‬يحق‭ ‬لأية‭ ‬دولة‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬فرض‭ ‬قيمها‭ ‬‮«‬الخاصة‮»‬‭ ‬على‭ ‬غيرها‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬والأمم‭! ‬وبما‭ ‬يذكرنا‭ ‬بنمط‭ ‬من‭ (‬الاستبداد‭ ‬القيمي‭ ‬والأخلاقي‭) ‬لأخلاقيات‭ ‬هي‭ ‬خارج‭ ‬الفطرة‭ ‬الإنسانية‭ ‬بالأساس‭!‬

{‭ ‬من‭ ‬حق‭ ‬أوروبا‭ ‬وأمريكا‭ ‬أن‭ ‬تفرض‭ ‬قوانينها‭ ‬الأخلاقية‭ ‬أو‭ ‬اللاأخلاقية‭ ‬على‭ ‬دولها‭ ‬وداخل‭ ‬حدودها‭ ‬وتتواجه‭ ‬مع‭ ‬شعوبها‭ ‬بين‭ ‬الرفض‭ ‬أو‭ ‬القبول،‭ ‬ولكن‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬حق‭ ‬الغرب‭ ‬أن‭ ‬يهدد‭ ‬أية‭ ‬دولة‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬لا‭ ‬تقبل‭ ‬بالقيم‭ ‬الغربية‭ (‬المنفلتة‭) ‬وتحمي‭ ‬شعوبها‭ ‬وحتى‭ ‬الشعوب‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬لها‭ ‬موقف‭ ‬مما‭ ‬تفرضه‭ ‬حكوماتها‭ ‬عليها‭ ‬من‭ (‬الاستبداد‭ ‬الجبري‭) ‬الذي‭ ‬يتم‭ ‬فرضه‭ ‬على‭ ‬أطفالها‭ ‬في‭ ‬المدارس‭ ‬وتشجيع‭ ‬‮«‬الشذوذ‮»‬‭ ‬و«التحول‭ ‬الجنسي‮»‬‭ ‬لدى‭ ‬الأطفال‭ ‬وغيره‭ ‬كثير،‭ ‬خارج‭ ‬إرادة‭ ‬أولياء‭ ‬أمورهم‭! ‬ولذلك‭ ‬فإن‭ ‬تجريم‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬‮«‬أوغندا‮»‬‭ ‬هو‭ (‬حق‭ ‬سيادي‭ ‬وقانوني‭ ‬لها‭)‬،‭ ‬وعلى‭ ‬الغرب‭ ‬أن‭ ‬يتعلم‭ ‬كيفية‭ ‬احترام‭ ‬خصوصيات‭ ‬الشعوب‭ ‬واختلاف‭ ‬القيم‭ ‬لديها،‭ ‬لا‭ ‬أن‭ ‬يُسارع‭ ‬في‭ ‬‮«‬فرض‭ ‬العقوبات‮»‬‭ ‬وكأن‭ ‬ما‭ ‬يشجعه‭ ‬من‭ ‬الفوضى‭ ‬الأخلاقية‭ ‬في‭ ‬مجتمعاته،‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬تشجيعه‭ ‬ودعمه‭ ‬وتبنيه‭!‬

سبق‭ ‬وكتبنا‭ ‬مقالات‭ ‬كثيرة‭ ‬مفصّلة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الشأن،‭ ‬وكيف‭ ‬يُراد‭ ‬فرض‭ ‬ما‭ ‬هو‭ (‬نشاز‭ ‬أخلاقي‭ ‬وسلوكي‭) ‬على‭ ‬العالم،‭ ‬وعبر‭ ‬تغيير‭ ‬قوانين‭ ‬الدول،‭ ‬لتتماشى‭ ‬مع‭ (‬السياق‭ ‬الشاذ‭) ‬للغرب‭!‬

{‭ ‬إن‭ ‬موقف‭ ‬‮«‬أوغندا‮»‬‭ ‬في‭ ‬إعلان‭ ‬الموقف‭ ‬الواضح‭ ‬والردعي‭ ‬للترويج‭ ‬لفوضى‭ ‬الغرب‭ ‬الأخلاقية،‭ ‬هو‭ ‬موقف‭ ‬من‭ ‬المفترض‭ ‬أن‭ ‬تدعمه‭ ‬جميع‭ ‬الدول‭ ‬الإفريقية‭ ‬والإسلامية‭ ‬والدول‭ ‬التي‭ ‬تتحدى‭ (‬ديكتاتورية‭ ‬الغرب‭) ‬التي‭ ‬تعبث‭ ‬بالتنّوع‭ ‬الثقافي‭ ‬والحضاري‭ ‬والأخلاقي‭ ‬لشعوب‭ ‬العالم،‭ ‬كما‭ ‬لم‭ ‬يحدث‭ ‬قط‭ ‬في‭ ‬المسار‭ ‬التاريخي‭ ‬للبشرية‭!‬

والغريب‭ ‬أن‭ ‬الغرب‭ ‬وهو‭ ‬يمارس‭ ‬استبداده‭ ‬العالمي،‭ ‬يتصرف‭ ‬وكأنه‭ ‬الآمر‭ ‬الناهي‭! ‬وكأن‭ ‬شعوب‭ ‬العالم‭ ‬التي‭ ‬عانت‭ ‬من‭ ‬سياقات‭ ‬متعجرفة‭ ‬لاستبداده‭ ‬السياسي،‭ ‬عليها‭ ‬أن‭ ‬تقبل‭ ‬باستبداد‭ ‬الغرب‭ ‬اللاأخلاقي،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التهديد‭ ‬وتطويع‭ ‬‮«‬المؤسسات‭ ‬الأممية‮»‬‭ ‬لسن‭ ‬قوانين‭ ‬واتفاقيات‭ ‬تروّج‭ ‬لكل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬شاذ‭ ‬في‭ ‬السلوك‭ ‬البشري‭! ‬والسؤال‭ ‬هل‭ ‬ستبقى‭ ‬‮«‬أوغندا‮»‬‭ ‬منفردة‭ ‬ووحيدة‭ ‬وهي‭ ‬تتحدى‭ ‬الاستبداد‭ ‬الغربي،‭ ‬أم‭ ‬إن‭ ‬كل‭ ‬شعوب‭ ‬العالم‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬الأمم‭ ‬الإفريقية‭ ‬والإسلامية،‭ ‬معنيةٌ‭ ‬برفض‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يتعارض‭ ‬مع‭ ‬دينها‭ ‬وثقافتها‭ ‬وعاداتها‭ ‬وتقاليدها‭ ‬وقيمها‭ ‬وأخلاقياتها؟‭! ‬وعليه‭ ‬فهي‭ ‬معنية‭ ‬بمواجهة‭ ‬الشراسة‭ ‬الغربية‭ ‬التي‭ ‬يبدو‭ ‬أنها‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬أقصى‭ ‬درجات‭ ‬شراستها‭ ‬تجاه‭ ‬من‭ ‬يعمل‭ ‬على‭ ‬احترام‭ ‬نفسه‭ ‬وقيمه؟‭!‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا