العدد : ١٦٨٣٥ - الجمعة ٢٦ أبريل ٢٠٢٤ م، الموافق ١٧ شوّال ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٣٥ - الجمعة ٢٦ أبريل ٢٠٢٤ م، الموافق ١٧ شوّال ١٤٤٥هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

في ذم الفول والباذنجان

فشل‭ ‬كبار‭ ‬العالم‭ ‬والأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬إقناع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بالحد‭ ‬من‭ ‬انبعاث‭ ‬الغازات‭ ‬والأبخرة‭ ‬من‭ ‬مصانعها‭ ‬ومعاملها‭ ‬التي‭ ‬تستخدم‭ ‬مختلف‭ ‬أنواع‭ ‬الطاقة‭ ‬مما‭ ‬سيؤدي‭ ‬حتماً‭ ‬إلى‭ ‬تفاقم‭ ‬ظاهرة‭ ‬البيوت‭ ‬الزجاجية‭ ‬التي‭ ‬تسببت‭ ‬في‭ ‬التقلبات‭ ‬المناخية،‭ ‬بينما‭ ‬ربع‭ ‬أدخنة‭ ‬وغازات‭ ‬العالم‭ ‬ذات‭ ‬منشأ‭ ‬أمريكي‭ ‬مما‭ ‬يوقع‭ ‬بقية‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬حيرة‭ ‬كبيرة‭ ‬وخاصة‭ ‬أنه‭ ‬ما‭ ‬من‭ ‬دولة‭ ‬تستطيع‭ ‬أن‭ ‬تقول‭ ‬لأمريكا‭ ‬‮«‬ثلث‭ ‬الثلاثة‭ ‬كم؟‮»‬‭.‬

ما‭ ‬أخشاه‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬يقع‭ ‬الفأس‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬السودان‭ ‬ومصر‭ ‬بوصفهما‭ ‬موطن‭ ‬‮«‬الشعوب‭ ‬المحبة‭ ‬للفول‮»‬،‭ ‬فمنذ‭ ‬سنين‭ ‬طويلة‭ ‬وعلماء‭ ‬غربيون‭ ‬يروجون‭ ‬حقائق‭ ‬مؤكدة‭ ‬بأن‭ ‬الفول‭ ‬مصدر‭ ‬أساسي‭ ‬لغاز‭ ‬الميثان،‭ ‬وليس‭ ‬فيما‭ ‬يقولون‭ ‬أي‭ ‬تحامل‭ ‬أو‭ ‬افتئات،‭ ‬فأكلة‭ ‬الفول‭ ‬يعرفون‭ ‬عنه‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ذلك‭. ‬وبوصفي‭ ‬اختصاصياً‭ ‬في‭ ‬شؤون‭ ‬الفول‭ ‬ومشتقاته‭ (‬البصارة‭ ‬والطعمية‭/ ‬الفلافل‭... ‬الخ‭)‬،‭ ‬فإنني‭ ‬اعرف‭ ‬يقيناً‭ ‬أن‭ ‬للفول‭ ‬مزايا‭ ‬طيبة،‭ ‬فهو‭ ‬مفيد‭ ‬في‭ ‬علاج‭ ‬الاكتئاب‭ ‬والارق‭ ‬والتوتر‭ ‬العصبي‭ ‬لأنه‭ ‬يحوي‭ ‬مواد‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬الاسترخاء‭ ‬وتساعد‭ ‬على‭ ‬النوم،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬تعاطيه‭ ‬لمدة‭ ‬طويلة‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬الادمان‭ ‬وفقدان‭ ‬الذاكرة‭ ‬النهائي،‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬في‭ ‬الدوائر‭ ‬الطبية‭ ‬متلازمة Acquired Irreversible Amnesia Syndrome .

وهذا‭ ‬السيندروم‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬نشوء‭ ‬مشكلة‭ ‬مثلث‭ ‬حلايب‭ ‬بين‭ ‬مصر‭ ‬والسودان،‭ ‬فلعشرات‭ ‬السنين،‭ ‬وتحت‭ ‬تأثير‭ ‬الفول‭ ‬نسي‭ ‬البلدان‭ ‬وجود‭ ‬رقعة‭ ‬من‭ ‬الأرض‭ ‬تحمل‭ ‬اسم‭ ‬حلايب‭. ‬فظلت‭ ‬مجهولة‭ ‬الانتماء،‭ ‬ثم‭ ‬زاد‭ ‬الطلب‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭ ‬على‭ ‬الفول‭ ‬لإطعام‭ ‬الخيول‭ (‬الفول‭ ‬اسمه‭ ‬بالإنجليزية Horse Beans‭ ‬أي‭ ‬باقلاء‭ ‬الخيل‭) ‬وحدث‭ ‬شح‭ ‬في‭ ‬الفول‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬والسودان‭ ‬فاستيقظت‭ ‬الحواس‭ ‬في‭ ‬شطري‭ ‬وادي‭ ‬النيل‭ ‬وبدأ‭ ‬كل‭ ‬طرف‭ ‬يصيح‭ ‬‮«‬حلايب‭ ‬بتاعتي‮»‬،‭ ‬وما‭ ‬فاقم‭ ‬المشكلة‭ ‬أن‭ ‬حلايب‭ ‬نفسها‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬أورام‭ ‬خبيثة،‭ ‬بحكم‭ ‬وقوعها‭ ‬قرب‭ ‬مدار‭ ‬السرطان‭ ‬فكان‭ ‬أن‭ ‬تعرضت‭ ‬للإهمال‭ ‬وظهرت‭ ‬على‭ ‬تضاريسها‭ ‬البثور‭ ‬والتلال‭ ‬والرمال‭.‬

الغريب‭ ‬في‭ ‬الأمر‭ ‬أن‭ ‬معظم‭ ‬الادلة‭ ‬والبراهين‭ ‬على‭ ‬قدرات‭ ‬الفول‭ ‬الخارقة‭ ‬في‭ ‬توليد‭ ‬الغازات‭ ‬أعلنت‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬باحثين‭ ‬مصريين‭ ‬وسودانيين‭ ‬من‭ ‬عملاء‭ ‬الاستعمار‭ ‬والصهيونية‭. ‬وأعتقد‭ ‬أن‭ ‬مصاب‭ ‬السودان‭ ‬أكبر‭. ‬فالمصريون‭ ‬يأكلون‭ ‬الفول‭ ‬بالزيت‭ ‬و‭.. ‬بس،‭ ‬أما‭ ‬أهلي‭ ‬في‭ ‬السودان‭ ‬فإنهم‭ ‬يضيفون‭ ‬إليه‭ ‬الجبن‭ ‬والطعمية‭ (‬الفلافل‭) ‬والطماطم‭ ‬والثوم‭ ‬ومخلل‭ ‬الباذنجان‭ ‬والبصل‭ ‬والشطة،‭ ‬ولأنهم‭ ‬يعرفون‭ ‬تأثير‭ ‬الفول‭ ‬الضار‭ ‬بالقوى‭ ‬العقلية‭ ‬فإنهم‭ ‬يتناولون‭ ‬تلك‭ ‬الخلطة‭ ‬العجيبة‭ ‬المنسوبة‭ ‬إلى‭ ‬الفول‭ ‬زورا‭ ‬وبهتانا،‭ ‬في‭ ‬ساعة‭ ‬متأخرة‭ ‬من‭ ‬الليل،‭ ‬وبمجرد‭ ‬أن‭ ‬يفرغ‭ ‬الواحد‭ ‬منهم‭ ‬من‭ ‬الأكل‭ ‬يقول‭ ‬لأصحابه‭ (‬تصبحون‭ ‬على‭ ‬خخخخخ‭) ‬تضيع‭ ‬منه‭ ‬الكلمة‭ ‬ويروح‭ ‬في‭ ‬نومة‭. ‬وبسبب‭ ‬القدرة‭ ‬التنويمية‭ ‬للفول‭ ‬فإن‭ ‬استخدام‭ ‬الحبوب‭ ‬المنومة‭ ‬غير‭ ‬متفش‭ ‬في‭ ‬السودان‭ ‬ومصر‭.‬

وعوداً‭ ‬على‭ ‬بدء‭ ‬أقول‭ ‬إن‭ ‬أخطر‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬الفول‭ ‬هو‭ ‬قدرته‭ ‬العجيبة‭ ‬على‭ ‬توليد‭ ‬الغازات،‭ ‬ولأن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬معتادة‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬ترمي‭ ‬غيرها‭ ‬بدائها‭ ‬وتنسلّ‭ ‬فليس‭ ‬بعيداً‭ ‬أن‭ ‬تلوي‭ ‬ذراع‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لإرغامها‭ ‬على‭ ‬تشكيل‭ ‬قوة‭ ‬دولية‭ ‬لتدمير‭ ‬حقول‭ ‬الفول‭ ‬في‭ ‬وادي‭ ‬النيل‭ ‬باعتبارها‭ ‬مصدر‭ ‬الخطر‭ ‬الأول‭ ‬على‭ ‬طبقة‭ ‬الاوزون‭ (‬بالمناسبة‭ ‬متى‭ ‬ظهر‭ ‬هذا‭ ‬الأوزون‭ ‬اللعين‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬نسمع‭ ‬به‭ ‬على‭ ‬عهد‭ ‬الدراسة؟‭). ‬وبما‭ ‬ان‭ ‬الشيء‭ ‬بالشيء‭ ‬يذكر‭ ‬فلا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬تذكير‭ ‬عرب‭ ‬شرق‭ ‬البحر‭ ‬المتوسط‭ ‬الذين‭ ‬يدمنون‭ ‬أكل‭ ‬الباذنجان‭ ‬بأن‭ ‬الابحاث‭ ‬الطبية‭ ‬أثبتت‭ ‬أن‭ ‬الباذنجان‭ ‬يساعد‭ ‬على‭ ‬انتشار‭ ‬الاورام‭ ‬في‭ ‬جسم‭ ‬المصاب‭ ‬سواء‭ ‬كانت‭ ‬تلك‭ ‬الاورام‭ ‬حميدة‭ ‬أو‭ ‬شريرة‭. ‬وقد‭ ‬أسعدني‭ ‬التحذير‭ ‬من‭ ‬تعاطي‭ ‬الباذنجان‭ ‬لأنني‭ ‬أكره‭ ‬تلك‭ ‬الثمرة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬كرهي‭ ‬للرئيس‭ ‬الروسي‭ ‬الأسبق‭ ‬بوريس‭ ‬يلتسن‭ ‬الذي‭ ‬نفق‭ ‬بسبب‭ ‬إدمان‭ ‬خمر‭ ‬الفودكا‭ ‬وكانت‭ ‬تقاطيع‭ ‬وجهه‭ ‬تعطي‭ ‬الانطباع‭ ‬بأنه‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬إمساك‭ ‬مزمن‭. ‬وأهل‭ ‬السودان‭ ‬عموماً‭ ‬يسمون‭ ‬الباذنجان‭ ‬‮«‬البراطيش‮»‬‭ ‬ومفردها‭ ‬‮«‬برطوش‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬نعل‭ ‬الحذاء‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يبق‭ ‬فيه‭ ‬موضع‭ ‬لمسمار‭. ‬وأكثر‭ ‬ما‭ ‬يغيظني‭ ‬في‭ ‬أهل‭ ‬شرق‭ ‬المتوسط‭ ‬أنهم‭ ‬يصنعون‭ ‬‮«‬بتاعا‮»‬‭ ‬من‭ ‬الباذنجان‭ ‬اسمه‭ ‬بابا‭ ‬غنوج‭ ‬بحق‭ ‬من‭ ‬رفع‭ ‬السماء‭ ‬ما‭ ‬الصلة‭ ‬بين‭ ‬الغنج‭ ‬والبراطيش؟

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا