العدد : ١٦٨٠٦ - الخميس ٢٨ مارس ٢٠٢٤ م، الموافق ١٨ رمضان ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٠٦ - الخميس ٢٨ مارس ٢٠٢٤ م، الموافق ١٨ رمضان ١٤٤٥هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

لماذا تقترب النهاية؟

عرضت‭ ‬أمس‭ ‬لبعض‭ ‬ما‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬تحليل‭ ‬مطول‭ ‬مهم‭ ‬نشرته‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬نيوزويك‮»‬‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬عددها‭ ‬الأخير‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭ ‬‮«‬نهاية‭ ‬القرن‭ ‬الأمريكي‭ ‬تبدأ‭ ‬من‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬يناقش‭ ‬التغيرات‭ ‬السريعة‭ ‬التي‭ ‬يشهدها‭ ‬العالم‭ ‬وانهيار‭ ‬النظام‭ ‬العالمي‭ ‬الذي‭ ‬هيمنت‭ ‬عليه‭ ‬أمريكا‭ ‬والغرب‭.‬

غير‭ ‬ما‭ ‬ذكرته‭ ‬أمس،‭ ‬يعرض‭ ‬التحليل‭ ‬لآراء‭ ‬ثلاثة‭ ‬من‭ ‬كبار‭ ‬الخبراء‭ ‬من‭ ‬الصين،‭ ‬والوطن‭ ‬العربي،‭ ‬وأمريكا،‭ ‬كلهم‭ ‬يناقشون‭ ‬قضية‭ ‬أساسية‭ ‬هي‭: ‬لماذا‭ ‬ينهار‭ ‬دور‭ ‬أمريكا‭ ‬في‭ ‬النظام‭ ‬العالمي؟‭ ‬وما‭ ‬هي‭ ‬الأسباب‭ ‬وراء‭ ‬ذلك؟‭ ‬ولماذا‭ ‬بالمقابل‭ ‬تصعد‭ ‬قوى‭ ‬عالمية‭ ‬مثل‭ ‬الصين‭ ‬وغيرها؟

هونجدا‭ ‬فان،‭ ‬خبير‭ ‬صيني‭ ‬كبير‭ ‬وأستاذ‭ ‬لدراسات‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬شنغهاي،‭ ‬تحدث‭ ‬عن‭ ‬أسباب‭ ‬صعود‭ ‬الصين‭ ‬وتراجع‭ ‬الدور‭ ‬الأمريكي‭ ‬بالمقابل‭. ‬قال‭: ‬‮«‬الصين‭ ‬استعدت‭ ‬لهذه‭ ‬اللحظة‭ ‬منذ‭ ‬سنين‭ ‬طويلة‭.. ‬منذ‭ ‬عهد‭ ‬الإصلاح‭ ‬والانفتاح‭ ‬في‭ ‬سبعينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭. ‬منذ‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت،‭ ‬تعمل‭ ‬الصين‭ ‬على‭ ‬تعميق‭ ‬علاقاتها‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬الأخرى‭ ‬على‭ ‬أسس‭ ‬من‭ ‬الاحترام‭ ‬المتبادل‭ ‬والمصالح‭ ‬المشتركة‭. ‬الصين‭ ‬لم‭ ‬تدخل‭ ‬في‭ ‬صراعات‭ ‬مع‭ ‬الدول‭ ‬الأخرى‭ ‬منذ‭ ‬عقود،‭ ‬وليس‭ ‬لها‭ ‬أعداء‭ ‬كثيرون‭ ‬في‭ ‬العالم‭. ‬وقد‭ ‬وفر‭ ‬هذا‭ ‬للصين‭ ‬بيئة‭ ‬مواتية‭ ‬للتنمية،‭ ‬وأقامت‭ ‬علاقات‭ ‬تجارية‭ ‬واسعة‭ ‬مع‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬130‭ ‬بلدا‭ ‬ووثقت‭ ‬علاقاتها‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬القارات‮»‬‭.‬

ويرى‭ ‬الخبير‭ ‬الصيني‭ ‬أنه‭ ‬بالمقابل‭ ‬فإن‭ ‬أمريكا‭ ‬لم‭ ‬تحترم‭ ‬مصالح‭ ‬وخصوصيات‭ ‬حتى‭ ‬حلفائها،‭ ‬وتجاهلت‭ ‬الاحتياجات‭ ‬التنموية‭ ‬لدول‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭. ‬ودلل‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬بالقول‭ ‬إن‭ ‬السعودية‭ ‬مثلا‭ ‬تسعى‭ ‬لتحويل‭ ‬النفوذ‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الطاقة‭ ‬إلى‭ ‬رأس‭ ‬مال‭ ‬جيوسياسي‭. ‬هذا‭ ‬المسعى‭ ‬السعودي‭ ‬قابلته‭ ‬أمريكا‭ ‬بالرفض،‭ ‬وبشكل‭ ‬حاد‭ ‬ومستفز‭ ‬عندما‭ ‬قام‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬بايدن‭ ‬بتوجيه‭ ‬تحذيرات‭ ‬من‭ ‬تبعات‭ ‬خطيرة‭ ‬عندما‭ ‬قامت‭ ‬بتخفيض‭ ‬إنتاج‭ ‬النفط‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬منظمة‭ ‬أوبك‭. ‬

محمد‭ ‬الصبان،‭ ‬مستشار‭ ‬سابق‭ ‬لوزير‭ ‬الطاقة‭ ‬السعودي،‭ ‬تحدث‭ ‬لـ«نيوزويك‮»‬‭ ‬عن‭ ‬رأيه‭ ‬في‭ ‬سبب‭ ‬تراجع‭ ‬أمريكا‭ ‬وعن‭ ‬الموقف‭ ‬السعودي‭.‬

قال‭: ‬‮«‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬مازالت‭ ‬تعتقد‭ ‬أنها‭ ‬القطب‭ ‬الوحيد‭ ‬في‭ ‬العالم‭. ‬هذا‭ ‬ليس‭ ‬صحيحا‭. ‬العالم‭ ‬أصبح‭ ‬فعليا‭ ‬متعدد‭ ‬الأقطاب‭. ‬هناك‭ ‬الصين‭ ‬وروسيا‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والاتحاد‭ ‬الأوروبي،‭ ‬وهناك‭ ‬أيضا‭ ‬السعودية‮»‬‭.‬

ويقول‭: ‬‮«‬إصرار‭ ‬أمريكا‭ ‬على‭ ‬اتباع‭ ‬سياسة‭ ‬أحادية‭ ‬والتصرف‭ ‬كدولة‭ ‬مهيمنة‭ ‬ليس‭ ‬مقبولا‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬دولة‭ ‬تحترم‭ ‬نفسها‭ ‬وسيادتها‭. ‬السعودية‭ ‬تصر‭ ‬على‭ ‬اتخاذ‭ ‬قراراتها‭ ‬بما‭ ‬يخدم‭ ‬مصالحها‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والسياسية،‭ ‬ولا‭ ‬يعنيها‭ ‬آراء‭ ‬ومواقف‭ ‬الآخرين‮»‬‭.‬

جاك‭ ‬ماتلوك،‭ ‬آخر‭ ‬سفير‭ ‬أمريكي‭ ‬لدى‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي،‭ ‬تحدث‭ ‬بدوره‭ ‬عن‭ ‬أسباب‭ ‬انهيار‭ ‬النفوذ‭ ‬الأمريكي‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬ووجه‭ ‬انتقادات‭ ‬حادة‭ ‬إلى‭ ‬مواقف‭ ‬وسياسات‭ ‬أمريكا‭.‬

قال‭: ‬‮«‬بعض‭ ‬الدبلوماسيين‭ ‬يرون‭ ‬أنه‭ ‬بعد‭ ‬30‭ ‬عاما‭ ‬من‭ ‬سقوط‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬فإن‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬والعالم‭ ‬عموما‭ ‬يبين‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬رغم‭ ‬قوتها‭ ‬العسكرية‭ ‬والمالية‭ ‬والثقافية‭ ‬فقدت‭ ‬جاذبيتها‭ ‬في‭ ‬أغلب‭ ‬العالم‭. ‬المثال‭ ‬الذي‭ ‬نقدمه‭ ‬للعالم‭ ‬اليوم‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬جذابا‮»‬‭.‬

ويتطرق‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬آخر‭ ‬ويقول‭: ‬‮«‬أمريكا‭ ‬تصور‭ ‬الصراع‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬صراع‭ ‬بين‭ ‬الديمقراطية‭ ‬والاستبداد‭. ‬لكن‭ ‬الحادث‭ ‬أن‭ ‬الاعتبارات‭ ‬الآيديولوجية‭ ‬وطبيعة‭ ‬نظام‭ ‬الحكم‭ ‬وشكل‭ ‬الحكومات‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬تهم‭ ‬كثيرا‮»‬‭.‬

ويضيف‭: ‬‮«‬كي‭ ‬يكون‭ ‬لدينا‭ ‬عالم‭ ‬يعم‭ ‬فيه‭ ‬السلام‭ ‬ومزدهر‭ ‬وقادر‭ ‬على‭ ‬مواجهة‭ ‬تحديات‭ ‬مثل‭ ‬التحديات‭ ‬البيئية،‭ ‬والإرهاب‭ ‬والعنف،‭ ‬والنزوح،‭ ‬والأوبئة،‭ ‬ويتجنب‭ ‬اندلاع‭ ‬حرب‭ ‬نووية‭ ‬واستخدام‭ ‬أسلحة‭ ‬دمار‭ ‬شامل،‭ ‬فإننا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نتعامل‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬باحترام‮»‬‭.‬

ويلخص‭ ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬نظره‭ ‬التفكير‭ ‬الأمريكي‭ ‬الخاطئ‭ ‬في‭ ‬الشؤون‭ ‬العالمية‭ ‬بالقول‭: ‬‮«‬المشكلة‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬مازالت‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬اعتقاد‭ ‬قديم‭ ‬مؤداه‭ ‬أن‭ ‬أمريكا‭ ‬تمتلك‭ ‬المعرفة‭ ‬والقوة‭ ‬الكفيلة‭ ‬بتغيير‭ ‬العالم‭ ‬كما‭ ‬تريد،‭ ‬وأن‭ ‬استخدامها‭ ‬للقوة‭ ‬العسكرية‭ ‬والهيمنة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬كفيل‭ ‬بتغيير‭ ‬المجتمعات‮»‬‭.‬

هذا‭ ‬الاعتقاد‭ ‬الأمريكي‭ ‬يندرج‭ ‬في‭ ‬رأيه‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬التفكير‭ ‬الذي‭ ‬ساد‭ ‬فترة‭ ‬طويلة‭ ‬والذي‭ ‬يقوم‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬انهيار‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتي‭ ‬والنظام‭ ‬الشيوعي‭ ‬أثبت‭ ‬أن‭ ‬الرأسمالية‭ ‬والديمقراطية‭ ‬هي‭ ‬المستقبل‭ ‬الحتمي‭ ‬للبشرية‭ ‬وأن‭ ‬قيادتنا‭ ‬ضرورية‭ ‬لتغيير‭ ‬العالم‮»‬‭. ‬

ويعتبر‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬الأمريكي‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬كلها‭ ‬افتراضات‭ ‬خاطئة‭ ‬وزائفة‭ ‬وهذه‭ ‬أهداف‭ ‬مستحيلة‭ ‬التحقيق‭.‬

كما‭ ‬نرى،‭ ‬هؤلاء‭ ‬الخبراء‭ ‬يقدمون‭ ‬رؤيتهم‭ ‬لأسباب‭ ‬انهيار‭ ‬النظام‭ ‬العالمي‭ ‬الحالي‭ ‬القائم‭ ‬على‭ ‬هيمنة‭ ‬أمريكا‭ ‬والغرب،‭ ‬ولماذا‭ ‬تقترب‭ ‬نهاية‭ ‬هذا‭ ‬النظام‭.‬

للحديث‭ ‬بقية‭ ‬بإذن‭ ‬الله‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا