العدد : ١٦٨٣٢ - الثلاثاء ٢٣ أبريل ٢٠٢٤ م، الموافق ١٤ شوّال ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٣٢ - الثلاثاء ٢٣ أبريل ٢٠٢٤ م، الموافق ١٤ شوّال ١٤٤٥هـ

قضايا و آراء

قراءة في إجراءات «مجموعة السبع» لتعزيز التواصل مع دول «الجنوب العالمي»

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

الثلاثاء ٢٣ مايو ٢٠٢٣ - 02:00

اجتمعت‭ ‬‮«‬مجموعة‭ ‬السبع‮»‬،‭ ‬المؤلفة‭ ‬من‭ ‬‮«‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬والمملكة‭ ‬المتحدة،‭ ‬وفرنسا،‭ ‬وألمانيا،‭ ‬واليابان،‭ ‬وإيطاليا،‭ ‬وكندا،‭ ‬وبمشاركة‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‮»‬،‭ ‬بين‭ ‬19‭ ‬و21‭ ‬مايو‭ ‬2023،‭ ‬في‭ ‬قمتها‭ ‬السنوية‭ ‬في‭ ‬‮«‬هيروشيما‮»‬،‭ ‬باليابان؛‭ ‬لمناقشة‭ ‬مجموعة‭ ‬واسعة‭ ‬من‭ ‬الشؤون‭ ‬السياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬الدولية‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬توقع‭ ‬المراقبين‭ ‬أن‭ ‬تستأثر‭ ‬الاعتبارات‭ ‬المتعلقة‭ ‬بحرب‭ ‬أوكرانيا‭ ‬بمعظم‭ ‬الاهتمام،‭ ‬مع‭ ‬فرض‭ ‬عقوبات‭ ‬جديدة‭ ‬ضد‭ ‬روسيا؛‭ ‬فقد‭ ‬دارت‭ ‬نقاشات‭ ‬مهمة‭ ‬حول‭ ‬تغيير‭ ‬أوسع‭ ‬للنهج‭ ‬الجيوسياسي‭ ‬والمناخ‭ ‬الاقتصادي‭ ‬العالمي‭.‬

وفي‭ ‬تأييد‭ ‬لهذا،‭ ‬أشار‭ ‬المراقبون‭ ‬الغربيون‭ ‬إلى‭ ‬رد‭ ‬فعل‭ ‬دول‭ ‬الجنوب‭ ‬العالمي،‭ ‬حول‭ ‬القرارات‭ ‬والإعلانات‭ ‬الصادرة‭ ‬عن‭ ‬اجتماع‭ ‬اليابان،‭ ‬بشأن‭ ‬الأمن‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬باعتباره‭ ‬أحد‭ ‬الأبعاد‭ ‬المهمة‭ ‬لهذه‭ ‬القمة،‭ ‬ونظرًا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الغرب‭ ‬يسعى‭ ‬إلى‭ ‬إقناع‭ ‬دول‭ ‬عدم‭ ‬الانحياز‭ ‬في‭ ‬آسيا‭ ‬وإفريقيا‭ ‬والشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬بالوقوف‭ ‬إلى‭ ‬جانبه‭ ‬في‭ ‬سياساته‭ ‬تجاه‭ ‬روسيا‭ ‬والصين‭. ‬ومع‭ ‬استمرار‭ ‬معاناة‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمي‭ ‬أيضًا‭ ‬من‭ ‬الآثار‭ ‬طويلة‭ ‬المدى‭ ‬لوباء‭ ‬كورونا،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬الصدمة‭ ‬من‭ ‬اندلاع‭ ‬حرب‭ ‬أوكرانيا؛‭ ‬فقد‭ ‬حثت‭ ‬مجموعة‭ ‬الأزمات‭ ‬الدولية،‭ ‬دول‭ ‬المجموعة‭ ‬على‭ ‬اغتنام‭ ‬الفرصة‭ ‬لإظهار‭ ‬قدرتها‭ ‬على‭ ‬مساعدة‭ ‬بقية‭ ‬العالم‭.‬

وبالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬الأهداف‭ ‬الأساسية‭ ‬للقمة‭ ‬المتمثلة‭ ‬في‭ ‬إعادة‭ ‬تأكيد‭ ‬الدعم‭ ‬لأوكرانيا،‭ ‬ومواجهة‭ ‬التهديدات‭ ‬للأمن‭ ‬المتبادل،‭ ‬وتعزيز‭ ‬التعاون‭ ‬الاقتصادي‭ ‬خلال‭ ‬الاجتماعات،‭ ‬فقد‭ ‬رأت‭ ‬مجموعة‭ ‬الأزمات‭ ‬الدولية،‭ ‬أن‭ ‬الدول‭ ‬الصناعية‭ ‬السبع‭ ‬الكبرى،‭ ‬بدأت‭ ‬تفكر‭ ‬في‭ ‬كيفية‭ ‬إيصال‭ ‬رسائلهم‭ ‬إلى‭ ‬مختلف‭ ‬الشعوب‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الدول‭ ‬في‭ ‬آسيا‭ ‬وإفريقيا‭ ‬والشرق‭ ‬الأوسط‭.‬

وفي‭ ‬إطار‭ ‬المداولات‭ ‬الداخلية‭ ‬للمجموعة،‭ ‬سجلت‭ ‬ماريان‭ ‬بيتسنجر،‭ ‬من‭ ‬المعهد‭ ‬الملكي‭ ‬للشؤون‭ ‬الدولية،‭ ‬أن‭ ‬الأمن‭ ‬الاقتصادي‭ ‬كان‭ ‬هو‭ ‬الموضوع‭ ‬الرئيسي‭ ‬للقمة،‭ ‬مع‭ ‬حرص‭ ‬اليابان‭ - ‬القوة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬في‭ ‬شرق‭ ‬آسيا‭- ‬على‭ ‬تعزيز‭ ‬التعاون‭ ‬الدولي‭ ‬لدعم‭ ‬سياسات‭ ‬الأمن‭ ‬الاقتصادي‭ ‬المزدهرة،‭ ‬مستشهدة‭ ‬بحضور‭ ‬الصين‭ ‬المتزايد،‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬الأسواق‭ ‬الدولية‭ ‬والمشهد‭ ‬الجيوسياسي،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬التداعيات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬للحرب‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭. ‬فيما‭ ‬لاحظت‭ ‬أن‭ ‬مفهوم‭ ‬الأمن‭ ‬الاقتصادي‭ ‬هو‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ -‬كما‭ ‬تم‭ ‬تسميته‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬في‭ ‬استراتيجية‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬الأمريكي‭ ‬عام‭ ‬2017‭- ‬أصبح‭ ‬الآن‭ ‬معتمدا‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الاقتصادات‭ ‬المتقدمة‭ ‬في‭ ‬العالم‭.‬

وتأكيدًا‭ ‬لهذا‭ ‬التحليل،‭ ‬عند‭ ‬تحديث‭ ‬المراجعة‭ ‬المتكاملة‭ ‬للحكومة‭ ‬البريطانية،‭ ‬في‭ ‬مارس‭ ‬2023،‭ ‬حثت‭ ‬على‭ ‬صياغة‭ ‬تدابير‭ ‬أكثر‭ ‬قوة‭ ‬لتعزيز‭ ‬الأمن‭ ‬الاقتصادي‭ ‬للمملكة‭ ‬المتحدة،‭ ‬عبر‭ ‬هيئة‭ ‬وطنية‭ ‬جديدة‭ - ‬مركز‭ ‬حماية‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬الوطنية‭- ‬لأمن‭ ‬سلاسل‭ ‬التوريد‭ ‬والتواصل‭ ‬مع‭ ‬الحلفاء‭ ‬والشركاء‭. ‬وبالمثل،‭ ‬أشارت‭ ‬جورجينا‭ ‬رايت،‭ ‬من‭ ‬معهد‭ ‬مونتين،‭ ‬إلى‭ ‬الطريقة‭ ‬التي‭ ‬يقود‭ ‬بها‭ ‬الرئيس‭ ‬الفرنسي،‭ ‬إيمانويل‭ ‬ماكرون،‭ ‬سعيًا‭ ‬جديدًا‭ ‬عن‭ ‬الأمن‭ ‬الاقتصادي‭ ‬الأوروبي،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أعرب‭ ‬عن‭ ‬أسفه‭ ‬مؤخرًا‭ ‬بأن‭ ‬الكتلة‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تظل‭ ‬السوق‭ ‬الأخير‭ ‬المتبقي‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬سياسة‭ ‬صناعية‭. ‬

ووفقًا‭ ‬لـ«توم‭ ‬كيتينج‮»‬،‭ ‬من‭ ‬المعهد‭ ‬الملكي‭ ‬للخدمات‭ ‬المتحدة،‭ ‬فإن‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬أيضًا‭ ‬يفتقر‭ ‬إلى‭ ‬استراتيجية‭ ‬أمنية‭ ‬اقتصادية‭ ‬موثوقة،‭ ‬حيث‭ ‬يَظهر‭ ‬التفكير‭ ‬الجذري‭ ‬والعلاج‭ ‬فقط،‭ ‬عندما‭ ‬يتم‭ ‬الكشف‭ ‬عن‭ ‬نقاط‭ ‬الضعف‭ ‬وسن‭ ‬الإجراءات،‭ ‬وليس‭ ‬بشكل‭ ‬استباقي‭. ‬ولمعالجة‭ ‬هذه‭ ‬الفجوة؛‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬تعلن‭ ‬المفوضية‭ ‬الأوروبية،‭ ‬قريبا‭ ‬عن‭ ‬استراتيجية‭ ‬الأمن‭ ‬الاقتصادي‭ ‬الخاصة‭ ‬بها‭. ‬

ومن‭ ‬خلال‭ ‬القيام‭ ‬بذلك،‭ ‬لاحظت‭ ‬بيتسنجر،‭ ‬أن‭ ‬المشرعين‭ ‬الأوروبيين،‭ ‬يطورون‭ ‬مجموعة‭ ‬أدوات‭ ‬لتعزيز‭ ‬مرونة‭ ‬سلاسل‭ ‬التوريد،‭ ‬وضوابط‭ ‬التصدير،‭ ‬وتدقيق‭ ‬الاستثمار؛‭ ‬لمعالجة‭ ‬السياسات‭ ‬غير‭ ‬السوقية‭ ‬والإكراه‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬ولكن‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬واشنطن،‭ ‬تتبنى‭ ‬منطقا‭ ‬أكثر‭ ‬توسعًا‭ ‬للأمن‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬فإن‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬حذر‭ ‬من‭ ‬الإفراط‭ ‬في‭ ‬ظاهرة‭ ‬التوريق‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬نظرًا‭ ‬إلى‭ ‬تأثيراته‭ ‬المحتملة‭ ‬على‭ ‬التجارة‭ ‬والتعاون‭ ‬متعدد‭ ‬الأطراف‭.‬

وبالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬نقاط‭ ‬الاختلاف‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬الاقتصادية؛‭ ‬فقد‭ ‬سلطت‭ ‬القمة‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬استمرار‭ ‬الخلافات‭ ‬السياسية‭ ‬بين‭ ‬الأعضاء‭. ‬وبينما‭ ‬رأت‭ ‬مجموعة‭ ‬الأزمات‭ ‬الدولية،‭ ‬أن‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬أعطت‭ ‬مجموعة‭ ‬السبع،‭ ‬إحساسًا‭ ‬جديدًا‭ ‬بوجود‭ ‬هدف،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬طغت‭ ‬عليها‭ ‬مجموعة‭ ‬العشرين،‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الأهمية‭ ‬في‭ ‬الشؤون‭ ‬الجيوسياسية،‭ ‬خلال‭ ‬العقد‭ ‬ونصف‭ ‬العقد‭ ‬الماضيين؛‭ ‬فقد‭ ‬أشارت‭ ‬أيضًا‭ ‬إلى‭ ‬وجود‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬الاختلافات‭ ‬السياسية،‭ ‬والاستمرار‭ ‬في‭ ‬إحباط‭ ‬التعاون‭ ‬بين‭ ‬الحلفاء‭ ‬نتيجة‭ ‬الاختلاف‭ ‬في‭ ‬التفكير‭. ‬وفي‭ ‬حالة‭ ‬القمة‭ ‬الحالية،‭ ‬لاحظت‭ ‬كيف‭ ‬أن‭ ‬مبادرة‭ ‬أمريكية،‭ ‬لتشديد‭ ‬القيود‭ ‬التجارية‭ ‬على‭ ‬موسكو؛‭ ‬قوبلت‭ ‬باعتراضات‭ ‬من‭ ‬أوروبا‭ ‬واليابان،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬لقي‭ ‬اقتراح،‭ ‬نحو‭ ‬نزع‭ ‬السلاح‭ ‬النووي‭ ‬العالمي‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬اليابان،‭ ‬باستقبال‭ ‬فاتر‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬المسلحة‭ ‬نوويا‭.‬

وفيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالصين،‭ ‬نصحت‭ ‬بيتسنجر،‭ ‬بضرورة‭ ‬فهم‭ ‬الأمن‭ ‬الاقتصادي‭ ‬المتمركز‭ ‬حول‭ ‬بكين‭ ‬في‭ ‬القمة،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬الاهتمام‭ ‬بمكافحة‭ ‬الإكراه‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬وتعزيز‭ ‬مرونة‭ ‬سلاسل‭ ‬التوريد‭ ‬سيكون‭ ‬له‭ ‬فرصة‭ ‬أفضل‭ ‬للنجاح‭. ‬وفي‭ ‬شرحها‭ ‬للاختلافات‭ ‬داخل‭ ‬المجموعة،‭ ‬أوضحت،‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬تفضل‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬التحرك‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬استبعاد‭ ‬الصين‭ ‬من‭ ‬الأسواق‭ ‬الدولية؛‭ ‬فإن‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي،‭ ‬واليابان،‭ ‬يفضلان‭ ‬نهجًا‭ ‬حياديًا‭ ‬للجهات‭ ‬الفاعلة،‭ ‬وهو‭ ‬نهج‭ ‬يحدد‭ ‬المخاطر‭ ‬والتهديدات،‭ ‬لكنه‭ ‬يتجنب‭ ‬تحديد‭ ‬المنظمات‭ ‬أو‭ ‬الشركات‭ ‬الصينية‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬التحديد‭ ‬بالاسم؛‭ ‬لأن‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تصعيد‭ ‬الأعمال‭ ‬العدائية‭. ‬وعليه،‭ ‬فإنه‭ ‬في‭ ‬مسألة‭ ‬الأمن‭ ‬الاقتصادي‭ -‬التي‭ ‬تحظي‭ ‬دائما‭ ‬باهتمام‭ ‬واسع‭ ‬النطاق‭- ‬أوصت‭ ‬دول‭ ‬المجموعة،‭ ‬بتعظيم‭ ‬التعاون‭ ‬بين‭ ‬الأعضاء،‭ ‬والتركيز‭ ‬على‭ ‬تعزيز‭ ‬سلاسل‭ ‬التوريد‭ ‬ومكافحة‭ ‬الإكراه‭ ‬الاقتصادي‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬استمرار‭ ‬انقسام‭ ‬الاقتصادات‭ ‬المتقدمة‭ ‬فيما‭ ‬بينها‭ ‬حول‭ ‬القضايا‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والسياسية،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬اهتمامها‭ ‬المشترك‭ ‬باعتبارات‭ ‬الأمن‭ ‬الاقتصادي‭ ‬يعد‭ ‬عاملاً‭ ‬موحِّدًا‭. ‬وأوضحت‭ ‬بيتسنجر،‭ ‬أنه‭ ‬خلال‭ ‬القمة‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬اعتراف‭ ‬متزايد‭ ‬بأن‭ ‬تعزيز‭ ‬الأمن‭ ‬الاقتصادي‭ ‬يتطلب‭ ‬التعاون‭ ‬مع‭ ‬شركاء‭ ‬يتبنون‭ ‬ذات‭ ‬التفكير‭. ‬ويمتد‭ ‬هذا‭ ‬الهدف‭ ‬ليشمل‭ ‬دول‭ ‬عدم‭ ‬الانحياز،‭ ‬والتي‭ ‬يُشار‭ ‬إليها‭ ‬الآن‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المفكرين‭ ‬الغربيين‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬دول‭ ‬الجنوب‭ ‬العالمي،‭ ‬مع‭ ‬التركيز‭ ‬بشكل‭ ‬خاص‭ ‬على‭ ‬دول‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬اللاتينية‭ ‬وإفريقيا،‭ ‬وجنوب‭ ‬آسيا‭ ‬والمحيط‭ ‬الهادئ‭.‬

وانعكاسًا‭ ‬لهذا‭ ‬النهج،‭ ‬رأت‭ ‬بيتسنجر،‭ ‬أن‭ ‬مفهوم‭ ‬الأمن‭ ‬الاقتصادي‭ ‬يتجاوز‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬دائرة‭ ‬أعضاء‭ ‬مجموعة‭ ‬السبع‭. ‬وفي‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬قرار‭ ‬اليابان،‭ ‬بدعوة‭ ‬كوريا‭ ‬الجنوبية،‭ ‬وأستراليا،‭ ‬لحضور‭ ‬القمة‭ ‬بمثابة‭ ‬خطوة‭ ‬مرحب‭ ‬بها‭ ‬لربط‭ ‬النقاشات‭ ‬الأمنية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬المختلفة‭ ‬واللاعبين‭ ‬الرئيسيين‭ ‬بشكل‭ ‬أفضل؛‭ ‬فإنه‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬دفع‭ ‬أجندتها‭ ‬الاقتصادية‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬وراء‭ ‬الغرب‭ ‬وحلفائه،‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬دول‭ ‬المجموعة‭ ‬مستعدة‭ ‬للتطلع‭ ‬نحو‭ ‬مشاركة‭ ‬أفضل‭ ‬مع‭ ‬الجنوب‭ ‬العالمي‭. ‬

وفي‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬اليابان،‭ ‬من‭ ‬دورها‭ ‬كمضيف،‭ ‬وجهت‭ ‬دعوات‭ ‬إلى‭ ‬البرازيل،‭ ‬والهند،‭ ‬وفيتنام،‭ ‬وإندونيسيا‭ (‬ممثلين‭ ‬لرابطة‭ ‬دول‭ ‬جنوب‭ ‬شرق‭ ‬آسيا‭ - ‬آسيان‭)‬،‭ ‬وجزر‭ ‬القمر‭ (‬ممثلة‭ ‬الاتحاد‭ ‬الإفريقي‭)‬،‭ ‬وجزر‭ ‬كوك‭ (‬عن‭ ‬منتدى‭ ‬جزر‭ ‬المحيط‭ ‬الهادئ‭)‬؛‭ ‬فإنه‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬قمة‭ ‬الدول‭ ‬الصناعية‭ ‬السبع‭ ‬بشكل‭ ‬واضح‭ ‬ناديًا‭ ‬حصريًا،‭ ‬لأغنى‭ ‬اقتصادات‭ ‬العالم‭ ‬وأكثرها‭ ‬تقدمًا،‭ ‬مع‭ ‬عدم‭ ‬تقديم‭ ‬تمثيل‭ ‬للقوى‭ ‬الرائدة‭ ‬في‭ ‬الخليج،‭ ‬أو‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬بشكل‭ ‬أوسع،‭ ‬أو‭ ‬أوروبا‭ ‬الشرقية،‭ ‬أو‭ ‬شمال‭ ‬إفريقيا،‭ ‬أو‭ ‬آسيا‭ ‬الوسطى‭.‬

ووفقا‭ ‬لعديد‭ ‬من‭ ‬المحللين،‭ ‬فإن‭ ‬غياب‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬عن‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬المناقشات،‭ ‬يُعد‭ ‬أمر‭ ‬مهما‭. ‬وأقرت‭ ‬مجموعة‭ ‬الأزمات،‭ ‬بأن‭ ‬البلدان‭ ‬خارج‭ ‬المجموعة‭ ‬ألقت‭ ‬اللوم‭ ‬على‭ ‬الدول‭ ‬السبع،‭ ‬والدول‭ ‬الأخرى‭ ‬ذات‭ ‬الاقتصادات‭ ‬المتقدمة‭ ‬في‭ ‬تفاقم‭ ‬التضخم،‭ ‬وارتفاع‭ ‬أسعار‭ ‬السلع،‭ ‬وما‭ ‬ينتج‭ ‬عن‭ ‬الديون‭ ‬الحكومية‭ ‬الإضافية،‭ ‬وحاجة‭ ‬المسؤولين‭ ‬المجتمعين‭ ‬في‭ ‬القمة‭ ‬إلى‭ ‬إظهار‭ ‬الاستعداد‭ ‬لمواجهة‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬يواجهها‭ ‬بقية‭ ‬العالم،‭ ‬وليس‭ ‬تحديات‭ ‬دول‭ ‬المجموعة‭ ‬فقط‭. ‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬لاحظت‭ ‬بيتسنجر،‭ ‬أن‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الاعتراف‭ ‬بحد‭ ‬ذاته‭ ‬سيفيد‭ ‬الدول‭ ‬السبع،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬المشاركة‭ ‬السياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬الأفضل‭ ‬مع‭ ‬بلدان‭ ‬في‭ ‬آسيا‭ ‬وإفريقيا‭ ‬والشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وأمريكا‭ ‬اللاتينية،‭ ‬ستعمل‭ ‬على‭ ‬تخفيف‭ ‬المخاوف‭ ‬الحالية،‭ ‬بشأن‭ ‬مرونة‭ ‬سلسلة‭ ‬التوريد‭ ‬للمجموعة،‭ ‬وتسهيل‭ ‬حشد‭ ‬التمويل‭ ‬لاستثمارات‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬ودفع‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬التجارية‭.‬

وبينما‭ ‬أشارت‭ ‬صحيفة‭ ‬فاينانشال‭ ‬تايمز،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬كلا‭ ‬من‭ ‬اليابان،‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬ركزا‭ ‬خلال‭ ‬الاجتماع‭ ‬على‭ ‬القضايا‭ ‬الأمنية‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬المحيطين‭ ‬الهندي‭ ‬والهادئ،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬ضمان‭ ‬قدرة‭ ‬الدول‭ ‬على‭ ‬إظهار‭ ‬أكبر‭ ‬قدر‭ ‬ممكن‭ ‬من‭ ‬الوحدة‭ ‬في‭ ‬نهجها‭ ‬تجاه‭ ‬الصين،‭ ‬ودورها‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ -‬التي‭ ‬تمر‭ ‬بسلسلة‭ ‬من‭ ‬التغييرات‭ ‬الجيوسياسية‭ ‬الرئيسية،‭ ‬وربما‭ ‬أوضح‭ ‬مثال‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬الاتفاق‭ ‬الذي‭ ‬توسطت‭ ‬فيه‭ ‬بكين‭ ‬وأدى‭ ‬إلى‭ ‬إعادة‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬السعودية‭ ‬وإيران‭ ‬فقد‭ ‬أوضح‭ ‬جون‭ ‬آيرش،‭ ‬من‭ ‬وكالة‭ ‬رويترز،‭ ‬أن‭ ‬القمة‭ ‬عُقدت‭ ‬لتقييم‭ ‬استراتيجيتهم‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬ومحاولة‭ ‬إيجاد‭ ‬وسيلة‭ ‬لدرء‭ ‬التحولات‭ ‬الديناميكية‭ ‬التي‭ ‬تركتهم‭ ‬يتدافعون‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الاحتفاظ‭ ‬بالنفوذ‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬لطالما‭ ‬احتفظ‭ ‬الغرب‭ ‬بتأثير‭ ‬فيها‭ ‬بلا‭ ‬منازع‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬تركيز‭ ‬القمة‭ ‬على‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭ ‬والصين،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬أدلة‭ ‬على‭ ‬وضع‭ ‬المجموعة‭ ‬في‭ ‬اعتبارها‭ ‬قضايا‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬بشكل‭ ‬أكبر‭. ‬وفي‭ ‬أبريل‭ ‬2023،‭ ‬عقد‭ ‬وزراء‭ ‬خارجية‭ ‬دول‭ ‬مجموعة‭ ‬السبع،‭ ‬جلسة‭ ‬محادثات‭ ‬حول‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬أكد‭ ‬خلالها‭ ‬المسؤولون‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬اعتقادهم‭ ‬المشترك‭ ‬بأنه‭ ‬لا‭ ‬ينبغي‭ ‬السماح‭ ‬لإيران‭ ‬بتطوير‭ ‬أسلحة‭ ‬نووية،‭ ‬وضرورة‭ ‬استمرارها‭ ‬في‭ ‬الالتزام‭ ‬بشروط‭ ‬عدم‭ ‬الانتشار‭ ‬النووي‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فقد‭ ‬أشار‭ ‬آيرش،‭ ‬إلى‭ ‬استياء‭ ‬دبلوماسيين‭ ‬أوروبيين‭ ‬من‭ ‬إرهاق‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬على‭ ‬أيدي‭ ‬الأمريكيين،‭ ‬والذي‭ ‬كان‭ ‬له‭ ‬تأثير‭ ‬في‭ ‬ترك‭ ‬الباب‭ ‬مفتوحًا‭ ‬للآخرين‭ ‬لملء‭ ‬الفراغ؛‭ ‬وعلى‭ ‬الأخص‭ ‬الصين‭ ‬وروسيا‭. ‬وحتى‭ ‬خارج‭ ‬تنافس‭ ‬القوى‭ ‬العظمى،‭ ‬فإن‭ ‬الأهمية‭ ‬المتزايدة‭ ‬لقوى‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وتأثيرها‭ ‬وتشكيلها‭ ‬الشؤون‭ ‬العالمية،‭ ‬هي‭ ‬ديناميكية‭ ‬ركزت‭ ‬عليها‭ ‬القمة‭ ‬بشكل‭ ‬أفضل‭. ‬وتم‭ ‬توضيح‭ ‬الدليل‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬التحول‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬زيارة‭ ‬الرئيس‭ ‬الأوكراني،‭ ‬زيلينسكي‭ - ‬قبل‭ ‬سفره‭ ‬إلى‭ ‬اليابان‭- ‬إلى‭ ‬السعودية‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬لحضور‭ ‬قمة‭ ‬جامعة‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬جدة،‭ ‬بهدف‭ ‬تعزيز‭ ‬العلاقات‭ ‬الثنائية،‭ ‬وعلاقات‭ ‬أوكرانيا‭ ‬مع‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭.‬

على‭ ‬العموم،‭ ‬بينما‭ ‬أكدت‭ ‬مجموعة‭ ‬الأزمات‭ ‬الدولية،‭ ‬أن‭ ‬قمة‭ ‬الدول‭ ‬السبع‭ ‬الكبرى،‭ ‬تمثل‭ ‬عرضًا‭ ‬قويًا‭ ‬لوحدة‭ ‬الغرب،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬دليل‭ ‬أيضًا‭ ‬على‭ ‬وجود‭ ‬عدد‭ ‬لا‭ ‬يحصى‭ ‬من‭ ‬العقبات‭ ‬داخل‭ ‬المجموعة،‭ ‬بشأن‭ ‬التعاون‭ ‬السياسي‭ ‬والاقتصادي‭. ‬وبعيدًا‭ ‬عن‭ ‬عضويتها،‭ ‬أشار‭ ‬المحللون‭ ‬إلى‭ ‬الأهمية‭ ‬المتزايدة‭ ‬للقمة‭ ‬لما‭ ‬تقدمه‭ ‬من‭ ‬فرصة‭ ‬لدول‭ ‬عدم‭ ‬الانحياز‭ ‬في‭ ‬الجنوب‭ ‬العالمي،‭ ‬بشأن‭ ‬التصرف‭ ‬لما‭ ‬يخدم‭ ‬مصالحها‭ ‬أيضًا‭. ‬وبالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬تمت‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬تتصرف‭ ‬بتفرد‭ ‬جيوسياسي‭ ‬أكبر‭ ‬واستقلال‭ ‬عن‭ ‬الرغبات‭ ‬المعلنة‭ ‬للقوى‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والسياسية‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬لتأمين‭ ‬مصالحها‭ ‬الاستراتيجية،‭ ‬وخاصة‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تخلت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬عن‭ ‬دورها‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا