العدد : ١٦٨٢٨ - الجمعة ١٩ أبريل ٢٠٢٤ م، الموافق ١٠ شوّال ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٢٨ - الجمعة ١٩ أبريل ٢٠٢٤ م، الموافق ١٠ شوّال ١٤٤٥هـ

قضايا و آراء

أضواء على مؤتمر «أيوفي» للهيئات الشرعية (4)

بقلم: د. أسعد حمود السعدون

الثلاثاء ٢٣ مايو ٢٠٢٣ - 02:00

أكاديمي‭ ‬وخبير‭ ‬اقتصادي

ناقشت‭ ‬الجلسة‭ ‬السادسة‭ ‬لمؤتمر‭ ‬هيئة‭ ‬المحاسبة‭ ‬والمراجعة‭ ‬للمؤسسات‭ ‬المالية‭ ‬الإسلامية‭ (‬أيوفي‭) ‬للهيئات‭ ‬الشرعية‭ ‬السنوي‭ ‬الحادي‭ ‬والعشرين‭ ‬الذي‭ ‬عقد‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬المدة7‭-‬8‭/ ‬مايو‭/‬2023‭ ‬الموسومة‭ ‬‮«‬أثر‭ ‬الضرورة‭ ‬والحاجة‭ ‬في‭ ‬المعاملات‭ ‬الإسلامية‭ ‬المعاصرة‮»‬‭ ‬ثلاث‭ ‬أوراق‭: ‬الأولى‭ ‬أعدها‭ ‬فضيلة‭ ‬الأستاذ‭ ‬الدكتور‭ ‬إلياس‭ ‬دردور‭ ‬وتضمنت‭ ‬تمهيدا‭ ‬أوضح‭ ‬فيه‭ ‬الكاتب‭ ‬أن‭ ‬منطلق‭ ‬اعتماد‭ ‬مبدأ‭ ‬الضرورة‭ ‬والحاجة‭ ‬في‭ ‬المعاملات‭ ‬الإسلامية‭ ‬هو‭ ‬مبدأ‭ ‬السماحة‭ ‬والاعتدال‭ ‬الذي‭ ‬تتسم‭ ‬به‭ ‬الشريعة‭ ‬الإسلامية‭ ‬لأجل‭ ‬الرفق‭ ‬بالناس،‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬لأحد‭ ‬مسوغ‭ ‬ولا‭ ‬منفذ‭ ‬للأعراض‭ ‬عن‭ ‬الأحكام‭ ‬الإسلامية‭ ‬متذرعا‭ ‬بالعسر‭ ‬والضيق،‭ ‬لأن‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬وضع‭ ‬هذه‭ ‬الشريعة‭ ‬المباركة‭ ‬حنيفية‭ ‬سمحة‭ ‬سهلة‭ ‬راعى‭ ‬فيها‭ ‬طاقة‭ ‬الإنسان‭ ‬وإمكاناته،‭ ‬لذا‭ ‬فقد‭ ‬راعت‭ ‬الشريعة‭ ‬ظروف‭ ‬الناس‭ ‬وإمكاناتهم‭ ‬وما‭ ‬تفرضه‭ ‬عليهم‭ ‬الأوضاع‭ ‬الاستثنائية‭ ‬من‭ ‬حالات‭ ‬يعجز‭ ‬معها‭ ‬الإنسان‭ ‬عن‭ ‬الامتثال‭ ‬لأحكام‭ ‬الله‭ ‬كما‭ ‬أمر‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬الأحوال‭ ‬العادية،‭ ‬وعلى‭ ‬ضوء‭ ‬ذلك‭ ‬جاءت‭ ‬هذه‭ ‬الورقة‭ ‬البحثية‭ ‬متضمنة‭ ‬خمسة‭ ‬مباحث‭ ‬الأول‭ ‬بعنوان‭: ‬الضرورة‭ ‬مفهومها‭ ‬وأقسامها،‭ ‬والثاني‭ ‬بعنوان‭: ‬تنزيل‭ ‬الحاجة‭ ‬العامة‭ ‬منزلة‭ ‬الضرورة‭ ‬الخاصة،‭ ‬والثالث‭ ‬بعنوان‭: ‬مسالك‭ ‬الأصوليين‭ ‬في‭ ‬الخروج‭ ‬عن‭ ‬القواعد‭ ‬العامة‭ ‬لأجل‭ ‬الحاجة،‭ ‬والرابع‭ ‬بعنوان‭: ‬أثر‭ ‬القوانين‭ ‬والتشريعات‭ ‬الدولية‭ ‬في‭ ‬تسويق‭ ‬الخروج‭ ‬عن‭ ‬القواعد‭ ‬العامة‭ ‬للمعاملات‭ ‬المصرفية‭ ‬الإسلامية،‭ ‬والخامس‭ ‬بعنوان‭: ‬تطبيقات‭ ‬الحاجة‭ ‬والضرورة‭ ‬في‭ ‬المنتجات‭ ‬الحالية‭ ‬للمصرفية‭ ‬الإسلامية‭. ‬وأخيرا‭ ‬جاءت‭ ‬خاتمة‭ ‬الورقة‭ ‬لتجيب‭ ‬على‭ ‬سؤال‭: ‬هل‭ ‬للهيئة‭ ‬الشرعية‭ ‬للمؤسسة‭ ‬المالية‭ ‬الإسلامية‭ ‬أو‭ ‬الهيئة‭ ‬الشرعية‭ ‬المركزية‭ ‬أن‭ ‬تفتي‭ ‬بمقتضى‭ ‬الحاجة‭ ‬والضرورة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬التصريح‭ ‬بذلك‭ ‬في‭ ‬فتواها؟‭ ‬وقد‭ ‬أجاب‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬بالقول‭ ‬إن‭ ‬الفتوى‭ ‬إذا‭ ‬تعلقت‭ ‬بالضرورة‭ ‬العامة‭ ‬المطردة‭ ‬ففي‭ ‬الأمر‭ ‬متسع‭ ‬وذكر‭ ‬الدليل‭ ‬وعدمه‭ ‬لا‭ ‬يمثل‭ ‬إشكالا،‭ ‬ولكن‭ ‬إذا‭ ‬تعلقت‭ ‬الفتوى‭ ‬بالضرورة‭ ‬المؤقتة‭ ‬فينبغي‭ ‬ذكر‭ ‬دليل‭ ‬الحكم‭ ‬ومأخذه‭ ‬ما‭ ‬أمكن‭ ‬ذلك،‭ ‬وخاصة‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬الحكم‭ ‬مستغربا‭ ‬ومما‭ ‬لم‭ ‬تألفه‭ ‬النفوس،‭ ‬لذا‭ ‬ينبغي‭ ‬للهيئة‭ ‬أن‭ ‬تقدم‭ ‬ما‭ ‬يثبت‭ ‬صحة‭ ‬الإذن‭ ‬به،‭ ‬لاسيما‭ ‬أنه‭ ‬مقام‭ ‬ترخيص‭ ‬للممنوع‭ ‬وإباحة‭ ‬للمحرم‭ ‬لذا‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬الإفصاح‭ ‬عن‭ ‬مبررات‭ ‬الفتوى‭.‬

أما‭ ‬الورقة‭ ‬الثانية‭ ‬التي‭ ‬عرضت‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الجلسة‭ ‬بذات‭ ‬العنوان‭ ‬وأعدها‭ ‬فضيلة‭ ‬الدكتور‭ ‬أحمد‭ ‬بن‭ ‬محمد‭ ‬أمين‭ ‬حسن‭ ‬ورتبها‭ ‬على‭ ‬هيئة‭ ‬مقدمة‭ ‬ونتائج،‭ ‬وأشار‭ ‬في‭ ‬المقدمة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬مسألة‭ ‬الضرورة‭ ‬والحاجة‭ ‬تؤرقه‭ ‬منذ‭ ‬زمان‭ ‬بعيد،‭ ‬حيث‭ ‬يجعلها‭ ‬بعض‭ ‬المسلمين‭ ‬سبيلا‭ ‬للخروج‭ ‬من‭ ‬أحكام‭ ‬الشريعة‭ ‬ولو‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬حالهم‭ ‬قد‭ ‬أوصلهم‭ ‬إلى‭ ‬مرتبة‭ ‬الأحكام‭ ‬الاستثنائية‭. ‬

ومن‭ ‬النتائج‭ ‬التي‭ ‬توصل‭ ‬إليها‭ ‬الباحث‭ ‬في‭ ‬ورقته‭ ‬استعمال‭ ‬الفقهاء‭ ‬مصطلح‭ ‬الضرورة‭ ‬في‭ ‬حالتين،‭ ‬حالة‭ ‬الضرورة‭ ‬بالمعنى‭ ‬الخاص‭ ‬وهي‭ ‬الخوف‭ ‬من‭ ‬هلاك‭ ‬النفس‭ ‬أو‭ ‬تلف‭ ‬العضو،‭ ‬والحالة‭ ‬الأخرى‭ ‬الضرورة‭ ‬بمعناها‭ ‬العام‭ ‬وهذه‭ ‬تشمل‭ ‬الحاجة،‭ ‬وأطلقوا‭ ‬الضرورة‭ ‬على‭ ‬أحكام‭ ‬استثنائية‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬نوع‭ ‬فروع‭ ‬الحاجة‭ ‬وليست‭ ‬من‭ ‬فروع‭ ‬الضرورة‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬قبيل‭ ‬المجاز،‭ ‬واستعملوا‭ ‬مصطلح‭ ‬الحاجة‭ ‬على‭ ‬فروع‭ ‬داخلة‭ ‬في‭ ‬الضرورة‭ ‬وليس‭ ‬الحاجة‭ ‬من‭ ‬باب‭ ‬المصطلح‭ ‬لا‭ ‬غير‭. ‬أما‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬التطبيق‭ ‬العملي‭ ‬في‭ ‬الفروع‭ ‬الفقهية‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬المعنى‭ ‬دقيقا‭ ‬لدى‭ ‬الفقهاء‭ ‬فيما‭ ‬تبيحه‭ ‬الضرورة‭ ‬وتبيحه‭ ‬الحاجة،‭ ‬وأن‭ ‬ما‭ ‬تبيحه‭ ‬الضرورة‭ ‬مختلف‭ ‬عما‭ ‬تبيحه‭ ‬الحاجة‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬القاسم‭ ‬المشترك‭ ‬بين‭ ‬المصطلحين‭ ‬هو‭ ‬المشقة،‭ ‬كما‭ ‬ميز‭ ‬الباحث‭ ‬بين‭ ‬استخدام‭ ‬ضابط‭ ‬المشقة‭ ‬في‭ ‬العبادات‭ ‬والمعاملات،‭ ‬ففي‭ ‬العبادات‭ ‬يسند‭ ‬أمر‭ ‬المشقة‭ ‬إلى‭ ‬المكلف‭ ‬نفسه‭ ‬مثل‭ ‬عدم‭ ‬قدرة‭ ‬المريض‭ ‬على‭ ‬القيام‭ ‬في‭ ‬الصلاة،‭ ‬وأما‭ ‬في‭ ‬المعاملات‭ ‬فيسند‭ ‬أمر‭ ‬المشقة‭ ‬إلى‭ ‬العرف،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬الشريعة‭ ‬لا‭ ‬تشرع‭ ‬أحكاما‭ ‬فقهية‭ ‬في‭ ‬المعاملات‭ ‬المالية‭ ‬لكل‭ ‬فرد‭. ‬أما‭ ‬الحاجة‭ ‬الخاصة‭ ‬فتكون‭ ‬لأهل‭ ‬بلدة‭ ‬أو‭ ‬فئة‭ ‬من‭ ‬أصحاب‭ ‬المهن‭ ‬والحرف‭ ‬والتجارات،‭ ‬حيث‭ ‬يتعارفون‭ ‬على‭ ‬أمر‭ ‬يخالف‭ ‬القواعد‭ ‬العامة‭ ‬في‭ ‬المعاملات‭ ‬المالية‭ ‬فيقعون‭ ‬في‭ ‬حرج‭ ‬عند‭ ‬التزامهم‭ ‬بالقواعد‭ ‬العامة‭ ‬فتشرع‭ ‬لهم‭ ‬أحكام‭ ‬استثنائية‭ ‬بمقتضى‭ ‬الحاجة‭ ‬تحقيقا‭ ‬للتيسير‭ ‬الذي‭ ‬أراده‭ ‬الباري‭ ‬عز‭ ‬وجل،‭ ‬كما‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬المعقول‭ ‬إلزام‭ ‬عامة‭ ‬الناس‭ ‬بعرف‭ ‬انفرد‭ ‬به‭ ‬أهل‭ ‬بلدة‭.‬

وختمت‭ ‬الورقة‭ ‬بمجموعة‭ ‬من‭ ‬التوصيات‭ ‬منها‭ ‬دعوة‭ ‬هيئة‭ ‬المحاسبة‭ ‬والمراجعة‭ ‬للمؤسسات‭ ‬المالية‭ ‬والمصرفية‭ ‬الإسلامية‭ ‬إلى‭ ‬إصدار‭ ‬معيار‭ ‬للضرورة‭ ‬والحاجة‭ ‬يبين‭ ‬حقيقتهما‭ ‬ويذكر‭ ‬أحكامهما‭ ‬فيما‭ ‬يمكن‭ ‬الخروج‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬القواعد‭ ‬العامة‭ ‬حال‭ ‬الضرورة‭ ‬والحاجة‭.‬

أما‭ ‬الورقة‭ ‬الأخيرة‭ ‬التي‭ ‬نوقشت‭ ‬في‭ ‬الجلسة‭ ‬الأخيرة‭ ‬للمؤتمر‭ ‬والتي‭ ‬أعدها‭ ‬فضيلة‭ ‬الشيخ‭ ‬علي‭ ‬بن‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬محمد‭ ‬نور‭ ‬فقد‭ ‬قسمت‭ ‬إلى‭ ‬ثلاثة‭ ‬مباحث‭ ‬الأول‭ ‬بعنوان‭: ‬مفهوم‭ ‬الضرورة‭ ‬والحاجة،‭ ‬والثاني‭ ‬بعنوان‭: ‬التأصيل‭ ‬لفقه‭ ‬الضرورة‭ ‬والحاجة‭ ‬في‭ ‬المعاملات‭ ‬المالية،‭ ‬والثالث‭ ‬بعنوان‭: ‬تطبيقات‭ ‬معاصرة‭ ‬لفقه‭ ‬الضرورة‭ ‬والحاجة‭ ‬في‭ ‬المعاملات‭ ‬المعاصرة‭. ‬

وفي‭ ‬الخاتمة‭ ‬قام‭ ‬الباحث‭ ‬بتلخيص‭ ‬ما‭ ‬تناوله‭ ‬في‭ ‬المتن‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا