العدد : ١٦٨٠٧ - الجمعة ٢٩ مارس ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ رمضان ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٠٧ - الجمعة ٢٩ مارس ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ رمضان ١٤٤٥هـ

قضايا و آراء

اتجاهات السياسة التركية بعد حسم «الانتخابات الرئاسية»

بقلم: د. نبيل العسومي {

الاثنين ٢٢ مايو ٢٠٢٣ - 02:00

انتهت‭ ‬الجولة‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬الانتخابات‭ ‬التركية‭ ‬بعدم‭ ‬تمكن‭ ‬أي‭ ‬مرشح‭ ‬من‭ ‬المرشحين‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬النسبة‭ ‬المطلوبة‭ ‬للفوز‭ ‬بالرئاسة‭ ‬وهي‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬50%‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬الرئيس‭ ‬الحالي‭ ‬المنتهية‭ ‬ولايته‭ ‬رجب‭ ‬طيب‭ ‬أردوغان‭ ‬مرشح‭ ‬حزب‭ ‬العدالة‭ ‬والتنمية‭ ‬قد‭ ‬حصل‭ ‬على‭ ‬المركز‭ ‬الأول‭ ‬بنسبة‭ ‬كبيرة‭ ‬قاربت‭ ‬50% اي‭ ‬49‭.‬51%‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬لم‭ ‬يتجاوز‭ ‬مرشح‭ ‬المعارضة‭ ‬ومنافس‭ ‬أردوغان‭ ‬الرئيسي‭ ‬كمال‭ ‬كليتشدار‭ ‬أوغلو‭ ‬نسبة‭ ‬44‭.‬88%‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬التحالفات‭ ‬التي‭ ‬ضمت‭ ‬أحزابا‭ ‬تركية‭ ‬معارضة‭ ‬من‭ ‬القوى‭ ‬التي‭ ‬تسعى‭ ‬إلى‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬السلطة‭ ‬وحكم‭ ‬البلاد‭ ‬لتغيير‭ ‬وجه‭ ‬تركيا‭ ‬سياسيا‭ ‬واقتصاديا‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭.‬

وقادت‭ ‬هذه‭ ‬النتيجة‭ ‬غير‭ ‬الحاسمة‭ ‬إلى‭ ‬الجولة‭ ‬الثانية‭ ‬لهذه‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬المقرر‭ ‬أن‭ ‬تحسم‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬الثامن‭ ‬والعشرين‭ ‬من‭ ‬مايو‭ ‬الجاري‭ ‬ولا‭ ‬ندري‭ ‬ما‭ ‬ستكون‭ ‬عليه‭ ‬النتيجة‭ ‬لأسباب‭ ‬عديدة‭ ‬أهمها‭ ‬نتيجة‭ ‬تغيير‭ ‬التحالفات‭ ‬الداخلية‭ ‬والحزبية‭ ‬والمناطقية‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬الرئيس‭ ‬الحالي‭ ‬أردوغان‭ ‬هو‭ ‬الأوفر‭ ‬حظا‭ ‬بحسب‭ ‬التوقعات‭ ‬الإعلامية‭ ‬في‭ ‬الداخل‭ ‬والخارج‭.‬

إن‭ ‬هذه‭ ‬الانتخابات‭ ‬ونتائجها‭ ‬النهائية‭ ‬سوف‭ ‬يكون‭ ‬لها‭ ‬أثر‭ ‬حاسم‭ ‬قد‭ ‬يغير‭ ‬من‭ ‬وجه‭ ‬تركيا‭ ‬وسياستها‭ ‬وتحالفاتها‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬التاريخية‭ ‬الحرجة‭ ‬ويمكننا‭ ‬هنا‭ ‬أن‭ ‬نرصد‭ ‬ثلاثة‭ ‬جوانب‭ ‬مهمة‭ ‬يدور‭ ‬حولها‭ ‬تداعيات‭ ‬نتائج‭ ‬الانتخابات‭ ‬بوجه‭ ‬خاص‭:‬

أولا‭: ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬التوجهات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬فمن‭ ‬المحتمل‭ ‬إذا‭ ‬فاز‭ ‬الرئيس‭ ‬الحالي‭ ‬رجب‭ ‬طيب‭ ‬أردوغان‭ ‬أن‭ ‬يجني‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬المكاسب‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والتجارية‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬علاقته‭ ‬بروسيا‭ ‬الاتحادية‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬والدول‭ ‬العربية‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬ثانية‭ ‬لصالح‭ ‬تعزيز‭ ‬وضع‭ ‬تركيا‭ ‬وميزانها‭ ‬التجاري‭ ‬وتحويلها‭ ‬إلى‭ ‬مركز‭ ‬رئيسي‭ ‬عالمي‭ ‬لتوزيع‭ ‬الطاقة‭ ‬بعد‭ ‬الاتفاق‭ ‬مع‭ ‬روسيا‭ ‬الاتحادية‭ ‬وإلى‭ ‬مركز‭ ‬رئيسي‭ ‬لتوزيع‭ ‬الحبوب‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬الاتفاق‭ ‬الذي‭ ‬برهنت‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬تركيا‭ ‬أنها‭ ‬وسيط‭ ‬مناسب‭ ‬خاصة‭ ‬بعد‭ ‬اتفاق‭ ‬الحبوب‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬توقيعه‭ ‬بين‭ ‬روسيا‭ ‬وأوكرانيا‭ ‬والأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬أما‭ ‬إذا‭ ‬فاز‭ ‬مرشح‭ ‬المعارضة‭ ‬كمال‭ ‬أوغلو‭ ‬فإن‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الجوانب‭ ‬قد‭ ‬تشهد‭ ‬انقلابا‭ ‬كبيرا‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬توجهات‭ ‬المعارضة‭ ‬نحو‭ ‬الاتجاه‭ ‬غربا‭ ‬ولذلك‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬لها‭ ‬تداعيات‭ ‬سلبية‭ ‬على‭ ‬الأرجح‭ ‬لموقع‭ ‬تركيا‭ ‬ومكانتها‭ ‬الاقتصادية‭.‬

ثانيا‭: ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬السياسة‭ ‬التركية‭ ‬التي‭ ‬نجح‭ ‬الرئيس‭ ‬أردوغان‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬القليلة‭ ‬الماضية‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬في‭ ‬تعزيزها‭ ‬وتقويتها‭ ‬وتحول‭ ‬تركيا‭ ‬إلى‭ ‬رقم‭ ‬صعب‭ ‬سواء‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الإقليمي‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الدولي‭ ‬وخاصة‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬موقع‭ ‬تركيا‭ ‬في‭ ‬حلف‭ ‬الناتو‭ ‬وقد‭ ‬نجح‭ ‬أردوغان‭ ‬في‭ ‬تحييد‭ ‬تركيا‭ ‬وجعلها‭ ‬وسيطا‭ ‬مقبولا‭ ‬من‭ ‬الجميع‭ ‬ما‭ ‬مكنها‭ ‬من‭ ‬جني‭ ‬مكاسب‭ ‬كبيرة‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬وزنها‭ ‬السياسي‭ ‬العالمي‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬احترام‭ ‬تركيا‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬القوى‭ ‬العظمى‭ ‬وقد‭ ‬نجح‭ ‬أردوغان‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الغرب‭ ‬بقيادة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬بندية‭ ‬كبيرة‭ ‬كما‭ ‬نجح‭ ‬في‭ ‬كسب‭ ‬روسيا‭ ‬الاتحادية‭ ‬والاستفادة‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬العلاقة‭ ‬على‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مستوى‭ ‬اقتصادي‭ ‬وعلى‭ ‬مستوى‭ ‬الطاقة‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬ننسى‭ ‬أن‭ ‬أردوغان‭ ‬كسر‭ ‬التقاليد‭ ‬التي‭ ‬فرضتها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬بمنع‭ ‬شراء‭ ‬أسلحة‭ ‬من‭ ‬روسيا‭ ‬الاتحادية‭ ‬وفرض‭ ‬معادلته‭ ‬الخاصة‭ ‬بشراء‭ ‬منظومة‭ ‬الدفاع‭ ‬الروسي‭ ‬الشهيرة‭ ‬صواريخ‭ ‬إس‭ ‬400‭.‬

ولا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬فوز‭ ‬مرشح‭ ‬المعارضة‭ ‬سوف‭ ‬يقلب‭ ‬هذه‭ ‬المعادلة‭ ‬رأسا‭ ‬على‭ ‬عقب‭ ‬لأن‭ ‬برنامج‭ ‬المعارضة‭ ‬يقوم‭ ‬على‭ ‬ربط‭ ‬تركيا‭ ‬بالغرب‭ ‬وبالاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬خاصة‭ ‬والابتعاد‭ ‬تدريجيا‭ ‬عن‭ ‬روسيا‭ ‬وتأثيراتها‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والسياسية‭ ‬ولعل‭ ‬هذا‭ ‬الموقف‭ ‬يميل‭ ‬إليه‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬العلماني‭ ‬وهو‭ ‬بالضبط‭ ‬عكس‭ ‬أغلبية‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬التركي‭ ‬الذي‭ ‬يرى‭ ‬تركيا‭ ‬دولة‭ ‬ذات‭ ‬وزن‭ ‬مستقلة‭ ‬وذات‭ ‬إرادة‭ ‬قوية‭ ‬غير‭ ‬خاضعة‭ ‬لا‭ ‬للشرق‭ ‬ولا‭ ‬للغرب‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا