العدد : ١٦٨٣٥ - الجمعة ٢٦ أبريل ٢٠٢٤ م، الموافق ١٧ شوّال ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٣٥ - الجمعة ٢٦ أبريل ٢٠٢٤ م، الموافق ١٧ شوّال ١٤٤٥هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

كلمة الملك.. الثقة والأمل

الكلمة‭ ‬التي‭ ‬ألقاها‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬أمام‭ ‬القمة‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬جدة‭ ‬كلمة‭ ‬قوية‭ ‬معبرة‭ ‬تستحق‭ ‬أن‭ ‬نتوقف‭ ‬عندها‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬التأمل‭.‬

لن‭ ‬أتوقف‭ ‬هنا‭ ‬عن‭ ‬ما‭ ‬عبّر‭ ‬عنه‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬من‭ ‬مواقف‭ ‬عروبية‭ ‬أصيلة‭ ‬إزاء‭ ‬قضية‭ ‬التضامن‭ ‬العربي‭ ‬ومختلف‭ ‬قضايا‭ ‬الأمة‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتها‭ ‬قضية‭ ‬فلسطين‭. ‬هذه‭ ‬مواقف‭ ‬بحرينية‭ ‬ثابتة‭ ‬معروفة‭.‬

سأتوقف‭ ‬عند‭ ‬فقرة‭ ‬في‭ ‬كلمة‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬اعتبرها‭ ‬شخصيا‭ ‬أهم‭ ‬ما‭ ‬قيل‭ ‬في‭ ‬قمة‭ ‬جدة‭. ‬أعني‭ ‬الفقرة‭ ‬التي‭ ‬قال‭ ‬فيها‭ ‬جلالته‭ ‬‮«‬إن‭ ‬أمتنا‭ ‬العربية‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬النهوض‭ ‬والتقدم‭ ‬لمواكبة‭ ‬حركة‭ ‬العصر‮»‬‭.‬

حرص‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬على‭ ‬تأكيد‭ ‬قدرة‭ ‬الأمة‭ ‬العربية‭ ‬على‭ ‬النهوض‭ ‬والتقدم‭ ‬هي‭ ‬رسالة‭ ‬كبرى‭ ‬تعني‭ ‬الكثير‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬المستويات‭ ‬الرسمية‭ ‬وغير‭ ‬الرسمية‭ ‬العربية‭.‬

‭ ‬وجلالة‭ ‬الملك‭ ‬حين‭ ‬أكد‭ ‬هذا،‭ ‬كان‭ ‬حريصا‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يحدد‭ ‬في‭ ‬كلمته‭ ‬وبشكل‭ ‬غاية‭ ‬في‭ ‬الدقة‭ ‬وعمق‭ ‬الرؤية،‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬الأسباب‭ ‬التي‭ ‬تجعل‭ ‬الأمة‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬النهضة‭ ‬والتقدم؟،‭ ‬وما‭ ‬هو‭ ‬المطلوب‭ ‬كي‭ ‬يتحقق‭ ‬هذا‭ ‬الهدف؟

أما‭ ‬عن‭ ‬الأسباب‭ ‬فقد‭ ‬حددها‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬في‭ ‬كلمته‭ ‬في‭ ‬أربعة‭ ‬أسباب‭ ‬كبرى‭:‬

1‭ ‬‭ ‬أننا‭ ‬أمة‭ ‬عربية‭. ‬

لنلاحظ‭ ‬أن‭ ‬جلالته‭ ‬استخدم‭ ‬تعبير‭ ‬أمتنا‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬تأكيد‭ ‬مقصود‭ ‬على‭ ‬أننا‭ ‬جميعا‭ ‬دولا‭ ‬وشعوبا‭ ‬عربية‭ ‬ننتمي‭ ‬إلى‭ ‬أمة‭ ‬عربية‭ ‬واحدة‭ ‬تجمعها‭ ‬نفس‭ ‬المشاعر‭ ‬والهموم‭ ‬والتطلعات‭ ‬وعوامل‭ ‬اللغة‭ ‬والتاريخ‭ ‬المشترك‭.. ‬الخ‭.‬

جلالته‭ ‬أراد‭ ‬أن‭ ‬يلفت‭ ‬الأنظار‭ ‬إلى‭ ‬حقيقة‭ ‬أن‭ ‬انتماءنا‭ ‬إلى‭ ‬أمة‭ ‬عربية‭ ‬واحدة‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬حد‭ ‬ذاته‭ ‬من‭ ‬أكبر‭ ‬مصادر‭ ‬قوتنا‭.‬

2‭ ‬‭ ‬تاريخنا‭ ‬العريق‭ ‬وقيمنا‭ ‬الدينية‭ ‬والإنسانية‭ ‬والحضارية‭.‬

وهذا‭ ‬بالطبع‭ ‬من‭ ‬أكبر‭ ‬مصادر‭ ‬القوة‭ ‬العربية‭. ‬على‭ ‬امتداد‭ ‬التاريخ‭ ‬الطويل‭ ‬لأمتنا‭ ‬لعبنا‭ ‬دورا‭ ‬حضاريا‭ ‬إنسانيا‭ ‬رائدا‭ ‬في‭ ‬العالم‭. ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬مدين‭ ‬لحضارتنا‭ ‬وإسهاماتها‭ ‬الكبرى‭ ‬بالكثير‭ ‬جدا‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬العلم‭ ‬والثقافة‭ ‬والفكر‭. ‬وقيم‭ ‬أمتنا‭ ‬قيم‭ ‬إنسانية‭ ‬متحضرة‭ ‬تنتصر‭ ‬للعدل‭ ‬والإنصاف‭ ‬وتنتصر‭ ‬للإنسانية‭.‬

هذا‭ ‬التاريخ‭ ‬الحضاري‭ ‬القيمي‭ ‬لأمتنا‭ ‬يجب‭ ‬ألا‭ ‬يغيب‭ ‬عن‭ ‬بالنا‭ ‬في‭ ‬معركتنا‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬النهضة‭ ‬والتقدم‭ ‬ويجب‭ ‬ان‭ ‬يمثل‭ ‬مصدر‭ ‬دفع‭ ‬والهام‭.‬

3‭ - ‬ان‭ ‬أمتنا‭ ‬لديها‭ ‬ثروات‭ ‬بشرية‭ ‬وكفاءات‭ ‬مبدعة‭.‬

وهذا‭ ‬من‭ ‬أكبر‭ ‬مصادر‭ ‬قوتنا‭. ‬يكفي‭ ‬أن‭ ‬مئات‭ ‬الآلاف‭ ‬بل‭ ‬ملايين‭ ‬من‭ ‬الكفاءات‭ ‬والعقول‭ ‬العربية‭ ‬تعمل‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬اليوم‭ ‬وتلعب‭ ‬دورا‭ ‬أساسيا‭ ‬في‭ ‬نهضته‭ ‬وتقدمه‭.‬

نحن‭ ‬لدينا‭ ‬كما‭ ‬نبه‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬ثروة‭ ‬بشرية‭ ‬من‭ ‬الكفاءات‭ ‬والمبدعين‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬المجالات‭ ‬يجب‭ ‬استثمارها‭ ‬أفضل‭ ‬استثمار‭ ‬ممكن‭.‬

4‭ ‬‭ ‬موقعنا‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬المميز‭ ‬ومواردنا‭ ‬الطبيعية‭.‬

كما‭ ‬نعلم،‭ ‬موقع‭ ‬دولنا‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬يجعل‭ ‬منها‭ ‬بالضرورة‭ ‬لاعبا‭ ‬أساسيا‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬وموضعا‭ ‬لتسابق‭ ‬كل‭ ‬القوى‭ ‬العالمية‭ ‬كي‭ ‬يكون‭ ‬لها‭ ‬حضور‭ ‬معنا‭.‬

ومواردنا‭ ‬الطبيعية‭ ‬مهولة‭ ‬وتعطينا‭ ‬إمكانيات‭ ‬كبرى‭ ‬لتحقيق‭ ‬التقدم‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬المجالات‭.‬

على‭ ‬هذا‭ ‬النحو‭ ‬إذن‭ ‬حدد‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬مصار‭ ‬قوة‭ ‬الأمة‭ ‬العربية‭ ‬ومقومات‭ ‬نهضتها‭ ‬وتقدمها‭.‬

غير‭ ‬أن‭ ‬جلالته‭ ‬لم‭ ‬يكتف‭ ‬بهذا،‭ ‬بل‭ ‬حرص‭ ‬في‭ ‬كلمته‭ ‬بأن‭ ‬يحدد‭ ‬كيف‭ ‬يمكن‭ ‬استخدام‭ ‬عوامل‭ ‬القوة‭ ‬هذه‭ ‬لتحقيق‭ ‬النهضة‭ ‬والتقدم،‭ ‬وما‭ ‬هو‭ ‬المطلوب‭ ‬بالضبط؟

جلالة‭ ‬الملك‭ ‬حدد‭ ‬الطريق‭ ‬للاستخدام‭ ‬الأمثل‭ ‬لمصادر‭ ‬قوة‭ ‬الأمة‭ ‬في‭ ‬الجوانب‭ ‬التالية‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬توافرها‭:‬

1‭ ‬‭ ‬التكامل‭ ‬العربي‭.‬

هذا‭ ‬بالطبع‭ ‬من‭ ‬أكبر‭ ‬شروط‭ ‬الاستخدام‭ ‬الأمثل‭ ‬لمصادر‭ ‬القوة‭ ‬العربية‭. ‬الكل‭ ‬يعلم‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬جدا‭ ‬تحقيق‭ ‬النهضة‭ ‬والتقدم‭ ‬العربي‭ ‬العام‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬تكامل‭ ‬القدرات‭ ‬والإمكانيات‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬المجالات‭. ‬ويعني‭ ‬هذا‭ ‬بداهة‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬الأهمية‭ ‬بمكان‭ ‬وجود‭ ‬استراتيجيات‭ ‬عربية‭ ‬لتحقيق‭ ‬التكامل‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬مجالا‭ ‬الاقتصاد‭ ‬والتنمية‭ ‬وكافة‭ ‬المجالات‭.‬

‭- ‬تجديد‭ ‬الشراكات‭ ‬العربية‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬مع‭ ‬الدول‭ ‬الحليفة‭ ‬والصديقة‭.‬

جلالة‭ ‬الملك‭ ‬يقصد‭ ‬هنا‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬الأهمية‭ ‬بمكان‭ ‬وجود‭ ‬شراكات‭ ‬استراتيجية‭ ‬مع‭ ‬الدول‭ ‬والقوى‭ ‬الحليفة‭ ‬والصديقة‭ ‬للعرب‭. ‬غير‭ ‬أن‭ ‬جلالته‭ ‬وضع‭ ‬شرطا‭ ‬مهما‭ ‬هنا‭ ‬وهو‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬هذه‭ ‬الشراكات‭ ‬قائمة‭ ‬على‭ ‬حفظ‭ ‬وتحقيق‭ ‬المصالح‭ ‬المشتركة‭. ‬أي‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬قائمة‭ ‬على‭ ‬الاحترام‭ ‬المتبادل‭ ‬والمساواة‭ ‬في‭ ‬تبادل‭ ‬المنافع‭.‬

‭- ‬وجود‭ ‬رؤية‭ ‬توافقية‭ ‬وسياسات‭ ‬أكثر‭ ‬فاعلية‭ ‬للتصدي‭ ‬للإرهاب‭ ‬ووقف‭ ‬الحروب‭ ‬وتهديدات‭ ‬أسلحة‭ ‬الدمار‭ ‬الشامل‭ ‬وصولا‭ ‬إلى‭ ‬منطقة‭ ‬مستقرة‭ ‬تزدهر‭ ‬في‭ ‬محيطها‭ ‬قيم‭ ‬التعايش‭ ‬الإنساني‭ ‬والتقارب‭ ‬الديني‭ ‬والحضاري‭.‬

ما‭ ‬قاله‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬على‭ ‬هذ‭ ‬النحو‭ ‬ليس‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬توضيح‭ ‬لكن‭ ‬الفكرة‭ ‬الجوهرية‭ ‬التي‭ ‬يلح‭ ‬عليها‭ ‬جلالته‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تحقيق‭ ‬نهضة‭ ‬وتقدم‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬استقرار‭ ‬وأمن‭ ‬وسيادة‭ ‬قيم‭ ‬التعايش‭.‬

كما‭ ‬نرى،‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬في‭ ‬كلمته‭ ‬أمام‭ ‬قمة‭ ‬جدة‭ ‬العربية‭ ‬حدد‭ ‬بهذا‭ ‬الشكل‭ ‬الدقيق‭ ‬البليغ‭ ‬طريق‭ ‬الأمة‭ ‬نحو‭ ‬النهوض‭ ‬والتقدم،‭ ‬وأعرب‭ ‬عن‭ ‬الثقة‭ ‬المطلقة‭ ‬في‭ ‬قدرتها‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬ذلك‭.‬

الحقيقة‭ ‬أن‭ ‬الكلمة‭ ‬تعتبر‭ ‬مصدر‭ ‬الهام‭ ‬وخصوصا‭ ‬للأجيال‭ ‬العربية‭ ‬الشابة‭. ‬هذه‭ ‬الأجيال‭ ‬التي‭ ‬ترى‭ ‬أوضاعنا‭ ‬العربية‭ ‬المتردية‭ ‬وربما‭ ‬تفقد‭ ‬الأمل‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭.‬

الكلمة‭ ‬هي‭ ‬كلمة‭ ‬ثقة‭ ‬وأمل‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭ ‬العربي‭. ‬وهناك‭ ‬مبررات‭ ‬قوية‭ ‬لهذه‭ ‬الثقة‭ ‬والأمل‭ ‬إن‭ ‬استطعنا‭ ‬حشد‭ ‬واستخدام‭ ‬مصادر‭ ‬قوتنا‭. ‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا