العدد : ١٦٨٣٤ - الخميس ٢٥ أبريل ٢٠٢٤ م، الموافق ١٦ شوّال ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٣٤ - الخميس ٢٥ أبريل ٢٠٢٤ م، الموافق ١٦ شوّال ١٤٤٥هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

أصل حكاية «ما صنع الحداد»

منذ‭ ‬أن‭ ‬بدأت‭ ‬في‭ ‬كتابة‭ ‬الأعمدة‭ ‬الصحفية‭ ‬ككاتب‭ ‬حر‭ (‬متعاون‭)‬،‭ ‬وبيني‭ ‬وبين‭ ‬الراقصات‭ ‬الشرقيات‭ ‬ما‭ ‬صنع‭ ‬الحداد،‭ ‬وعلى‭ ‬ذمة‭ ‬باحث‭ ‬مصري‭ ‬مستهبل‭ ‬في‭ ‬التراث‭ ‬والأمثال‭ ‬تعود‭ ‬حكاية‭ ‬الحداد‭ ‬هذه‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬أحد‭ ‬رجال‭ ‬العرب‭ ‬في‭ ‬قديم‭ ‬الزمان‭ ‬كان‭ ‬متزوجا‭ ‬من‭ ‬امرأة‭ ‬جميلة‭ (‬أو‭ ‬وحشة‭ ‬الله‭ ‬أعلم‭ - ‬بس‭ ‬نخليها‭ ‬تمشي‭ ‬جميلة‭ ‬علشان‭ ‬القصة‭ ‬تبقى‭ ‬مقبولة‭)‬،‭ ‬المهم‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬من‭ ‬ذات‭ ‬الأيام‭ ‬حصل‭ ‬شيء‭ ‬مش‭ ‬ولا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬الزوجة‭ ‬مع‭ ‬زوجها‭.. ‬ضايقته‭ ‬جدا‭ ‬في‭ ‬الكلام‭... ‬يمكن‭!!! ‬أو‭ ‬فتحت‭ ‬معاه‭ ‬الكلام‭ ‬في‭ ‬موضوع‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬بيستظرفهوش‭- ‬الله‭ ‬اعلم‭.. ‬أو‭ ‬طلبت‭ ‬منه‭ ‬مصروف‭ ‬البيت‭ ‬مع‭ ‬انهم‭ ‬آخر‭ ‬الشهر‭ ‬ولسه‭ ‬ما‭ ‬قبض‭ ‬الراتب‭ ‬من‭ ‬شيخ‭ ‬القبيلة‭.. ‬ربما‭.. ‬أو‭ ‬قالت‭ ‬له‭ ‬ان‭ ‬العيال‭ ‬عايزين‭ ‬يغيروا‭ ‬موديل‭ ‬الناقة‭ ‬اللي‭ ‬عندهم‭ ‬ويشتروا‭ ‬ناقة‭ ‬فُل‭ ‬اوبشنز‭.. ‬يجوز‭. ‬أو‭ ‬قال‭ ‬لها‭ ‬اطبخي‭ ‬لنا‭ ‬النهارده‭ ‬لحم‭ ‬بعير‭ ‬ولقى‭ ‬اللي‭ ‬على‭ ‬السفرة‭ ‬عدس‭ ‬وكُشري‭.. ‬احتمال‭.‬

ماحدش‭ ‬من‭ ‬رواة‭ ‬التاريخ‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحقبة‭ ‬السحيقة‭ ‬ذكر‭ ‬هذه‭ ‬الواقعة‭ ‬بالتفصيل‭.‬

لكن‭ ‬الموثق‭ ‬تاريخيا‭ ‬أن‭ ‬الزوج‭ ‬هاج‭ ‬وماج‭ ‬وانتفخت‭ ‬أوداجه‭ ‬من‭ ‬الغيظ‭ ‬وقال‭ ‬لها‭: ‬بيني‭ ‬وبينك‭ ‬ما‭ ‬صنع‭ ‬الحداد،‭ ‬والموثق‭ ‬تاريخيا‭ (‬أيضا‭) ‬أن‭ ‬المدام‭... ‬اقصد‭ ‬الزوجة‭ ‬سمعت‭ ‬كلامه‭ ‬باستغراب‭.. ‬بس‭ ‬ما‭ ‬حطتش‭ ‬في‭ ‬بالها،‭ ‬وقالت‭ ‬في‭ ‬نفسها‭: ‬يعني‭ ‬هو‭ ‬ايه‭ ‬اللي‭ ‬هيصنعه‭ ‬الحداد؟‭ ‬هيصنع‭ ‬سيف‭ ‬حديد‭ ‬علشان‭ ‬يبقى‭ ‬بيني‭ ‬وبينه‭ ‬حد‭ ‬السيف؟‭ ‬مش‭ ‬ممكن‭... ‬هو‭ ‬راجل‭ ‬متهور‭ ‬آآآ‭ ‬لكن‭ ‬مش‭ ‬للدرجة‭ ‬دي‭! ‬هل‭ ‬هيصنع‭ ‬درع‭ ‬حديد‭ ‬يقيه‭ ‬شر‭ ‬التعامل‭ ‬معي؟؟؟‭ ‬مفيش‭ ‬درع‭ ‬يقاوم‭ ‬تسلط‭ ‬لساني‭ (‬ده‭ ‬كلام‭ ‬المدام‭).. ‬هل‭ ‬مثلا‭ ‬هيصنع‭ ‬سور‭ ‬حديد‭ ‬يضعه‭ ‬حائل‭ ‬بيني‭ ‬وبينه؟‭ ‬يوريني‭ ‬شطارته‭ ‬ويعملها‭... ‬ثم‭ ‬لو‭ ‬عملها‭ ‬مانا‭ ‬برضه‭ ‬هاسلط‭ ‬عليه‭ ‬لساني‭ ‬اللي‭ ‬زي‭ ‬المبرد‭. ‬هل‭ ‬هيعمل‭ ‬له‭ ‬كاتم‭ ‬للصوت‭ ‬من‭ ‬الحديد‭ (‬سدادة‭ ‬حديد‭ ‬يحطها‭ ‬في‭ ‬اذنيه‭ ‬علشان‭ ‬مايسمعش‭ ‬كلامي‭)‬؟‭ ‬مش‭ ‬مشكلة‭.. ‬الحديد‭ ‬موصل‭ ‬جيد‭ ‬للصوت‭ ‬وكلامي‭ ‬هيوصل‭ ‬له‭ ‬هيوصل‭ ‬له‭.‬

في‭ ‬النهاية‭ ‬المدام‭ ‬قالت‭ ‬لنفسها‭ ‬يا‭ ‬خبر‭ ‬النهار‭ ‬ده‭ ‬بفلوس‭ ‬بكره‭ ‬يبقى‭ ‬ببلاش‭ (‬ده‭ ‬موثق‭ ‬تاريخيا‭ ‬برضه‭.. ‬مع‭ ‬انها‭ ‬قالت‭ ‬الكلام‭ ‬ده‭ ‬في‭ ‬سرها‭ ‬بس‭ ‬يظهر‭ ‬مؤرخي‭ ‬تلك‭ ‬الحقبة‭ ‬كانوا‭ ‬عالمين‭ ‬ببواطن‭ ‬الأمور‭)‬،‭ ‬وقالت‭ ‬في‭ ‬نفسها‭ ‬أيضا‭: ‬بس‭ ‬انا‭ ‬عارفاه‭.. ‬ده‭ ‬جوزي‭ ‬مايستغناش‭ ‬عني‭ ‬ابدا‭ ‬ولا‭ ‬يقدر‭ ‬على‭ ‬بعدي‭ ‬أبدا‭.‬

الراجل‭ (‬بطل‭ ‬القصة‭ ‬الهمام‭) ‬خرج‭ ‬من‭ ‬الدار‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬ما‭ ‬يقول‭ ‬رايح‭ ‬فين،‭ ‬والمدام‭ ‬قالت‭ ‬انه‭ ‬هيقعد‭ ‬زي‭ ‬عوايده‭ ‬على‭ ‬الكوفي‭ ‬شوب‭ ‬بتاع‭ ‬قبيلة‭ ‬بني‭ ‬كليب،‭ ‬أو‭ ‬تحت‭ ‬سقيفة‭ ‬بني‭ ‬خزيمة‭ ‬يشربوا‭ ‬النارجيلة‭ ‬ويلعبوا‭ ‬الدومينو‭ ‬الذي‭ ‬سيفسد‭ ‬اخلاقهم‭ ‬كالعادة‭ (‬هذه‭ ‬الفقرة‭ ‬غير‭ ‬موثقة‭ ‬تاريخيا‭... ‬لكن‭ ‬تمشي‭ ‬مع‭ ‬السياق‭.. ‬لكن‭ ‬اللي‭ ‬جاي‭ ‬كله‭ ‬موثق‭ ‬تاريخيا‭).‬‮ ‬المهم،‭ ‬أخينا‭ ‬ذهب‭ ‬إلى‭ ‬الحداد‭ ‬وطلب‭ ‬منه‭ ‬يصنع‭ ‬له‭ ‬‮«‬شيئا‭ ‬ما‮»‬،‭ ‬وبعد‭ ‬ساعات‭ ‬وقرب‭ ‬مغيب‭ ‬قرص‭ ‬الشمس‭ ‬وراء‭ ‬الشفق‭ ‬الأصفر،‭ ‬الراجل‭ ‬رجع‭ ‬البيت‭ ‬ومعاه‭ ‬لفة‭ ‬كبيييييييرة

والمدام‭ ‬سألته؟‭ ‬أنت‭ ‬جايب‭ ‬لي‭ ‬هدية‭ ‬تصالحني؟؟‭ ‬بص‭ ‬لها‭ ‬شذرا‭ ‬ولم‭ ‬ينبس‭ ‬ببنت‭ ‬شفة‭ (‬يعني‭ ‬ما‭ ‬نطقش‭ ‬ولا‭ ‬كلمة‭)‬،‭ ‬وقعد‭ ‬يفتح‭ ‬في‭ ‬اللفة،‭ ‬طلع‭ ‬ان‭ ‬في‭ ‬اللفة‭ ‬قرص‭ ‬كبييييير‭ ‬من‭ ‬الحديد‭ ‬مقعر‭ ‬الشكل‭ (‬عامل‭ ‬زي‭ ‬طبق‭ ‬الدش‭ ‬أو‭ ‬نص‭ ‬برميل‭)‬،‭ ‬ومعاه‭ ‬دراع‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬الحديد‭ (‬زي‭ ‬عصاية‭ ‬الطبلة‭ ‬أو‭ ‬الدرامز‭)‬،‭ ‬ثم‭ ‬نادى‭ ‬الراجل‭ ‬الولد‭ ‬ابنه‭ ‬الكبير،‭ ‬وقال‭ ‬له‭: ‬اضرب‭ ‬ع‭ ‬البتاعة‭ ‬دي‭ ‬بدراع‭ ‬الحديد‭ ‬بكل‭ ‬قوة،‭ ‬وبدأ‭ ‬الواد‭ ‬يدق‭ ‬في‭ ‬البتاعة‭ ‬والراجل‭ ‬ماشي،‭ ‬لغاية‭ ‬ما‭ ‬وصل‭ ‬نقطة‭ ‬ما‭ ‬عادش‭ ‬يسمع‭ ‬فيها‭ ‬صوت‭ ‬الضرب،‭ ‬فنصب‭ ‬خيمته،‭ ‬وحمد‭ ‬الله‭ ‬وولع‭ ‬سيجارة‭ ‬الجمل‭ (‬كاميل‭)‬،‭ ‬وبقى‭ ‬مبسوط‭ ‬لأنه‭ ‬ما‭ ‬عاد‭ ‬يسمع‭ ‬صوت‭ ‬المدام‭.‬

وترجم‭ ‬الكلام‭ ‬أعلاه‭ ‬إلى‭ ‬الفصحى‭ ‬وستجده‭ ‬متطابقا‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬الكتب‭ ‬القديمة‭ ‬عما‭ ‬صنعه‭ ‬الحداد،‭ ‬وباكر‭ ‬إن‭ ‬شاء‭ ‬الله‭ ‬نرجع‭ ‬إلى‭ ‬الراقصات‭.‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا