العدد : ١٦٨٠٧ - الجمعة ٢٩ مارس ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ رمضان ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٠٧ - الجمعة ٢٩ مارس ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ رمضان ١٤٤٥هـ

الرأي الثالث

محميد المحميد

malmahmeed7@gmail.com

التسامح والتعايش.. إعادة صياغة

أول‭ ‬السطر‭:‬

لماذا‭ ‬تستمر‭ ‬بعض‭ ‬القضايا‭ ‬والملاحظات‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬حل‭ ‬وحسم،‭ ‬ومن‭ ‬دون‭ ‬قرار‭ ‬وحزم‭..‬؟؟‭ ‬لماذا‭ ‬تترك‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المسائل‭ ‬معلقة‭ ‬بين‭ ‬أمنيات‭ ‬الناس‭ ‬ومطالبهم‭ ‬المستمرة،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬رد‭ ‬نهائي‭ ‬وقانوني،‭ ‬سواء‭ ‬بكلمة‭ (‬نعم‭) ‬أو‭ ‬كلمة‭ (‬لا‭)..‬؟‭ ‬استمرار‭ ‬تلك‭ ‬الأمور‭ ‬إشغال‭ ‬للوطن‭ ‬ومؤسساته‭ ‬والمجتمع‭.. ‬فمتى‭ ‬ينتهى‭ ‬هذا‭ ‬السيناريو‭ ‬المزعج‭..‬؟؟

التسامح‭ ‬والتعايش‭.. ‬إعادة‭ ‬صياغة‭:‬

وكما‭ ‬أن‭ ‬الكرم‭ ‬المبالغ‭ ‬فيه‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬الإسراف،‭ ‬والشجاعة‭ ‬المفرطة‭ ‬تعني‭ ‬الهلاك‭.. ‬تماما‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬الحرص‭ ‬الشديد‭ ‬يعني‭ ‬البخل،‭ ‬والتزمّت‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬التشدد‭.. ‬فإن‭ ‬مفهوم‭ ‬وقيم‭ ‬ومبادئ‭ ‬التسامح‭ ‬والتعايش‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬إعادة‭ ‬صياغة‭ ‬للداخل‭ ‬والخارج،‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬يفهم‭ ‬أو‭ ‬يترسخ‭ ‬في‭ ‬الأذهان‭ ‬أن‭ ‬التسامح‭ ‬يعني‭ ‬التخلي‭ ‬عن‭ ‬الثوابت‭ ‬والعقيدة،‭ ‬وأن‭ ‬التعايش‭ ‬باب‭ ‬للغزو‭ ‬الفكري‭ ‬والثقافي‭ ‬والتعليمي‭ ‬لدخول‭ ‬سلوكيات‭ ‬وممارسات‭ ‬مخالفة‭ ‬للهوية‭ ‬الوطنية‭.‬

مفهوم‭ ‬التسامح‭ ‬والتعايش‭ ‬يتعرض‭ ‬لتشويه‭ ‬بسبب‭ ‬الإفراط‭ ‬في‭ ‬تناوله‭ ‬والتعاطي‭ ‬معه‭ ‬بشكل‭ ‬مبالغ‭ ‬فيه‭.. ‬والناس‭ ‬تقول‭ ‬إذا‭ ‬كنا‭ ‬نتحدث‭ ‬ونمارس‭ ‬التسامح‭ ‬والتعايش،‭ ‬فلماذا‭ ‬لا‭ ‬يقوم‭ (‬الآخر‭) ‬بالأمر‭ ‬ذاته‭ ‬من‭ ‬التسامح‭ ‬والتعايش‭ ‬معنا‭ ‬ومع‭ ‬ثوابتنا‭ ‬وحقوقنا‭.. ‬الوسطية‭ ‬مطلوبة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الأمور‭.. ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬تتضح‭ ‬للجميع‭.. ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬تضيع‭ ‬القيم‭ ‬والمبادئ‭ ‬النبيلة‭ ‬وتتحول‭ ‬إلى‭ ‬نقمة‭ ‬ومسبة‭.‬

الدكتور‭ ‬إسماعيل‭ ‬صالح‭ ‬من‭ ‬سلطنة‭ ‬عمان‭ ‬الشقيقة‭ ‬كتب‭ ‬في‭ ‬الموضوع‭ ‬ذاته‭ ‬قائلا‭: ‬إن‭ ‬الأصل‭ ‬بين‭ ‬الأمم‭ ‬والشعوب‭ ‬والدول‭ ‬التسامح،‭ ‬وغضّ‭ ‬الطرف‭ ‬عن‭ ‬بعض‭ ‬الاختلافات‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تمس‭ ‬الأمور‭ ‬السيادية‭ ‬المعنوية‭ ‬والحسية،‭ ‬كالإيمان‭ ‬العقائدي،‭ ‬والسلوك‭ ‬الأخلاقي،‭ ‬وحدود‭ ‬الدول،‭ ‬واستقلالها‭ ‬السياسي‭ ‬والثقافي‭.‬

وإنَّ‭ ‬المبالغة‭ ‬في‭ ‬خطاب‭ ‬التسامح‭ ‬وتعميقه‭ ‬في‭ ‬نفوس‭ ‬شعب‭ ‬بطبعه‭ ‬مُتسامح‭ ‬مرن‭ ‬ليس‭ ‬مُتنمرا‭ ‬ولا‭ ‬نارا‭ ‬حارقة‭ ‬للآخرين،‭ ‬ولا‭ ‬يفتعل‭ ‬مشكلات‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬أو‭ ‬شعوب،‭ ‬سواء‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬بلاده‭ ‬أو‭ ‬كان‭ ‬مسافرا‭ ‬سياحة‭ ‬واستجماما‭ ‬أو‭ ‬دراسة،‭ ‬سيكون‭ ‬لها‭ ‬آثار‭ ‬سلبية‭ ‬في‭ ‬الناشئة‭ ‬والمستقبل‭ ‬المنظور‭ ‬أو‭ ‬البعيد‭.‬

كما‭ ‬أنَّ‭ ‬المبالغة‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬ستؤدي‭ ‬إلى‭ ‬التفريط‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬القيم‭ ‬والسلوكيات‭ ‬بدعوى‭ ‬المرونة‭ ‬والتسامح،‭ ‬وبعدها‭ ‬ستحاول‭ ‬الدول‭ ‬إنفاق‭ ‬الملايين‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التقييم‭ ‬والتقويم‭ ‬والإعادة‭.. ‬إنها‭ ‬كالتي‭ ‬نقضت‭ ‬غزلها‭ ‬من‭ ‬بعد‭ ‬قوة‭ ‬أنكاثا،‭ ‬فقد‭ ‬أدى‭ ‬خطابها‭ ‬المبالغ‭ ‬فيه‭ ‬إلى‭ ‬تلك‭ ‬النتيجة‭ ‬السلبية،‭ ‬ثم‭ ‬تنفق‭ ‬الملايين‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬أن‭ ‬تُعِيد‭ ‬الناس‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬هي‭ ‬سببا‭ ‬في‭ ‬انصرافهم‭ ‬عنه‭.‬

إنَّ‭ ‬التوازن‭ ‬في‭ ‬الخطاب‭ ‬هو‭ ‬الأمر‭ ‬المحكم،‭ ‬وإن‭ ‬دراسة‭ ‬عواقب‭ ‬المبالغة‭ ‬في‭ ‬التسامح‭ ‬والمرونة‭ ‬حافظ‭ ‬لهوية‭ ‬الدولة‭ (‬أي‭ ‬دولة‭) ‬فكرا‭ ‬وجغرافية‭ ‬وسياسة‭.. ‬أتمنى‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬الفكرة‭ ‬قد‭ ‬وصلت‭.‬

آخر‭ ‬السطر‭:‬

من‭ ‬التغريدات‭ ‬الجميلة‭ ‬التي‭ ‬قرأتها‭ ‬مؤخرا‭ ‬للدكتور‭ ‬الشيخ‭ ‬خالد‭ ‬المذكور‭: ‬‮«‬ما‭ ‬ذنب‭ ‬النقاب‭ ‬إذا‭ ‬لبسته‭ ‬سارقة‭..! ‬وما‭ ‬ذنب‭ ‬اللحية‭ ‬إن‭ ‬أطلقها‭ ‬فاسد‭..! ‬وما‭ ‬ذنب‭ ‬الحج‭ ‬إذا‭ ‬أداه‭ ‬غشاش‭..! ‬وما‭ ‬ذنب‭ ‬الصلاة‭ ‬إن‭ ‬أقامها‭ ‬مرتش‭..! ‬وهل‭ ‬للعنب‭ ‬ذنب‭ ‬إن‭ ‬صار‭ ‬خمرا‭..! ‬تمسكوا‭ ‬بدينكم‭ ‬وثوابتكم‮»‬‭.‬

إقرأ أيضا لـ"محميد المحميد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا