العدد : ١٦٨٣٥ - الجمعة ٢٦ أبريل ٢٠٢٤ م، الموافق ١٧ شوّال ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٣٥ - الجمعة ٢٦ أبريل ٢٠٢٤ م، الموافق ١٧ شوّال ١٤٤٥هـ

خاطرة

عبدالرحمن فلاح

المعالم.. رفع الحرج!

من‭ ‬المعالم‭ ‬الدالة‭ ‬على‭ ‬صراطه‭ ‬المستقيم،‭ ‬والهادية‭ ‬إلى‭ ‬سواء‭ ‬السبيل‭ ‬اليسر‭ ‬ورفع‭ ‬الحرج،‭ ‬أما‭ ‬عن‭ ‬اليسر‭ ‬فقد‭ ‬أثبته‭ ‬الحق‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬في‭ ‬قوله‭ ‬سبحانه‭: (‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬الذي‭ ‬أنزل‭ ‬فيه‭ ‬القرآن‭ ‬هدى‭ ‬للناس‭ ‬وبينات‭ ‬من‭ ‬الهدى‭ ‬والفرقان‭ ‬فمن‭ ‬شهد‭ ‬منكم‭ ‬الشهر‭ ‬فليصمه‭ ‬ومن‭ ‬كان‭ ‬مريضًا‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬سفر‭ ‬فعدة‭ ‬من‭ ‬أيام‭ ‬أخر‭ ‬يريد‭ ‬الله‭ ‬بكم‭ ‬اليسر‭ ‬ولا‭ ‬يريد‭ ‬بكم‭ ‬العسر‮…‬‭) ‬البقرة‭ / ‬185‭.‬

إن‭ ‬اليسر‭ ‬في‭ ‬الإسلام،‭ ‬ورفع‭ ‬الحرج‭ ‬كلاهما‭ ‬إرادة‭ ‬إلهية،‭ ‬ونعمة‭ ‬ربانية‭ ‬أنعم‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬بها‭ ‬على‭ ‬عباده‭ ‬المؤمنين‭ ‬العاملين،‭ ‬وجاء‭ ‬تقرير‭ ‬اليسر‭ ‬في‭ ‬آيات‭ ‬الصيام‭ ‬في‭ ‬سورة‭ ‬البقرة،‭ ‬وهي‭ ‬آيات‭ ‬تدل‭ ‬على‭ ‬العزيمة‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬الصيام،‭ ‬واليسر‭ ‬أحرى‭ ‬به‭ ‬أن‭ ‬يأتي‭ ‬في‭ ‬شدة‭ ‬العزائم،‭ ‬فالصائم‭ ‬إذا‭ ‬أفطر‭ ‬فيه‭ ‬يومًا‭ ‬واحدًا‭ ‬بغير‭ ‬عذر‭ ‬شرعي‭ ‬يبيح‭ ‬له‭ ‬الفطر،‭ ‬فإن‭ ‬عليه‭ ‬أن‭ ‬يصوم‭ ‬شهرين‭ ‬متواصلين،‭ ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬ندرك‭ ‬الحكمة‭ ‬في‭ ‬مجيئ‭ ‬اليسر‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الآية‭ ‬لأن‭ ‬من‭ ‬أمر‭ ‬بالعزيمة‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬أمر‭ ‬بالرخصة،‭ ‬وهو‭ ‬الله‭ ‬تعالى،‭ ‬وكما‭ ‬أن‭ ‬إتيان‭ ‬العزيمة‭ ‬عبادة،‭ ‬فكذلك‭ ‬إتيان‭ ‬الرخصة‭ ‬عندما‭ ‬تتوفر‭ ‬شروطها‭ ‬هي‭ ‬الأخرى‭ ‬عبادة‭ ‬يثاب‭ ‬فاعلها‭ ‬ويأثم‭ ‬تاركها‭.‬

وأما‭ ‬عن‭ ‬رفع‭ ‬الحرج‭ ‬عن‭ ‬المؤمنين‭ ‬عندما‭ ‬تستدعي‭ ‬أحوالهم‭ ‬ذلك‭ ‬نجده‭ ‬في‭ ‬قوله‭ ‬تعالى‭: (‬ليس‭ ‬على‭ ‬الأعمى‭ ‬حرج‭ ‬ولا‭ ‬على‭ ‬الأعرج‭ ‬حرج‭ ‬ولا‭ ‬على‭ ‬المريض‭ ‬حرج‭ ‬ومن‭ ‬يطع‭ ‬الله‭ ‬ورسوله‭ ‬يدخله‭ ‬جنات‭ ‬تجري‭ ‬من‭ ‬تحتها‭ ‬الأنهار‭ ‬ومن‭ ‬يتول‭ ‬يعذبه‭ ‬عذابًا‭ ‬أليمًا‭ ‬‮…‬‭) ‬الفتح‭/‬17‭.‬

هؤلاء‭ ‬هم‭ ‬بعض‭ ‬أصحاب‭ ‬الأعذار‭ ‬الذين‭ ‬يباح‭ ‬لهم‭ ‬الرخص‭ ‬التي‭ ‬تناسب‭ ‬أحوالهم،‭ ‬وتوسع‭ ‬في‭ ‬ذكر‭ ‬غيرهم‭ ‬ممن‭ ‬لم‭ ‬تذكرهم‭ ‬الآية‭ ‬تفصيلًا،‭ ‬بل‭ ‬ذكرتهم‭ ‬إجمالًا‭ ‬في‭ ‬قوله‭ ‬سبحانه‭: (‬ولا‭ ‬على‭ ‬المريض‭ ‬حرج‭ ‬‮…‬‭) ‬فهذا‭ ‬تعميم‭ ‬بعد‭ ‬تخصيص‭.. ‬خصص‭ ‬بذكر‭: ‬الأعمى‭ ‬والأعرج،‭ ‬ثم‭ ‬ذكر‭ ‬المريض‭ ‬بأي‭ ‬مرض‭ ‬يجعله‭ ‬غير‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يؤدي‭ ‬ما‭ ‬فرضه‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬تكاليف‭ ‬شرعية‭ ‬إلا‭ ‬بمشقة‭ ‬بالغة،‭ ‬فيسر‭ ‬له،‭ ‬ورفع‭ ‬الحرج‭ ‬عنه‭ ‬في‭ ‬أداء‭ ‬هذه‭ ‬العبادات‭ ‬بالشكل‭ ‬الذي‭ ‬يستطيعه،‭ ‬ألم‭ ‬يقل‭ ‬الحق‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭: (‬فاتقوا‭ ‬الله‭ ‬ما‭ ‬استطعتم‭..) ‬التغابن‭/ ‬17‭. ‬

والآيات‭ ‬تتحدث‭ ‬عن‭ ‬الطاعة‭ ‬في‭ ‬اليسر،‭ ‬وأنها‭ ‬مطلوبة‭ ‬كما‭ ‬هي‭ ‬الطاعة‭ ‬في‭ ‬العسر‭ ‬بحسب‭ ‬ما‭ ‬يستطيعه‭ ‬المسلم،‭ ‬فالله‭ ‬تعالى‭ ‬لم‭ ‬يكلفنا‭ ‬بما‭ ‬لا‭ ‬نستطيع،‭ ‬وإن‭ ‬كلفنا‭ ‬بذلك‭ ‬فتح‭ ‬لنا‭ ‬خزائن‭ ‬يسره،‭ ‬ورفع‭ ‬الحرج‭ ‬عنا‭ ‬بأن‭ ‬خفف‭ ‬عنا‭ ‬بأن‭ ‬نؤدي‭ ‬العبادات‭ ‬بالشكل‭ ‬الذي‭ ‬نستطيعه،‭ ‬فالصلاة‭ ‬في‭ ‬السفر‭ ‬لنا‭ ‬أن‭ ‬نقصر‭ ‬الصلاة‭ ‬الرباعية‭ ‬ونجعلها‭ ‬اثنتين،‭ ‬ولنا‭ ‬أن‭ ‬نجمع‭ ‬بين‭ ‬الصلوات،‭ ‬وفِي‭ ‬رمضان‭ ‬لنا‭ ‬أن‭ ‬نفطر‭ ‬في‭ ‬السفر،‭ ‬ونقضي‭ ‬حين‭ ‬نقيم،‭ ‬وأما‭ ‬أداء‭ ‬الصلوات‭ ‬في‭ ‬الحضر،‭ ‬فلنا‭ ‬أن‭ ‬نصلي‭ ‬قائمين‭ ‬إن‭ ‬استطعنا،‭ ‬وإن‭ ‬عجزنا‭ ‬صلينا‭ ‬قاعدين،‭ ‬أو‭ ‬مستلقين،‭ ‬أو‭ ‬نخطر‭ ‬أعمال‭ ‬الصلاة‭ ‬على‭ ‬قلوبنا،‭ ‬وللمرأة‭ ‬الحائض‭ ‬أو‭ ‬النفساء‭ ‬أن‭ ‬تقضي‭ ‬الصوم‭ ‬ولا‭ ‬تقضي‭ ‬الصلاة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬رفع‭ ‬الحرج‭ ‬عنها،‭ ‬وكل‭ ‬هذا‭ ‬من‭ ‬رحمة‭ ‬الله‭ ‬وسعة‭ ‬فضله‭ ‬لعباده‭ ‬المؤمنين‭.‬

إنه‭ ‬إسلامنا‭ ‬العظيم‭.. ‬دين‭ ‬اليسر،‭ ‬ورفع‭ ‬الحرج‭ ‬عن‭ ‬المؤمنين‭ ‬القانتين،‭ ‬فالله‭ ‬تعالى‭ ‬يحب‭ ‬أن‭ ‬تؤتى‭ ‬رخصه‭ ‬كما‭ ‬يحب‭ ‬أن‭ ‬تؤتى‭ ‬عزائمه‭.‬

إقرأ أيضا لـ"عبدالرحمن فلاح"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا