العدد : ١٦٨٢٨ - الجمعة ١٩ أبريل ٢٠٢٤ م، الموافق ١٠ شوّال ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٢٨ - الجمعة ١٩ أبريل ٢٠٢٤ م، الموافق ١٠ شوّال ١٤٤٥هـ

شرق و غرب

تداعيات الصراع بين أمريكا والصين على العلاقات الدولية

الأحد ٠٧ مايو ٢٠٢٣ - 02:00

بقلم: بيير جروسر

 

كانت هجمات 11 سبتمبر 2001 في نيويورك بمثابة علامة قوية تؤذن ببداية القرن الحادي والعشرين، حيث دخلت الولايات المتحدة الأمريكية والعالم في حرب ضد آفة الإرهاب. ما التداعيات الحقيقية لتلك الأحداث على العلاقات الدولية؟ مثل رد فعل الولايات المتحدة الأمريكية فرصة غير متوقعة لعدد من الدول، ومن بينها إسرائيل التي كانت تواجه الانتفاضة الفلسطينية الثانية التي انطلقت شرارتها في عام 2000.

علاوة على ذلك، شهدت تلك الفترة أيضا إنشاء منظمة شنغهاي للتعاون، التي تجمع بشكل ملحوظ بين الصين وروسيا، في يونيو 2001، قبل هجمات 11 سبتمبر 2001 مباشرة، وتضمنت قائمة أهدافها مكافحة الإرهاب.

إذا كان التهديد الإرهابي - الذي قللت من شأنه إدارة جورج بوش نفسها - موجودًا قبل توليه الرئاسة، فإن الحادي عشر من سبتمبر 2001 يشكل نقطة تحول تاريخية أدخلت الولايات المتحدة الأمريكية في حرب عالمية ضد الإرهاب، والتي كبدت الولايات المتحدة أكثر من 8000 مليار دولار، كما تسببت في وفاة أكثر من 900 ألف شخص.

يميل الأمريكيون اليوم إلى الاعتقاد بأن الحرب كانت خطأ فادحا، خاصة وأن الصين استغلتها لتثبت نفسها في منطقتها، ثم في العالم. في الوقت نفسه، ركز الجيش الأمريكي على مكافحة حركات التمرد، على حساب ما أطلق عليه البنتاغون منذ عام 2016 «منافسة القوى العظمى».

لنا أن نتساءل عما إذا كانت «الحرب التي لا نهاية لها» ضد الإرهاب، والتي أصبحت «حرب العشرين عاماً» (2001 - 2021، مع إخلاء أفغانستان قد انتهت. في ظل الأحداث الجارية في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، فإن السؤال لا يزال وجيها ومنطقيًا.

منذ عام 2000، اتسم المشهد الدولي بظهور مراكز قوة وتأثير جديدة على المستوى الإقليمي أو الدولي، فيما راح كثير من الكتاب والمحللين السياسيين أن العالم قد بدا يخرج من العالم الأحادي القطب وتدشين مرحلة العالم المتعدد الأقطاب.

نشأت مسألة التعددية القطبية في أعقاب الحرب الباردة، في وقت مبكر من عام 1990. اعتقد البعض أننا ذاهبون إلى الدخول في عالم متعدد الأقطاب، وخاصة مع صعود كل اليابان وألمانيا، نظرا إلى ما تمتلكانه من مقومات اقتصادية وعلمية قوية.

كانت موسكو أو بكين أو باريس تأمل في وجود تعددية قطبية معينة. لكن منذ عام ا194، أدركنا أن العالم هو في حقيقة الأمر أحادي القطب إلى حد ما. اكتسبت هذه الملاحظة أهمية كبيرة في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين مع الحرب ضد الإرهاب، والخطاب العدواني الذي تبناه جزء من اليمين الأمريكي.

لكن الوضع تغير في أعوام 2007-2008. فقد انتقلنا آنذاك الرئيس الأحادي (جورج دبليو بوش) الذي رأى العالم بطريقة أحادية القطب ومن منظار الخير والشر، إلى باراك أوباما الذي يؤمن بتعدد الأقطاب في عالم يبدو له أنه متعدد الأقطاب. ثم يأتي دونالد ترامب أحادي الجانب في عالم يعتبره متعدد الأقطاب. 

أما اليوم، فإنه من الصعب على الرئيس الحالي جو بايدن أن يعرف كيف يتموقع في هذا الموضوع. في الواقع، نحن في عالم أحادي القطبية - بسبب القوة الأمريكية في عدد من المجالات - ثنائي القطب - كما يتضح من التنافس ما بين الصين الصاعدة بسرعة الصاروخ والولايات المتحدة الأمريكية الحريصة على الحفاظ على نفوذها وهيمنتها في العالم، الذي كانت في الوقت نفسه آحادية القطب، نظرا إلى سيطرة أمريكا على عديد القطاعات، كما أنه كان عالما ثنائي الأقطاب من  ناحية أخرى.

في خضم هذه التحولات نجد أن الدبلوماسية أصبحت تتسم بالضبابية، على عكس الديناميكية الدبلوماسية للقوى الوسطى في العالم. هذا هو الحال بشكل خاص في ما يسمى بالشرق الأوسط «ما بعد أمريكا»، مع ازدياد نفوذ تركيا وإيران وإسرائيل، والذي يُتوقع أيضًا في آسيا وإفريقيا وأوروبا.

هذا هو الحال أيضًا في منطقة المحيطين الهندي والهادي، مع الشراكات المتعددة التي أنشأتها الهند وأستراليا واليابان وكوريا الجنوبية وإندونيسيا. إننا نشهد انتصاراً لمفهوم تفضله كازاخستان بشكل خاص: الدبلوماسية متعددة النواقل والقنوات.

تستخدم هذه الدبلوماسية بشكل خاص من قبل الهند وتركيا، وهي تتمثل في مضاعفة الروابط والعلاقات والشراكات وفقًا للمصالح، حتى في العلاقات الصعبة مثل العلاقات الأولى مع الصين أو الثانية مع روسيا. تراهن الدول الإفريقية على هذه المجموعة المتنوعة من الشركاء. هذا لا يعني نهاية التحالفات، لكن الدول الغربية مجبرة الآن على أن تكون أكثر مرونة في علاقاتها مع بعض الشركاء المعينين.

وفقًا للباحث الأمريكي غراهام أليسون، فإن الولايات المتحدة الأمريكية والصين قد بدأتا بالفعل تدخلان في مواجهة تبدو حتمية. وفي حين أن سلطات بكين وواشنطن تتصادمان بالفعل من خلال حروب اقتصادية أو تجارية أو تكنولوجية، فهل نتوقع مواجهة مسلحة بين البلدين أو بالأحرى حرب باردة جديدة؟

هذه النظرية عن المواجهة الحتمية بين بكين وواشنطن هي ثمرة العديد من الأفكار القديمة. على وجه الخصوص نظرية «تحول الهيمنة»، والتي بموجبها ستكون الولايات المتحدة الأمريكية في حالة تدهور في مواجهة وصول منافس جديد - أي الصين.

يعود تاريخ هذه الأطروحة إلى فترة السبعينيات من القرن العشرين الماضي وقد خدمت أغراضا معينة في تلك الحقبة. علاوة على ذلك، منذ بداية فترة التسعينيات، تم مقارنة الصين بألمانيا عام 1914م، حيث كانت ألمانيا آنذاك تعمل على تقويض التوازن من أجل امتلاك مكان تحت الشمس.

ومع ذلك، يقول الباحث غراهام أليسون ذلك بنفسه، وهو يريد من خلال ما يكتبه هدفه أن يُظهر (مع مقارنات مشكوك فيها للغاية) أن صانعي القرار السياسي، الذين يعرفون الحرب المحتملة، يمكنهم تجنب المخاطرة المفرطة.

أما على الجانب الصيني، فإن سلطات بكين تستند إلى التاريخ، فهي تعتبر أن انتقال الهيمنة على العالم بين البريطانيين والأمريكيين قد حدث دون حرب بين القوتين - حيث صعدت الولايات الأمريكية فيما دخلت بريطانيا في مرحلة من الانحطاط.

يمكن للصين أن تسلك نفس المسار وتصبح القوة المهيمنة الجديدة، كما سمعنا الكثير من هذا الكلام خلال فترة إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.

وهكذا، فقد وضعت بكين نفسها كمدافع عن التجارة الحرة، والمنظمات الدولية، والسيادة من خلال الإشارة إلى كل من ميثاق الأمم المتحدة ومبادئ باندونغ. على عكس اليابان يمكن للصين أن تدعي أنها أصبحت قوة مهيمنة ومؤثرة بقوة في العلاقات الدولية.

تدعي الصين أنها أقل تدخلاً من الولايات المتحدة الأمريكية، وهو أمر قابل للنقاش. علاوة على ذلك، فإن «الحلم الصيني» شيوعي للغاية، ويثير الكثير من التردد.

يبدو أن خطر نشوب حرب بين القوتين الأمريكية والصينية من نوع الحرب العالمية الأولى أو الثانية غير مرجح إلى حد ما. وبدلاً من ذلك، تعتمد الصين على التحول السلمي نحو الهيمنة.

تمارس الصين ما يسميه المحللون استراتيجية الحقائق المنجزة، كما هو الحال في بحر الصين الجنوبي أو في جبال الهيمالايا. بالطبع، هناك دائمًا احتمال تصعيد الحوادث؛ إذا تمت إدارة السوابق بشكل جيد، وإذا بدت الحرب غير مرجحة، فقد يميل الجميع إلى القيام بمزيد من المخاطر.

أما الفرضية الأخرى التي يبدو أنها آخذة في الظهور هي أن العالم مقسم إلى قسمين، كما في حقبة الحرب الباردة، مع بُعد من المنافسة الاقتصادية ومعركة المعايير لتأكيد تأثيره، والاحتكاكات المتعددة وهو ما نشهد بعض إرهاصاته في الوقت الحالي.

يبدو أن الولايات المتحدة الأمريكية تريد أن يكون مآل الصين في نهاية المطاف مثل المصير الذي آل إليه الاتحاد السوفيتي من قبل، لكن الحزب الشيوعي الصيني استوعب الدروس من سقوط الاتحاد السوفيتي - ولن يواجه نفس المصير.

في عام 2019، نشرت كتابًا بعنوان تاريخ صنع العالم في آسيا (أوديل جاكوب)، حيث اعتبرت أن آسيا ستلعب دورا مركزيا في رسم ملامح واتجاهات المستقبل.

يعود الافتتان بآسيا إلى الثمانينيات، في ذلك الوقت، كان هناك حديث عن «قرن المحيط الهادئ»، مع هذا الانطباع في أوائل التسعينيات بأن الغرب كان في حالة انحطاط على عكس آسيا الفتية الصاعدة بقوة.

نجحت التجارة البينية الآسيوية في تجاوز التدفقات عبر المحيط الهادئ. في الآونة الأخيرة، خلال الأزمة الاقتصادية الغربية الأساسية لعام 2008، وصل الأمر بالرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى حد مطالبة الصين بإنعاش اقتصادها، بطريقة ما، لإنقاذ الرأسمالية العالمية من الانهيار.

من الآن فصاعدًا، تعد آسيا أساسية تمامًا بسبب الحصة التي تمثلها في النمو الاقتصادي العالمي. لقد أظهرت جائحة الفيروس التاجي منذ عام 2020 أو إغلاق قناة السويس في عام 2021 بشكل جيد مدى اعتماد الغرب على آسيا.

يبدو أيضا أن الجميع يتخذون «محورًا» نحو آسيا، كما أعلن الأمريكيون أنفسهم في أوائل عام 2010. تتضاعف استراتيجيات المحيطين الهندي والهادئ، مثل تلك التي أعلنت في كندا مؤخرًا كما أصبحت العديد من البلدان تتودد إلى رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان).

تستعد الهند وفيتنام لاستقبال الاستثمارات التي ستغادر الصين. حتى قبل عام 20٢4، تتجه روسيا أيضًا إلى آسيا لأسباب اقتصادية واستراتيجية.

أخيرًا، أظهرت الزيارة الأخيرة التي قام بها الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى المملكة العربية السعودية أيضًا هذا الانجذاب المتزايد لدول الخليج إلى آسيا، وهو ما يبدو منطقيًا لأن المشترين الرئيسيين لمواد الهيدروكربونات الخاصة بهم موجودون هناك.

يجب التأكيد أيضًا أن ما يحدث في آسيا له عواقب بالنسبة إلينا في الغرب. فقد أظهر تفشي الجائحة هذا الأمر بشكل جيد. ويمكن ملاحظة ذلك أيضًا في الصعوبة التي تواجهها عديد من الدول في الحد من اعتمادها على الاقتصاد الصيني والإنتاج والاستثمار. إذا حدث صراع في آسيا، فسيكون له بلا شك عواقب على العالم بأسره.

أخيرًا، يمنح الثقل الاقتصادي الكبير للصين وقوتها على الساحة الدولية دورًا أساسيًا. هل كان من الممكن أن تكون روسيا مرنة للغاية وتتخذ نفس الموقف من دون دعم بكين الدبلوماسي والاقتصادي؟ في هذا يقول بعض المحللين والخبراء: وحتى إذا لم نذهب إلى آسيا فإن آسيا ستأتينا.

في عصر التكنولوجيا الرقمية والشبكات الاجتماعية والمعلومات الفورية والأخبار المزيفة، إلى أي مدى تعيد المعلومات والتقنيات تشكيل العلاقات الدولية اليوم وماذا سيحدث غدًا؟

لا شك أن القضايا المتعلقة بالاتصالات والمعلومات المضللة ليست جديدة. يجب ألا ننسى أنه خلال حقبة الحرب الباردة قاد الأمريكيون حملات تضليل لتسهيل سقوط الأنظمة السياسية المكروهة، على غرار الإطاحة بحكومة رئيس الوزراء المنتخب ديمقراطيا في إيران الدكتور محمد مصدق في سنة (1953) أو الإطاحة بنظام الزعيم السياسي سلفادور أليندي في تشيلي (1973).

ظلت الدول الشيوعية تبث «أخبارها الكاذبة» - الحرب البكتريولوجية التي كانت ستشنها الولايات المتحدة في كوريا.

كانت نقطة التحول الرئيسية هي «تأثير سي إن إن» الإخبارية - الذي تم تضخيمه لشرح التدخل الأمريكي في الصومال عام 1992 - والذي دفع الناس إلى التشكيك في الخطر المتزايد لتأثير الصور التي تم التلاعب بها لإثارة التدخل العسكري.

نتذكر المقبرة الجماعية المزيفة في تيميشوارا في رومانيا عام 1989 .

وهكذا، وبينما بدأنا نرى «شبكة الويب العالمية»، أي الإنترنت كمساحة للنقاش الحر، وكانت فكرة القوة الناعمة قد بدأت بالانتشار دوليًا، فإننا في الواقع اليوم أكثر في عصر «القوة الحادة» وإرادة الدول في السيطرة على الإنترنت، حتى لو كان ذلك يعني إغلاقها في حالة حدوث أزمة.

يشير كل هذا إلى الترابط المسلح (الاعتماد المتبادل المسلح) الذي تم الحديث عنه كثيرًا عدة سنوات: ما كنا نظن أنه عامل سلام في التسعينيات (تداول المعلومات، والمناقشات المفتوحة، والاعتماد الاقتصادي المتبادل، وما إلى ذلك). يبدو أنه يمكن اليوم أن يكون سلاحًا.

يضاف إلى ذلك حقيقة أن الدول الغربية تظل «مجتمعات منفتحة». إذا كان هناك خوف في العهد الشيوعي من الدعاية الخارجية، فإن هناك اليوم هذا الشعور «بالتغلغل» من قبل الدول الشمولية، سياسيًا (مع اللوبيات) وعلى صعيد الأفكار (لعبة الصراع على النفوذ).

أخيرًا، يجب أن نتذكر النبوءات حول انتشار العنف. يمكن أن يكون كل فرد ضحية لشكل من أشكال المعلومات المضللة ولاعبًا طوعيًا أو لا إراديًا في حرب المعلومات هذه والتي تعطي انطباعًا عن وضع أفقي تمامًا أقل قابلية للسيطرة عليه.

إذا كانت نتيجة الحرب في أوكرانيا لا تزال غير مؤكدة، فمن المؤكد أنها تعيد خلط خرائط الجغرافيا السياسية العالمية. ما نتائج هذا الصراع وماذا يمكن أن تكون العواقب على مستقبل العلاقات الدولية؟

تتزامن حرب روسيا ضد أوكرانيا مع تصلب العلاقات مع الصين. لذلك، السؤال هو كيف نفسر ما حدث خلال العقود الماضية؟

راح البعض يتساءلون: هل كنا ساذجين، حيث كانت لدينا أوهام بشأن الروس والصينيين منذ التسعينيات؟ بدلاً من ذلك، بقيت روسيا على حالها، ولا يزال أشخاص من النظام السوفييتي، مثل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في السلطة.

يمكن أن يقال نفس الشيء في الصين، حيث يستمر الغرب في ممارسة نفس سياساته الصدامية. هناك، بالطبع، رواية مضادة توضح أن هذا هو خطأ الأمريكيين الذين لم يتعاملوا مع موسكو وبكين بلطف، وخاصة بعد نهاية الحرب الباردة وسقوط الاتحاد السوفييتي، حيث أمعن الغرب في إهانة روسيا.

بالنسبة إلى صناع هذا الخطاب المضاد، ستكون واشنطن هي المستفيد الأكبر من هذا الصراع الروسي الأوكراني. بالنسبة للآخرين، فهم يتحدثون عن الصحوة التي طال انتظارها على حقيقة التهديد الصيني الروسي. إن الوضع اليوم يشبه إلى حد ما أحداث 11 سبتمبر: الغرب يستعد أخيرًا للمعركة. يجب علينا الآن إعادة التسلح بعد سنوات عديدة من عدم التدخل.

قد تكون هذه نقطة تحول بالنسبة إلى اليابان أو ألمانيا. إن السرد حول قيم الغرب من العوامل الموحدة للغرب، والسياق الحالي - حرب روسيا ضد الغرب - يسمح بتعزيزها بعد عدة حروب في الخارج لم تكن مجدية للغاية.

وهكذا، من خلال إظهار عزمه على مواجهة روسيا، يُظهر الغرب أيضًا تصميمه في التعامل بسياسة معينة مع الصين الصاعدة بقوة، لا سيما فيما يتعلق بالمسألة التايوانية. في الأثناء نظل حتى الآن   لا نعرف إلى أي مدى سيصل هذا الصراع في أوكرانيا.

هل يدوم تلاحم صفوف المعسكر الغربي؟ هل لدينا الوسائل التي تجعلنا لا نكون عرضة للخطر تجاه الصين، ودون الاعتماد المفرط على الولايات المتحدة الأمريكية؟ هذه الهواجس عبر عنها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أثناء زيارته الأخيرة إلى الصين.

ألا يركز الغرب كثيرًا وبشكل مفرط على روسيا على الرغم من أن معظم القضايا المركزية التي تهم الغرب توجد في المحيطين الهندي والهادئ؟ هل الغرب يعزل نفسه في عالم لا يريد أن ينحاز إليه؟

في حين أن مهمة الأمم المتحدة هي العمل من أجل الحفاظ على السلم والأمن الدوليين وحماية حقوق الإنسان، يبدو أن وكالة الأمم المتحدة لم تعد قادرة على الاضطلاع بدورها مع مجلس الأمن المقيد والمهمش بسبب حق النقض (الفيتو) الذي تتمتع به الدول الخمسة ذات العضوية الدائمة. هل إصلاح الأمم المتحدة ومجلس الأمن مسألة ضرورية؟

تعود الخلافات حول «نادي القوى العظمى» التابع للأمم المتحدة إلى سبعينيات القرن الماضي، والغربيون وإسرائيل هم الذين وجهت إليهم الاتهامات في منظومة الأمم المتحدة، والذي أثار انتقادات من الأمريكيين منذ ذلك الوقت.

في التسعينيات وخلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، عادت الآمال بإمكانية أن يتعزز دور منظمة الأمم المتحدة. لم يكن هناك عدد قليل من المرات التي تم خلالها استخدام حق النقض في مجلس الأمن كما حدث خلال هذه الفترة.

غير أن الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة وفرنسا قد استعادت السيطرة، حيث استغلت المواقف كي تدين وتفرض العقوبات وتنظم التدخلات في الدول الأخرى وتوفر لها التغطية القانونية. كانت الحرب على الإرهاب بتوافق دولي نسبي.

جاءت نقطة التحول في عام 2011 مع الحرب في ليبيا، والتي أزعج مسارها الغربي بشكل خاص كلا من موسكو وبكين.  خلال الحرب في سوريا رأينا أن النظم الدولية قد وصلت إلى طريق مسدودة.

تكمن المشكلة الأساسية التي تعيق الجهود الرامية إلى جعل الأمم المتحدة منظمة أكثر إنصافًا وفعالية في أنه لا يكفي التذرع بحلول سحرية ليس لديها للأسف فرصة كبيرة في العمل:

‭*‬ إصلاح مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الذي نتحدث عنه بانتظام مسألة معقدة. فمن الصعب للغاية جلب دول جديدة من دون خلق منافسات مع منافسيها الإقليميين. علاوة على ذلك، أليس من الوهم أن نتخيل أنه مع وجود عدد أكبر من الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، سيكون هناك توافق في الآراء؟

‭*‬ هناك حل يتمثل في الحد من حق النقض (الفيتو): إما من خلال الاقتراح الفرنسي المكسيكي المتعلق بالمسؤولية عن عدم ممارسة هذا الحق في حالة ارتكاب فظائع جماعية، وهو أمر يبدو غير مرجح، أو من خلال استبعاد روسيا من مجلس الأمن، الأمر الذي يبدو وهميًا بدرجة أكبر.

‭*‬ تقترح بعض الدوائر أن تفسح الأمم المتحدة مساحة أكبر لدول الجنوب. وهو أمر مشروع، ولكن يتم الترويج له أحيانًا على أنه الحل المعجزة، مع وجود عالم ثالث سعيد. من المثالي أن نتخيل أن بلدان الجنوب ليس لديها مصالحها الخاصة، وأنهم جميعًا متحدون وراء نفس الأفكار، وأنهم جميعًا يفكرون في رفاهية الإنسانية.

‭*‬ بينما تتضاعف الأزمات الكبرى في جميع أنحاء العالم (المناخ، والطاقة، والغذاء، والصحة، والاقتصاد، وما إلى ذلك) مما يدعو إلى تعاون أكبر بين الدول من أجل استجابة عالمية، يعتقد البعض أننا مع ذلك نشهد نهاية التعددية في العالم.

لقد ظهر مصطلح جديد باللغة الإنجليزية وهو «Polycrisis» أي تعدد الأزمات على أكثر من صعيد وقد أصبح يستخدم على نطاق واسع على وجه الخصوص منذ عام 2016 في مواجهة تراكم الأزمات في الاتحاد الأوروبي: الإرهاب، والهجرة، وأزمة الديون، والتقشف ...وهناك اليوم انطباع بأننا لا نكاد نخرج من أزمة حتى نغرق في أزمة أو أزمات أخرى.

هذا على عكس التسعينيات، التي كان لدينا خلالها، بفضل الحوكمة العالمية وما تتضمنه من مرونة، وابتكار وسعي إلى تعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص والتعددية الشاملة. كان لدينا آنذاك الانطباع بأنه يمكننا التعامل مع معظم المشاكل بالفاعلية اللازمة.                                                                                      

على الرغم من نمو التعددية في إدارة القضايا التقنية وتسهيل التعاون، لم نتخيل أبدًا أن جميع القضايا الحديثة ستكون مترابطة إلى هذا الحد. لا يمكن التعامل مع المسألة البيئية دون القلق بشأن قضايا الطاقة أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو الأمنية.

تعتمد حياتنا اليومية على المعايير والقواعد والأعراف التي يتم التفاوض عليها في المنتديات التي لا نعرفها. أما السياسات العامة الداخلية فهي بدورها مرتبطة دوليا، في جميع المجالات.

كونفلي

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا