العدد : ١٦٨٢٧ - الخميس ١٨ أبريل ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٩ شوّال ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٢٧ - الخميس ١٨ أبريل ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٩ شوّال ١٤٤٥هـ

الرأي الثالث

محميد المحميد

malmahmeed7@gmail.com

استوقفتني آية في سورة «الكهف»

كثيرا‭ ‬ما‭ ‬نحرص‭ ‬على‭ ‬قراءة‭ ‬سورة‭ ‬الكهف‭ ‬في‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم،‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬الجمعة‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬أسبوع،‭ ‬اتباعا‭ ‬لهدي‭ ‬رسولنا‭ ‬محمد‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم،‭ ‬لنيل‭ ‬فضل‭ ‬سورة‭ ‬الكهف‭.. ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬مرة‭ ‬نقرأ‭ ‬هذه‭ ‬السورة‭ ‬نكتشف‭ ‬أمورا‭ ‬جديدة‭ ‬فيها،‭ ‬ونجد‭ ‬في‭ ‬كتب‭ ‬التفسير‭ ‬إضاءات‭ ‬جميلة‭ ‬عنها‭.‬

الأسبوع‭ ‬الماضي‭ ‬استوقفتني‭ ‬الآيات‭ ‬التي‭ ‬تحكي‭ ‬قصة‭ ‬سيدنا‭ ‬موسى‭ ‬عليه‭ ‬السلام‭ ‬مع‭ ‬سيدنا‭ ‬الخضر‭ ‬عليه‭ ‬السلام،‭ ‬وكنت‭ ‬أتساءل‭ ‬عن‭ ‬سر‭ ‬المواقف‭ ‬الثلاثة‭ ‬التي‭ ‬مر‭ ‬بها؟‭ ‬ولماذا‭ ‬هي‭ ‬تحديدا؟‭ ‬ولماذا‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬هناك‭ ‬غير‭ ‬تلك‭ ‬المواقف‭ ‬بالذات؟‭ ‬ووجدت‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬كتب‭ ‬التفسير‭ ‬أن‭ ‬المقصد‭ ‬الإلهي‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬المواقف‭ ‬إشارة‭ ‬مطابقة‭ ‬لذات‭ ‬المواقف‭ ‬التي‭ ‬مرت‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬سيدنا‭ ‬موسى‭ ‬عليه‭ ‬السلام‭.‬

الموقف‭ ‬الأول،‭ ‬كان‭ ‬حينما‭ ‬خرق‭ ‬الخضر‭ ‬السفينة،‭ ‬وكان‭ ‬استغراب‭ ‬سيدنا‭ ‬موسى‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الأمر،‭ ‬قال‭ ‬تعالى‭: (‬فَانطَلَقا‭ ‬حَتّى‭ ‬إِذا‭ ‬رَكِبا‭ ‬فِي‭ ‬السَّفينَةِ‭ ‬خَرَقَها‭ ‬قالَ‭ ‬أَخَرَقتَها‭ ‬لِتُغرِقَ‭ ‬أَهلَها‭ ‬لَقَد‭ ‬جِئتَ‭ ‬شَيئًا‭ ‬إِمرًا‭)‬،‭ ‬ومن‭ ‬يتأمل‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الموقف‭ ‬يجد‭ ‬أن‭ ‬سيدنا‭ ‬موسى‭ ‬حينما‭ ‬كان‭ ‬رضيعا‭ ‬ألقته‭ ‬أمه‭ ‬في‭ ‬البحر‭ ‬ولم‭ ‬يغرق،‭ ‬بعناية‭ ‬الله‭ ‬وتدبيره‭.. ‬وكأنها‭ ‬إشارة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الله‭ ‬الذي‭ ‬أنقذ‭ ‬موسى‭ ‬في‭ ‬البحر‭ ‬لأمر‭ ‬معين،‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬أنقذ‭ ‬أهل‭ ‬السفينة‭ ‬في‭ ‬البحر‭ ‬لأمر‭ ‬معين‭ ‬اتضح‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭.‬

الموقف‭ ‬الثاني،‭ ‬كان‭ ‬حينما‭ ‬قتل‭ ‬سيدنا‭ ‬الخضر‭ ‬الطفل،‭ ‬وكان‭ ‬استنكار‭ ‬سيدنا‭ ‬موسى‭ ‬أشد‭ ‬وأكبر،‭ ‬قال‭ ‬تعالى‭: (‬فَانْطَلَقَا‭ ‬حَتَّى‭ ‬إِذَا‭ ‬لَقِيَا‭ ‬غُلَامًا‭ ‬فَقَتَلَهُ‭ ‬قَالَ‭ ‬أَقَتَلْتَ‭ ‬نَفْسًا‭ ‬زَكِيَّةً‭ ‬بِغَيْرِ‭ ‬نَفْسٍ‭ ‬لَقَدْ‭ ‬جِئْتَ‭ ‬شَيْئًا‭ ‬نُكْرًا‭)‬،‭ ‬ومن‭ ‬يتأمل‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الموقف‭ ‬يجد‭ ‬أن‭ ‬سيدنا‭ ‬موسى‭ ‬حينما‭ ‬كبر‭ ‬وأصبح‭ ‬شابا‭ ‬قويا‭ ‬قتل‭ ‬أحد‭ ‬الأشخاص،‭ ‬وكان‭ ‬تدبير‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬أن‭ ‬يخرج‭ ‬موسى‭ ‬من‭ ‬القرية‭ ‬التي‭ ‬هو‭ ‬فيها،‭ ‬وكان‭ ‬الخير‭ ‬والفرج‭ ‬بانتظاره‭.‬

الموقف‭ ‬الثالث،‭ ‬كان‭ ‬حينما‭ ‬قام‭ ‬سيدنا‭ ‬الخضر‭ ‬بإعادة‭ ‬بناء‭ ‬الجدار‭ ‬في‭ ‬بيت‭ ‬الغلمان‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يأخذ‭ ‬أجرا‭ ‬أو‭ ‬مقابل،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬أهل‭ ‬تلك‭ ‬القرية‭ ‬رفضوا‭ ‬أن‭ ‬يطعموهما،‭ ‬قال‭ ‬تعالى‭: ( ‬فانْطَلَقَا‭ ‬حَتَّى‭ ‬إِذَا‭ ‬أَتَيَا‭ ‬أَهْلَ‭ ‬قَرْيَةٍ‭ ‬اسْتَطْعَمَا‭ ‬أَهْلَهَا‭ ‬فَأَبَوْا‭ ‬أَنْ‭ ‬يُضَيِّفُوهُمَا‭ ‬فَوَجَدَا‭ ‬فِيهَا‭ ‬جِدَارًا‭ ‬يُرِيدُ‭ ‬أَنْ‭ ‬يَنْقَضَّ‭ ‬فَأَقَامَهُ‭ ‬قَالَ‭ ‬لَوْ‭ ‬شِئْتَ‭ ‬لَاتَّخَذْتَ‭ ‬عَلَيْهِ‭ ‬أَجْرًا‭)‬،‭ ‬ومن‭ ‬يتأمل‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الموقف‭ ‬يجد‭ ‬أن‭ ‬سيدنا‭ ‬موسى‭ ‬مر‭ ‬بمثل‭ ‬هذا‭ ‬الموقف‭ ‬في‭ ‬حياته،‭ ‬حينما‭ ‬سقى‭ ‬للمرأتين‭ ‬دونما‭ ‬مقابل،‭ ‬حين‭ ‬وجدهما‭ ‬أمام‭ ‬البئر،‭ ‬فكان‭ ‬تدبير‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬أن‭ ‬تبدأ‭ ‬مسيرة‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬سيدنا‭ ‬موسى‭ ‬بعد‭ ‬هذا‭ ‬الموقف‭.‬

الأستاذة‭ ‬‮«‬فوزية‭ ‬رشيد‮»‬‭ ‬كتبت‭ ‬منذ‭ ‬أيام‭ ‬في‭ ‬مقالها‭ ‬المنشور‭ ‬بأخبار‭ ‬الخليج‭ ‬مقالا‭ ‬في‭ ‬غاية‭ ‬الروعة‭ ‬بعنوان‭: (‬الخارطة‭ ‬الذهنية‭ ‬في‭ ‬سورة‭ ‬الكهف‭ ‬والسر‭ ‬الإلهي‭).. ‬واستوقفتها‭ ‬أربعة‭ ‬مواقف‭ ‬قصص‭ ‬في‭ ‬سورة‭ ‬الكهف،‭ ‬وهي‭: ‬قصة‭ ‬أصحاب‭ ‬الكهف،‭ ‬وقصة‭ ‬صاحب‭ ‬الجنتين،‭ ‬وقصة‭ ‬موسى‭ ‬والخضر،‭ ‬وقصة‭ ‬ذي‭ ‬القرنين‭.. ‬وكيف‭ ‬تكون‭ ‬النجاة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحياة‭ ‬من‭ ‬فتنة‭ ‬الدين،‭ ‬وفتنة‭ ‬المال،‭ ‬وفتنة‭ ‬العلم،‭ ‬وفتنة‭ ‬السلطة‭ ‬أيا‭ ‬كان‭ ‬شكلها‭ ‬وصورتها‭.‬

فيا‭ ‬سبحان‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الإعجاز‭ ‬الرباني‭ ‬والتصريف‭ ‬الإلهي،‭ ‬ويا‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬سورة‭ ‬عظيمة،‭ ‬نكتشف‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مرة‭ ‬خبايا‭ ‬وأسرارا،‭ ‬سيظل‭ ‬العقل‭ ‬البشري‭ ‬عاجزا‭ ‬عن‭ ‬استكمال‭ ‬كل‭ ‬الخير‭ ‬فيها‭.‬

تبقى‭ ‬مسألة‭ ‬أخيرة‭ ‬واجبة‭ ‬الإشارة،‭ ‬وهي‭ ‬أن‭ ‬كثيرا‭ ‬منا‭ ‬قد‭ ‬وفقه‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬ختم‭ ‬قراءة‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم‭ ‬كاملا‭ ‬خلال‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬المبارك،‭ ‬ومن‭ ‬الأهمية‭ ‬بمكان‭ ‬أن‭ ‬نحرص‭ ‬على‭ ‬المواصلة‭ ‬في‭ ‬قراءة‭ ‬القرآن‭ ‬وختمه‭ ‬قدر‭ ‬الإمكان‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬فترة‭ ‬محددة،‭ ‬مهما‭ ‬طالت‭.‬

وليبقَ‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم‭ ‬معجزة‭ ‬الكون‭.. ‬ولتبقَ‭ ‬أسرار‭ ‬الإعجاز‭ ‬في‭ ‬سورة‭ ‬الكهف‭ ‬وكل‭ ‬السور‭ ‬من‭ ‬العلم‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬ينضب‭.. ‬‮«‬وما‭ ‬أوتيتم‭ ‬من‭ ‬العلم‭ ‬إلا‭ ‬قليلا‮»‬‭.‬

إقرأ أيضا لـ"محميد المحميد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا