تعتبر القراءة عملاً فكرياً عقلياً يهدف إلى تمكين القارئ (الطالب) من فهم ما يقرأ بكل سهولة ويسر. لذلك، تعتبر تنمية القدرة على الفهم القرائي من أسمى أهداف تعليم القراءة. وفي أبسط تعريفاته، يمكن القول إن الفهم القرائي (Reading Comprehension) هو عملية عقلية بنائية تفاعلية يقوم بها الطالب من خلال محتوى قرائي، بغية استخلاصه المعنى العام للموضوع. وتقاس فاعلية الفهم القرائي بقدرة الطالب على معالجة النص، وفهم معناه، والاندماج معه، والاحتفاظ بالمعلومات وتوظيفها في مواقف أخرى. رغم كل هذا، تشير الكثير من نتائج الدراسات التربوية إلى ضعف شديد في الفهم القرائي لدى العديد من الطلاب، ما يشكل تحدياً كبيراً لأنظمة التعليم على المستوى العالمي. لذلك، يعرض هذا المقال بعض الطرق والاستراتيجيات والنصائح التربوية التي أثبتت فاعليتها في تحسين مستوى فهم واستيعاب النصوص عند القراءة (الفهم القرائي).
تعتبر القراءة النشطة (Active Reading) من أهم الطرق المستخدمة في تحسين مستوى الفهم القرائي، عن طريق تفاعل الطالب مع النص بطرح الأسئلة، وربط المعاني، وتلخيص الأفكار الرئيسية أثناء القراءة، ما يساعد في معالجة المعلومات واستيعابها بشكل أكثر فعالية.
ومن الطرق الأخرى تدوين الملاحظات (Note-taking)، بحيث يقوم الطالب بتدوين النقاط الأساسية، والأفكار الرئيسية، وأي أسئلة تخطر في باله أثناء القراءة، والتي تشكل مرجعاً سريعاً يساعد الطالب في ترسيخ فهمه للنص المقروء.
وينصح التربويون باستخدام أجهزة تقوية الذاكرة (Mnemonic Devices) للمساعدة في تحسين الفهم القرائي، وذلك عن طريق إنشاء مساعدات للذاكرة، مثل الاختصارات (Acronyms)، والمرئيات أو البصريات (Visualizations)، والترابط أو الاقتران (Association)، وغيرها، والتي من شأنها المساعدة في تذكر التفاصيل والمفاهيم المختلفة. وفي هذا الشأن، يمكن للطالب استخدام هذه المساعدات لتقسيم الأفكار المعقدة إلى أجزاء أو قطع صغيرة (Chunks) يمكن التحكم بها، ما يسهم في تسهيل عملية معالجة المعلومات وتذكرها.
ومن الطرق الشائعة أيضاً في تحسين مستوى الفهم القرائي إعادة صياغة النص المقروء بكلمات الطالب الخاصة (Paraphrasing)، وقراءته بصوت مرتفع، ما يعزز فهمه للمحتوى وحفظه في الذاكرة.
وتعتبر طريقة المراجعة والتكرار من أكثر الطرق فعالية في الاحتفاظ بالمعلومات على المدى البعيد، ويكون ذلك باستخدام تقنية التكرار المتباعد (Spaced Repetition)، التي تتضمن مراجعة المحتوى الدراسي على فترات زمنية متزايدة (Increased Intervals).
وتحتل استراتيجية تعليم الآخرين (Teaching Others) مركزاً متقدماً في قائمة الاستراتيجيات الأكثر نجاحاً في تعزيز فهم واستيعاب وتذكر النص المقروء، حيث إن شرح المحتوى التعليمي لشخص آخر (زميل أو قرين) يتطلب من الطالب تنظيم وتوضيح فهمه للمعلومات، ما يؤدي إلى تقوية ذاكرته وفهمه واستيعابه للمحتوى التعليمي.
ويرى الكثير من التربويين والمختصين أن تطبيق المعلومات (Applying Information) يساعد كثيراً في تعزيز فهم الطالب، وجعل المعلومات أكثر قابلية للتذكر، عن طريق البحث عن سبل لتطبيق المفاهيم والأفكار التي يقرأها الطالب في الحياة اليومية أو مجالات الدراسة الأخرى.
ومن الطرق المتبعة أيضاً في تحسين الفهم القرائي تطوير روتين ثابت للقراءة (Constant Reading Routine)، ويكون ذلك بتخصيص وقت محدد للقراءة كل يوم، بحيث يشكل روتيناً مناسباً للطالب للقيام بعملية القراءة. وفي هذا الصدد، يمكن للطالب اختيار أو إنشاء بيئة هادئة ومريحة للقراءة، بعيداً عن عوامل التشتيت للحفاظ على تركيزه.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك