العدد : ١٦٨٠٧ - الجمعة ٢٩ مارس ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ رمضان ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٠٧ - الجمعة ٢٩ مارس ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ رمضان ١٤٤٥هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

البحث عن سر وجود الإنسان!

{‭ ‬لا‭ ‬هدف‭ ‬يسمو‭ ‬فوق‭ ‬معرفة‭ ‬الإنسان‭ ‬سر‭ ‬وجوده‭ ‬في‭ ‬الحياة،‭ ‬وأهم‭ ‬تلك‭ ‬الأسرار‭ ‬بعد‭ ‬معرفته‭ ‬لنفسه،‭ ‬هو‭ ‬سرّ‭ ‬تواصله‭ ‬مع‭ ‬خالقه‭ ‬وخالق‭ ‬الحياة‭ ‬والكون‭ ‬عبر‭ ‬العبادات‭ ‬والطاعات‭ ‬والأعمال‭ ‬الصالحة،‭ ‬وكما‭ ‬قال‭ ‬الرسول‭ ‬الأعظم،‭ ‬أفضل‭ ‬الصلوات‭ ‬عليه‭ (‬آمن‭ ‬واستقم‭)! ‬كلمتان‭ ‬فيهما‭ ‬سرّ‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬الإيمان‭ ‬والعمل‭ ‬الصالح،‭ ‬لأن‭ ‬الصلاح‭ ‬في‭ ‬قلب‭ ‬الإنسان‭ ‬هو‭ ‬النتاج‭ ‬الطبيعي‭ ‬للإيمان،‭ ‬ولأن‭ ‬الإيمان‭ ‬لا‭ ‬يأخذ‭ ‬تجسيده‭ ‬ومغزاه‭ ‬إلا‭ ‬بالعمل‭ ‬والسلوك‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬الخير‭!‬

ونحن‭ ‬اليوم‭ ‬نستقبل‭ ‬أول‭ ‬أيام‭ ‬رمضان‭ ‬بنفحته‭ ‬الروحانية‭ ‬العالية،‭ ‬التي‭ ‬تجمع‭ ‬كل‭ ‬مسلمي‭ ‬العالم‭ ‬شرقاً‭ ‬وغرباً،‭ ‬ندرك‭ ‬أن‭ ‬الصيام‭ ‬أو‭ ‬الصوم‭ ‬وحده‭ ‬العبادة‭ ‬التي‭ ‬ثوابها‭ ‬عند‭ ‬الله‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬كل‭ ‬العبادات‭ ‬الأخرى‭!‬

{‭ ‬وندرك‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬سنن‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬خلقه‭ ‬وفي‭ ‬الطبيعة‭ ‬هي‭ ‬لصالح‭ ‬الإنسان‭ ‬والحياة،‭ ‬فالذي‭ ‬خلق‭ ‬وضع‭ ‬أعقد‭ ‬البرمجيات‭ ‬والأسرار‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬يدركها‭ ‬العقل‭ ‬حينا،‭ ‬ولا‭ ‬يدركها‭ ‬حيناً‭ ‬آخر،‭ ‬لأنها‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬العقل‭ ‬المحدود‭ ‬بماديته‭ ‬وبمحيطه،‭ ‬ولكنه‭ ‬يفقهها‭ ‬بالقلب‭ ‬الذي‭ ‬قال‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬عنه‭ ‬إن‭ ‬القلب‭ ‬الإنساني‭ ‬وحده‭ ‬وسعه‭ ‬بعد‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬آخر‭ (‬وسعني‭ ‬قلب‭ ‬عبدي‭)! ‬ولهذا‭ ‬فإن‭ ‬يوماً‭ ‬بعد‭ ‬يوم‭ ‬نرى‭ ‬الدلائل‭ ‬على‭ ‬الفارق‭ ‬بين‭ ‬سننّ‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬خلقه‭ ‬أو‭ ‬العلم‭ ‬الإلهي‭ ‬والعلوم‭ ‬الزائفة‭ ‬أو‭ ‬الشريرة‭ ‬أو‭ ‬الشيطانية،‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬إفساد‭ ‬تلك‭ ‬السنن‭ ‬أو‭ ‬الفطرة‭ ‬في‭ ‬الإنسان‭ ‬والطبيعة،‭ ‬وما‭ ‬ينتج‭ ‬عن‭ ‬تلك‭ (‬البرمجة‭ ‬الشيطانية‭) ‬للإنسان‭ ‬من‭ ‬كوارث‭ ‬صحية‭ ‬ونفسية‭ ‬وأخلاقية‭ ‬واجتماعية‭!‬

{‭ ‬العلم‭ ‬على‭ ‬لسان‭ ‬علمائه‭ ‬أثبتوا‭ ‬بالتجربة‭ ‬فوائد‭ ‬الصوم‭ ‬ساعات‭ ‬طويلة،‭ ‬كالتي‭ ‬يصومها‭ ‬المسلم‭ ‬في‭ ‬رمضان‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬على‭ ‬صحته‭ ‬وتجديد‭ ‬خلايا‭ ‬جسمه‭! ‬وكثير‭ ‬منهم‭ ‬يدعون‭ ‬إلى‭ ‬الصوم‭ ‬من‭ ‬المنطلق‭ ‬الصحي‭ ‬البحت،‭ ‬فيما‭ ‬يجني‭ ‬المسلم‭ ‬ثمار‭ ‬صومه‭ ‬بما‭ ‬لا‭ ‬يخطر‭ ‬على‭ ‬بال‭ ‬أولئك‭ ‬العلماء،‭ ‬سواء‭ ‬بما‭ ‬وعده‭ ‬الله‭ ‬من‭ ‬حسن‭ ‬الجزاء،‭ ‬أو‭ ‬بما‭ ‬يجدّد‭ ‬به‭ ‬خلايا‭ ‬جسده‭ ‬بالصوم‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬في‭ ‬رمضان‭! ‬أو‭ ‬بما‭ ‬يكسبه‭ ‬من‭ ‬نفحات‭ ‬روحية‭ ‬يتواصل‭ ‬بها‭ ‬مع‭ ‬خالقه،‭ ‬وبما‭ ‬يفهمه‭ ‬من‭ ‬أسرار‭ ‬العبادات‭ ‬التي‭ ‬فرضها‭ ‬الله‭ ‬على‭ ‬المسلمين،‭ ‬والدين‭ ‬عند‭ ‬الله‭ ‬منذ‭ ‬خلق‭ ‬آدم‭ ‬وحتى‭ ‬يومنا‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬الإسلام‭!‬

{‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يتربصّ‭ ‬بالعبادات‭ ‬ومنها‭ ‬الصوم‭ ‬في‭ ‬رمضان،‭ ‬وهؤلاء‭ ‬المتربصون‭ ‬محسوبون‭ ‬على‭ ‬الإسلام‭ ‬اسما،‭ ‬ولكنهم‭ ‬منساقون‭ ‬وراء‭ ‬دعوات‭ ‬التشكيك‭ ‬في‭ ‬الدين‭ ‬وشرائعه‭ ‬وشعائره،‭ ‬سواء‭ ‬عن‭ ‬قصد‭ ‬أو‭ ‬انسياق‭ ‬أعمى‭ ‬وراء‭ ‬الحملات‭ ‬الشيطانية‭ ‬ضد‭ ‬الإسلام‭ ‬تحديداً‭ ‬بحيث‭ ‬ما‭ ‬أن‭ ‬يهلّ‭ ‬هذا‭ ‬الشهر‭ ‬الكريم،‭ ‬حتى‭ ‬تمتلئ‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬بفيديوهات‭ ‬وتحليلات‭ ‬لمفكرين‭ ‬همهم‭ ‬الضرب‭ ‬في‭ ‬الإسلام‭ ‬وعباداته‭ ‬وبأي‭ ‬شكل‭! ‬ويريدون‭ ‬أن‭ ‬يطفئوا‭ ‬نور‭ ‬الله‭ ‬ويأبى‭ ‬الله‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬نوره‭ ‬كما‭ ‬وعد‭! ‬ولذلك‭ ‬ورغم‭ ‬كل‭ ‬الحملات‭ ‬ضد‭ ‬الإسلام‭ ‬والمسلمين،‭ ‬فإن‭ (‬الغرب‭ ‬يقف‭ ‬عاجزاً‭ ‬أمام‭ ‬معرفة‭ ‬سرّ‭ ‬أن‭ ‬الإسلام‭ ‬هو‭ ‬أكثر‭ ‬المعتقدات‭ ‬انتشاراً‭)! ‬بل‭ ‬إنه‭ ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬يتخلّى‭ ‬بعض‭ ‬السذج‭ ‬المسلمين‭ ‬عن‭ ‬دينهم‭ ‬ومعرفة‭ ‬أسراره،‭ ‬يخرج‭ ‬في‭ ‬الخارج‭ ‬وفي‭ ‬الغرب‭ ‬من‭ ‬يتراجع‭ ‬عن‭ ‬إلحاده‭ ‬أو‭ ‬عن‭ ‬معتقده‭ ‬السابق،‭ ‬ليؤمن‭ ‬بأن‭ ‬القرآن‭ ‬هو‭ ‬الكتاب‭ ‬المعجزة‭ ‬وأنه‭ ‬رسالة‭ ‬الله‭ ‬إلى‭ ‬البشر‭ ‬وبه‭ ‬يدخل‭ ‬الإسلام‭! ‬وهؤلاء‭ ‬علماء‭ ‬وقساوسة‭ ‬وحتى‭ ‬حاخامات‭ ‬ورياضيين‭ ‬ونجوم‭ ‬ومثقفين،‭ ‬أدركوا‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يدركه‭ ‬بعض‭ ‬المسلمين‭ ‬الذين‭ ‬يسيرون‭ ‬خلف‭ ‬قافلة‭ ‬الضلال،‭ ‬وهم‭ ‬يعتقدون‭ ‬أنهم‭ ‬أصحاب‭ ‬علم‭ ‬وثقافة‭ ‬وفكر‭!‬

{‭ ‬قال‭ ‬مرة‭ ‬أحد‭ ‬زعماء‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬‮«‬مناحيم‭ ‬بيجين‮»‬‭ ‬إن‭ (‬لدى‭ ‬المسلمين‭ ‬قوة‭ ‬لو‭ ‬عرفوا‭ ‬سرّها‭ ‬لن‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬يهزمهم‭ ‬أحد‭! ‬تلك‭ ‬القوة‭ ‬هي‭ ‬القرآن‭)! ‬حتى‭ ‬أعداء‭ ‬الدين‭ ‬والإسلام‭ ‬يعرفون‭ ‬قوة‭ ‬هذا‭ ‬الدين‭ ‬العظيم،‭ ‬ويحسدون‭ ‬المسلمين‭ ‬عليه،‭ ‬ولكنهم‭ ‬في‭ ‬ذات‭ ‬الوقت‭ ‬يحاربونه‭ ‬بكل‭ ‬الطرق‭ ‬والأساليب‭ ‬لأنهم‭ ‬من‭ ‬أتباع‭ ‬الشيطان‭ ‬وعبدته‭!‬

هنيئاً‭ ‬للمؤمنين‭ ‬المسلمين‭ ‬دينهم‭ ‬وعباداتهم‭ ‬وأعمالهم‭ ‬الصالحة،‭ ‬وهنيئا‭ ‬لهم‭ ‬هذا‭ ‬الشهر‭ ‬الفضيل‭ ‬الذي‭ ‬تتجلّى‭ ‬فيه‭ ‬كل‭ ‬العبادات‭ ‬والصالحات‭! ‬وهنيئاً‭ ‬لمن‭ ‬يدرك‭ ‬سرّ‭ ‬هذا‭ ‬الشهر‭ ‬معرفة‭ ‬قلبية‭ ‬حقيقية‭ ‬والراحة‭ ‬النفسية‭ ‬والتسامي‭ ‬الروحي‭ ‬والتخلص‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬سموم‭ ‬التعاليم‭ ‬الشيطانية‭ ‬وسطوتها‭ ‬على‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬شهور‭ ‬السنة‭ ‬الأخرى‭!‬

هي‭ ‬واحة‭ ‬راحة،‭ ‬تصعد‭ ‬بالإنسان‭ ‬وقت‭ ‬صيامه‭ ‬فوق‭ ‬كل‭ ‬الشهوات‭ ‬والغرائز،‭ ‬ليكون‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬الذي‭ ‬به‭ ‬ليلة‭ ‬القدر،‭ ‬حيث‭ ‬أنزل‭ ‬الله‭ ‬القرآن‭ ‬فيها‭ ‬كاملا‭ ‬قبل‭ ‬نزوله‭ ‬وحيا‭ ‬على‭ ‬الرسول‭ ‬الأعظم،‭ ‬وهو‭ ‬ليلة‭ ‬القدر‭ ‬خير‭ ‬من‭ ‬ألف‭ ‬شهر،‭ ‬وهو‭ ‬رمضان‭ ‬الذي‭ ‬به‭ ‬تتبارك‭ ‬كل‭ ‬الخلائق‭ ‬إلا‭ ‬المفكرين‭ ‬لمن‭ ‬خلقهم‭ ‬وفضله‭ ‬عليهم‭ ‬وعجزهم‭ ‬عن‭ ‬البحث‭ ‬العميق‭ ‬لسر‭ ‬وجودهم‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحياة‭!‬

كل‭ ‬عام‭ ‬وأنتم‭ ‬بخير‭ ‬ورب‭ ‬رمضان‭ ‬مبارك‭ ‬وكريم‭.‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا