العدد : ١٦٨٣٦ - السبت ٢٧ أبريل ٢٠٢٤ م، الموافق ١٨ شوّال ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٣٦ - السبت ٢٧ أبريل ٢٠٢٤ م، الموافق ١٨ شوّال ١٤٤٥هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

يا رب اخسف بهن الأرض والفضاء

لأنني‭ ‬كتبت‭ ‬عشرات‭ ‬المقالات‭ ‬عن‭ ‬فتيات‭ ‬الفياغرا‭ ‬اللائي‭ ‬تستخدمهن‭ ‬الفضائيات‭ ‬العربية‭ ‬طُعما‭ ‬لاستدراج‭ ‬المشاهدين،‭ ‬يحسب‭ ‬البعض‭ ‬أنني‭ ‬ضليع‭ ‬في‭ ‬شؤون‭ ‬الرقص‭ ‬والغناء‭ ‬العربي‭ ‬وأنني‭ ‬انتقل‭ ‬من‭ ‬فضائية‭ ‬عربية‭ ‬إلى‭ ‬أخرى‭!! ‬هذا‭ ‬أبعد‭ ‬ما‭ ‬يكون‭ ‬عن‭ ‬الحقيقية،‭ ‬حيث‭ ‬إنني‭ ‬لم‭ ‬أر‭ ‬طوال‭ ‬حياتي‭ ‬مثلا‭ ‬فيفي‭ ‬عبده‭ ‬وهي‭ ‬ترقص‭: ‬لا‭ ‬في‭ ‬ناد‭ ‬ليلي‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬فيلم‭ ‬سينمائي‭ ‬أو‭ ‬تلفزيوني،‭ ‬وأستطيع‭ ‬أن‭ ‬أقول‭ ‬بكل‭ ‬ثقة‭ ‬إنني‭ ‬لا‭ ‬أشاهد‭ ‬فيلماً‭ ‬بأي‭ ‬لغة‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يشهد‭ ‬بصلاحيته‭ ‬وجودته‭ ‬أربعة‭ ‬أشخاص‭ ‬من‭ ‬الذين‭ ‬أثق‭ ‬في‭ ‬رجاحة‭ ‬عقلهم،‭ ‬وبما‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬العدد‭ ‬من‭ ‬راجحي‭ ‬العقل‭ ‬لا‭ ‬يتوافر‭ ‬بين‭ ‬أصدقائي‭ ‬ومعارفي‭ ‬فإنني‭ ‬قل‭ ‬أن‭ ‬أشاهد‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أربعة‭ ‬أفلام‭ ‬في‭ ‬السنة،‭ ‬ولم‭ ‬أتابع‭ ‬مسلسلاً‭ ‬عربيا‭ ‬في‭ ‬حياتي‭ ‬سوى‭ ‬‮«‬ليالي‭ ‬الحلمية‮»‬،‭ ‬وكان‭ ‬ذلك‭ ‬لأنني‭ ‬أحب‭ ‬الممثل‭ ‬يحيى‭ ‬الفخراني‭ ‬وأحترم‭ ‬كاتب‭ ‬قصة‭ ‬المسلسل‭ ‬أسامة‭ ‬أنور‭ ‬عكاشة‭ ‬رحمه‭ ‬الله‭.‬

يحلو‭ ‬لنا‭ ‬نحن‭ ‬السودانيين‭ ‬القول‭ ‬إننا‭ ‬قوم‭ ‬شديدو‭ ‬الاستقامة‭ ‬والأمانة‭ ‬والاعتداد‭ ‬بالشرف،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬فإن‭ ‬ظاهرة‭ ‬السودانيات‭ ‬المتشخلعات‭ ‬باسم‭ ‬الفن‭ ‬والطرب‭ ‬تسبب‭ ‬لنا‭ ‬انكساراً‭ ‬نفسياً‭ ‬ومعنوياً‭ ‬شديداً،‭ ‬صحيح‭ ‬أن‭ ‬المجتمع‭ ‬السوداني‭ ‬لم‭ ‬يخل‭ ‬طوال‭ ‬تاريخه‭ ‬من‭ ‬الجانحين‭ ‬والجانحات‭ ‬ولكن‭ ‬غسيلنا‭ ‬القذر‭ ‬ظل‭ ‬مستوراً‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬جاءت‭ ‬الفضائيات‭ ‬فأحسسنا‭ ‬أنها‭ ‬تفض‭ ‬بكارة‭ ‬بلدنا‭ ‬العظيم،‭ ‬لدينا‭ ‬والله‭ ‬مطربات‭ ‬يحرك‭ ‬صوتهن‭ ‬الصخور‭ ‬الجلاميد‭: ‬حنان‭ ‬النيل‭ ‬فتاة‭ ‬ضريرة‭ ‬ولكن‭ ‬لها‭ ‬حنجرة‭ ‬تصدر‭ ‬طبقات‭ ‬صوتية‭ ‬متنوعة‭ ‬ولا‭ ‬تتعاطى‭ ‬إلا‭ ‬الشعر‭ ‬العذب‭ ‬والنظيف‭ ‬في‭ ‬مصاحبة‭ ‬الموسيقى‭ ‬الهادئة‭ ‬المدروسة‭. ‬ثم‭ ‬قررت‭ ‬اعتزال‭ ‬الغناء‭ ‬نهائيا‭.‬

ولكن‭ ‬كيف‭ ‬لمطربات‭ ‬السودان‭ ‬ذوات‭ ‬الحس‭ ‬الفني‭ ‬الراقي‭ ‬واللاتي‭ ‬يغنين‭ ‬حلو‭ ‬الكلام‭ ‬أن‭ ‬يجدن‭ ‬القبول،‭ ‬والجمهور‭ ‬العربي‭ ‬لا‭ ‬يريد‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬يغني‭ ‬للتريلا‭ ‬والأسمريكا‭ ‬وشيكا‭ ‬بيكا؟‭ ‬كيف‭ ‬ينافسن‭ ‬–مثلا‭- ‬سمارة؟‭ ‬وكان‭ ‬حال‭ ‬الغناء‭ ‬في‭ ‬السودان‭ ‬مستورا‭ ‬حتى‭ ‬جاءت‭ ‬الفضائيات‭ ‬ويوتيوب‭ ‬وفيسبوك،‭ ‬فكثر‭ ‬النهيق‭ ‬والزعيق،‭ ‬وظهرت‭ ‬في‭ ‬التسعينيات‭ ‬بنات‭ ‬سودانيات‭ ‬ذوات‭ ‬أصوات‭ ‬منكرة‭ ‬ووجوه‭ ‬منفرة،‭ ‬عليها‭ ‬غبرة،‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الفضائيات‭ ‬التافهة،‭ ‬فأصبح‭ ‬المشاهد‭ ‬العربي‭ ‬يعتقد‭ ‬أن‭ ‬هؤلاء‭ ‬‮«‬التريلات‮»‬‭ ‬هن‭ ‬ممثلات‭ ‬الفن‭ ‬الغنائي‭ ‬في‭ ‬السودان‭ (‬سبق‭ ‬أن‭ ‬شرحت‭ ‬هنا‭ ‬في‭ ‬أخبار‭ ‬الخليج‭ ‬أن‭ ‬أغنية‭ ‬التريلا‭ ‬فاضحة‭ ‬لأن‭ ‬الكلمة‭ ‬تعني‭ ‬الأرداف‭ ‬التي‭ ‬تجرها‭ ‬المرأة‭ ‬الممتلئة‭ ‬وراءها‭ ‬كما‭ ‬التريلا‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬التريلر‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬المقطورة‭ ‬التي‭ ‬تجرها‭ ‬عربة‭ ‬‮«‬قندران‮»‬‭).‬

ومؤخراً‭ ‬اتصل‭ ‬بي‭ ‬أحد‭ ‬الأصدقاء‭ ‬ليقول‭ ‬لي‭ ‬إنه‭ ‬رأى‭ ‬مغنية‭ ‬سمراء‭ ‬تسمي‭ ‬نفسها‭ ‬‮«‬سمارة‭ ‬توست‮»‬‭ ‬وتزعم‭ ‬أنها‭ ‬‮«‬نوبية‮»‬‭. ‬ما‭ ‬هذه‭ ‬المصائب‭ ‬التي‭ ‬تتوالى‭ ‬على‭ ‬رؤوسنا؟‭ ‬صبرنا‭ ‬على‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬البلاوي‭ ‬والرزايا‭ ‬على‭ ‬مضض‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أصبحت‭ ‬‮«‬مقررات‮»‬‭ ‬ثابتة‭ ‬في‭ ‬الفضائيات‭ ‬العربية،‭ ‬ثم‭ ‬خرجت‭ ‬إذاعة‭ ‬‮«‬بي‭. ‬بي‭. ‬سي‮»‬‭ ‬العربية‭ ‬عن‭ ‬وقارها‭ ‬قبل‭ ‬وفاتها‭ ‬بقليل‭ ‬وبثت‭ ‬لسمارة‭ ‬هذه‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أغنية،‭ ‬فإذا‭ ‬بها‭ ‬تزعم‭ ‬أنها‭ ‬نوبية‭! ‬ألا‭ ‬يكفينا‭ ‬نحن‭ ‬النوبيين‭ ‬ما‭ ‬نحن‭ ‬فيه‭ ‬سلفاً‭ ‬من‭ ‬‮«‬تريقة‮»‬‭ ‬وبهدلة؟‭ ‬المصريون‭ ‬والسودانيون‭ ‬وهم‭ ‬أهلنا‭ ‬وسندنا‭ ‬جعلوا‭ ‬منا‭ ‬مادة‭ ‬للنكات،‭ ‬ثم‭ ‬ينتقلون‭ ‬منا‭ ‬إلى‭ ‬الصعايدة‭! ‬مع‭ ‬أن‭ ‬النوبيين‭ ‬والصعايدة‭ ‬هم‭ ‬عماد‭ ‬مصر‭ ‬والسودان‭! ‬يقولون‭ ‬في‭ ‬السودان‭ ‬إن‭ ‬النوبي‭ ‬إذا‭ ‬نجح‭ ‬يصبح‭ ‬بواباً‭ ‬أو‭ ‬طباخاً‭! ‬ولكن‭ ‬يكفينا‭ ‬فخراً‭ ‬أننا‭ ‬علمنا‭ ‬باقي‭ ‬أهل‭ ‬وادي‭ ‬النيل‭ ‬كيف‭ ‬يطبخون‭ ‬وكيف‭ ‬يأكلون‭!‬

المهم‭ ‬أنني‭ ‬لم‭ ‬أر‭ ‬سمارة‭ ‬توست‭ ‬هذه‭ ‬بالعين‭ ‬المجردة‭ ‬إلى‭ ‬يومنا‭ ‬هذا،‭ ‬وأسأل‭ ‬الله‭ ‬أن‭ ‬يجعل‭ ‬يومها‭ ‬قبل‭ ‬يومي‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬أراها‭ ‬أو‭ ‬أسمعها‭! ‬اللهم‭ ‬إن‭ ‬فتيات‭ ‬الفياغرا‭ ‬الفضائيات‭ ‬يتسببن‭ ‬في‭ ‬افساد‭ ‬الذوق‭ ‬فأرسل‭ ‬شهابا‭ ‬رصداً‭ ‬على‭ ‬الأقمار‭ ‬الصناعية‭ ‬التي‭ ‬تنقل‭ ‬برامج‭ ‬تلك‭ ‬الفضائيات،‭ ‬اللهم‭ ‬إن‭ ‬الابقار‭ ‬المتنكرة‭ ‬على‭ ‬هيئات‭ ‬النساء‭ ‬ويمارسن‭ ‬الغناء‭ ‬الركيك‭ ‬مع‭ ‬هز‭ ‬الأرداف‭ ‬والصدور‭ ‬جرحن‭ ‬كبرياءنا‭ ‬وعبثن‭ ‬بذوقنا‭ ‬واستهترن‭ ‬بقيمنا،‭ ‬فأنزل‭ ‬على‭ ‬حناجرهن‭ ‬خلايا‭ ‬سرطانية‭ ‬وعلى‭ ‬مفاصلهن‭ ‬روماتيزما‭ ‬يجعل‭ ‬تلك‭ ‬المفاصل‭ ‬متصلبة‭ ‬كما‭ ‬وجه‭ ‬فلاديمير‭ ‬بوتين‭! ‬سود‭ ‬الله‭ ‬وجوه‭ ‬أولئك‭ ‬الفتيات‭ ‬اللائي‭ ‬يمارسن‭ ‬العهر‭ ‬الموسيقي‭ ‬في‭ ‬الدنيا‭ ‬والآخرة‭! ‬اللهم‭ ‬أصبهن‭ ‬بنزلات‭ ‬معوية‭ ‬لا‭ ‬تجعلهن‭ ‬يقوين‭ ‬على‭ ‬الوقوف‭ ‬أمام‭ ‬الجمهور،‭ ‬وإذا‭ ‬وقفن‭ ‬نزلت‭ ‬مصارينهن‭ ‬مع‭ ‬كلامهن‭ ‬الغث‭!‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا