العدد : ١٦٨٢٧ - الخميس ١٨ أبريل ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٩ شوّال ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٢٧ - الخميس ١٨ أبريل ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٩ شوّال ١٤٤٥هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

اليوم العالمي لمكافحة كراهية الإسلام!

{‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬احتفلت‭ ‬بالأمس‭ ‬باليوم‭ ‬العالمي‭ ‬لمكافحة‭ ‬كراهية‭ ‬الإسلام‭ ‬‮«‬الإسلاموفوبيا‮»‬،‭ ‬والذي‭ ‬يقام‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬في‭ ‬140‭ ‬دولة‭ ‬حول‭ ‬العالم،‭ ‬واعتمدته‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬15‭ ‬مارس‭ ‬2022،‭ ‬بالإجماع،‭ ‬والذي‭ ‬قدمته‭ ‬كقرار‭ ‬باكستان‭ ‬بالنيابة‭ ‬عن‭ ‬منظمة‭ ‬التعاون‭ ‬الإسلامي‭.‬

وثيقة‭ ‬القرار‭ ‬تطرح‭ ‬فكرة‭ ‬مهمة‭ ‬وهي‭ ‬أن‭ (‬الإرهاب‭ ‬والتطرف‭ ‬العنيف‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬ولا‭ ‬ينبغي‭ ‬ربطهما‭ ‬بأي‭ ‬دين‭ ‬أو‭ ‬جنسية‭ ‬أو‭ ‬حضارة‭ ‬أو‭ ‬جماعة‭ ‬عرقية‭)! ‬

ولذلك‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬الدعوة‭ ‬قائمة‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬طويلة،‭ ‬وفي‭ ‬القرار‭ ‬نفسه،‭ ‬إلى‭ ‬إقامة‭ ‬‮«‬حوار‭ ‬عالمي‮»‬‭ ‬يحترم‭ ‬تنوع‭ ‬الأديان‭ ‬والمعتقدات‭. ‬ولعلّ‭ ‬من‭ ‬المهم‭ ‬التوقف‭ ‬عند‭ ‬التقرير‭ ‬الذي‭ ‬صدر‭ ‬مؤخراً‭ ‬عن‭ ‬المقرر‭ ‬الخاص‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬المعني‭ ‬بحرية‭ ‬الدين‭ ‬أو‭ ‬المعتقد‭ ‬إن‭ (‬الشك‭ ‬والتمييز‭ ‬والكراهية‭ ‬الصريحة‭ ‬تجاه‭ ‬المسلمين،‭ ‬قد‭ ‬وصلت‭ ‬الى‭ ‬أبعاد‭ ‬‮«‬وبائية‮»‬‭)! ‬إذ‭ ‬يتعرض‭ ‬المسلمون‭ ‬للتمييز‭ ‬في‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬السلع‭ ‬والخدمات،‭ ‬وفي‭ ‬العثور‭ ‬على‭ ‬العمل‭ ‬وفي‭ ‬التعليم‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الدول،‭ ‬وفي‭ ‬دول‭ ‬أخرى‭ ‬يتم‭ ‬حرمان‭ ‬المسلمين‭ ‬من‭ ‬الجنسية‭ ‬بسبب‭ ‬تصورات‭ ‬معادية‭ ‬للأجانب‭ ‬وبأن‭ ‬المسلمين‭ ‬يمثلون‭ ‬تهديدات‭ ‬للأمن‭ ‬القومي‭ ‬والإرهاب‭!‬

{‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬وحيث‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية‭ ‬في‭ ‬غالبها‭ ‬الأعم،‭ ‬تعزز‭ ‬ثقافة‭ ‬التسامح‭ ‬والسلام،‭ ‬وتحترم‭ ‬كل‭ ‬المعتقدات،‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬الرسالة‭ ‬الإلهية‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬صلب‭ ‬وجوهر‭ ‬الدين‭ ‬الإسلامي،‭ ‬فإن‭ ‬احترام‭ ‬الأديان‭ ‬والمعتقدات‭ ‬بين‭ ‬الإطار‭ ‬العملي‭ ‬وليس‭ ‬النظري‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬ينقص‭ ‬كثيرا‭ ‬من‭ ‬المجتمعات‭ ‬الغربية،‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬بالأساس‭ ‬مصدر‭ ‬‮«‬الإسلاموفوبيا‮»‬‭ ‬وخطاب‭ ‬الكراهية‭ ‬والعنصرية‭ ‬ضد‭ ‬الأقليات‭ ‬المسلمة‭ ‬في‭ ‬مجتمعاتها‭ ‬وضد‭ ‬الإسلام‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬ومتعمد‭ ‬وبوسائل‭ ‬مختلفة‭! ‬وللغرابة‭ ‬فإن‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الخطاب‭ ‬انتقل‭ ‬إلى‭ ‬دول‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬آسيا‭ ‬منها‭ ‬الهند‭!‬

{‭ ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬يكون‭ ‬الغرب‭ ‬هو‭ ‬أكثر‭ ‬الأطراف‭ ‬المعنية‭ ‬بمكافحة‭ ‬خطاب‭ ‬الكراهية‭ ‬و«الإسلاموفوبيا‮»‬‭ ‬وخاصة‭ ‬مع‭ ‬وصول‭ ‬حضارته‭ ‬الغربية‭ ‬إلى‭ ‬مآزق‭ ‬كبيرة‭ ‬سواء‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الديني‭ ‬أو‭ ‬الأخلاقي‭ ‬أو‭ ‬المفاهيمي‭ ‬سياسيا‭ ‬واقتصاديا‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬ممارساته‭ ‬العنصرية‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬وجود‭ ‬أقليات‭ ‬مسلمة‭ ‬في‭ ‬دوله،‭ ‬أحد‭ ‬المآزق‭ ‬الفكرية‭ ‬والحضارية‭ ‬المضافة‭ ‬في‭ ‬داخل‭ ‬منظومته‭ ‬المجتمعية‭ ‬التي‭ ‬تزيد‭ ‬من‭ ‬تفكك‭ ‬مجتمعاته‭! ‬وخاصة‭ ‬إن‭ ‬الإسلام‭ ‬وباعتراف‭ ‬الغرب‭ ‬نفسه‭ ‬هو‭ ‬الأكثر‭ ‬انتشاراً‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬وفي‭ ‬العالم،‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬ممارساته‭ ‬العنصرية،‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬حلها،‭ ‬ستواجه‭ ‬مواطنيه‭ ‬الذين‭ ‬يدخلون‭ ‬الإسلام،‭ ‬وليس‭ ‬فقط‭ ‬أقليات‭ ‬الهجرة‭ ‬أو‭ ‬اللجوء‭! ‬

{‭ ‬والعالم‭ ‬يتشكل‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬خلال‭ ‬مخاض‭ ‬صعب‭ ‬اليوم،‭ ‬فإن‭ ‬تناقضات‭ ‬القيم‭ ‬الغربية،‭ ‬وانحرافها‭ ‬عن‭ ‬الفطرة،‭ ‬شكَّل‭ ‬خطاب‭ ‬الكراهية‭ ‬وعدم‭ ‬احترام‭ ‬الأديان‭ ‬وخاصة‭ ‬الدين‭ ‬الإسلامي،‭ ‬إشكالية‭ ‬أخلاقية‭ ‬حقيقية،‭ ‬مضافة‭ ‬إلى‭ ‬الإشكاليات‭ ‬الكثيرة‭ ‬الأخرى‭ ‬التي‭ ‬يعاني‭ ‬منها‭ ‬الغرب،‭ ‬بما‭ ‬يدخله‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الأزمة‭ ‬الحضارية‭ ‬الأكثر‭ ‬تعقيدا‭ ‬وخاصة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬اعتماد‭ ‬العنصرية‭ ‬وممارستها‭ ‬كنقيض‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬وحرية‭ ‬الدين‭ ‬والمعتقد‭ ‬التي‭ ‬يدعيها‭ ‬نظريا‭ ‬وينفيها‭ ‬ممارسة‭! ‬ولأن‭ ‬أغلب‭ ‬تناقضاته‭ ‬موجهة‭ ‬ضد‭ ‬المسلمين‭ ‬والإسلام،‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬العمى‭ ‬الحضاري‭ ‬الذي‭ ‬يعمل‭ ‬على‭ ‬ازدراء‭ ‬الأديان‭ ‬والدين‭ ‬الإسلامي‭ ‬تحديدا،‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬الغرب‭ ‬نموذجا‭ ‬غير‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬التعايش‭ ‬والتسامح‭ ‬والسلام،‭ ‬رغم‭ ‬كل‭ ‬ادعاءاته‭ ‬حول‭ ‬تطوره‭ ‬ورقيه‭ ‬الحضاري‭! ‬وتلك‭ ‬إشكالية‭ ‬حقيقية‭ ‬انعكست‭ ‬آثارها‭ ‬على‭ ‬العالم‭ ‬بسبب‭ ‬الهيمنة‭ ‬الغربية‭ ‬وهيمنة‭ ‬خطابها‭ ‬وإعلامها‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬الهيمنة‭ ‬مأزقا‭ ‬عالميا‭ ‬بدوره،‭ ‬ضد‭ ‬الثقافات‭ ‬الأخرى‭ ‬والتنوع‭ ‬الثقافي‭ ‬والديني‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬وضد‭ ‬الإسلام‭ ‬بشكل‭ ‬خاص‭!‬

{‭ ‬ربما‭ ‬الاهتمام‭ ‬الأممي‭ ‬بالاحتفال‭ ‬السنوي‭ ‬باليوم‭ ‬العالمي‭ ‬لمكافحة‭ ‬كراهية‭ ‬الإسلام‭ ‬‮«‬الإسلاموفوبيا‮»‬‭ ‬قد‭ ‬يضع‭ ‬الغرب‭ ‬أمام‭ ‬نفسه‭ ‬وجها‭ ‬لوجه‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬وضع‭ ‬نفسه‭ ‬أمام‭ ‬كل‭ ‬المسلمين‭ ‬وأمام‭ ‬آخر‭ ‬الأديان‭ ‬وأكملها‭ ‬كرسالة‭ ‬ورؤية‭ ‬صلاح‭ ‬وحكمة‭ ‬للبشرية‭ ‬كلها‭!‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا