العدد : ١٦٨٣٥ - الجمعة ٢٦ أبريل ٢٠٢٤ م، الموافق ١٧ شوّال ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٣٥ - الجمعة ٢٦ أبريل ٢٠٢٤ م، الموافق ١٧ شوّال ١٤٤٥هـ

الاسلامي

التوسل بين الغلو والاعتدال

الجمعة ١٠ مارس ٢٠٢٣ - 02:00

بقلم‭: ‬عبد‭ ‬الرحمن‭ ‬هاشم

مركز‭ ‬تحقيق‭ ‬التراث‭ ‬العربي‭ ‬جامعة‭ ‬مصر‭ ‬للعلوم‭ ‬والتكنولوجيا

التوسل‭ ‬إذا‭ ‬أردنا‭ ‬أن‭ ‬نحرره‭ ‬كمصطلح‭ ‬فهو‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬مسائل‭ ‬التصوف‭ ‬المعني‭ ‬بصلاح‭ ‬القلوب‭ ‬والتخلي‭ ‬عن‭ ‬المعاصي‭ ‬والتحلي‭ ‬بالقربات‭ ‬والطاعات‭. ‬إذن،‭ ‬التوسل‭ ‬من‭ ‬مسائل‭ ‬الفقه‭ ‬أي‭ ‬المسائل‭ ‬التي‭ ‬يحكم‭ ‬فيها‭ ‬بالجواز‭ ‬أو‭ ‬عدم‭ ‬الجواز‭.‬

وهو‭ ‬بطبيعة‭ ‬الحال‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬مسائل‭ ‬العقيدة،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬يعتقد‭ ‬المتوسل‭ ‬أن‭ ‬المتوسل‭ ‬به‭ ‬بذاته‭ ‬ينفع‭ ‬ويضر‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬الله‭.‬

الذي‭ ‬يتصل‭ ‬بالاعتقاد‭ ‬إذن،‭ ‬هو‭ ‬اعتقاد‭ ‬أن‭ ‬الشيء‭ ‬المتوسل‭ ‬به‭ - ‬حيَّا‭ ‬أو‭ ‬مقبورا‭ - ‬ينفع‭ ‬ويضر‭ ‬بذاته‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬الله‭. ‬إذا‭ ‬حدث‭ ‬هذا‭ ‬فيدخل‭ ‬في‭ ‬باب‭ ‬الشرك‭ ‬والعياذ‭ ‬بالله‭.‬

لكن‭ ‬التوسل‭ ‬على‭ ‬العموم‭ ‬من‭ ‬مسائل‭ ‬الفقه،‭ ‬وهو‭ ‬أقسام‭: ‬التوسل‭ ‬بالله‭ ‬وبأسمائه‭ ‬وصفاته،‭ ‬والتوسل‭ ‬بالعمل‭ ‬الصالح،‭ ‬والتوسل‭ ‬بالذوات‭ ‬الصالحة‭ ‬حية‭ ‬كانت‭ ‬أو‭ ‬مقبورة‭. ‬الجواز‭ ‬هو‭ ‬الحكم‭ ‬الفقهي‭ ‬فيه‭ ‬عند‭ ‬جمهور‭ ‬أهل‭ ‬السنة،‭ ‬ولم‭ ‬يشذ‭ ‬سوى‭ ‬شيخ‭ ‬الإسلام‭ ‬ابن‭ ‬تيمية‭ ‬ومن‭ ‬تبع‭ ‬مدرسته‭. ‬

وثبت‭ ‬توسل‭ ‬بعض‭ ‬الصحابة‭ ‬برسول‭ ‬الله‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭. ‬وثبت‭ ‬أن‭ ‬عمر‭ ‬قد‭ ‬توسل‭ ‬بالعباس‭ ‬وعمر‭ ‬أفضل‭ ‬من‭ ‬العباس‭ ‬لكنه‭ ‬توسل‭ ‬بالعباس‭ ‬لأنه‭ ‬من‭ ‬آل‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ‬وهو‭ ‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬توسل‭ ‬برسول‭ ‬الله‭. ‬

والتوسل‭ ‬بالصالحين‭ ‬أحياء‭ ‬وأمواتا‭ ‬جائز‭ ‬لا‭ ‬غبار‭ ‬عليه‭ ‬مع‭ ‬اعتقاد‭ ‬أن‭ ‬الميت‭ ‬لا‭ ‬ينفع‭ ‬ولا‭ ‬يضر‭ ‬وكذلك‭ ‬الحي‭ ‬لا‭ ‬ينفع‭ ‬ولا‭ ‬يضر‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬الله،‭ ‬فالاثنان‭ ‬لا‭ ‬ينتظر‭ ‬منهما‭ ‬النفع‭ ‬والضر‭ ‬بل‭ ‬كله‭ ‬بإذن‭ ‬الله‭.‬

الله‭ ‬عز‭ ‬وجل‭ ‬لا‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬واسطة؟‭ ‬هل‭ ‬يحتاج‭ ‬ربنا‭ ‬أن‭ ‬نتصدق؟‭ ‬أن‭ ‬نصلي؟‭ ‬لا‭ ‬يحتاج،‭ ‬لكن‭ ‬نحن‭ ‬نحتاج‭ ‬أن‭ ‬نتقرب‭ ‬إلى‭ ‬الله‭ ‬بالعبادات‭ ‬وأن‭ ‬نتوسل‭ ‬إليه‭ ‬بأصحاب‭ ‬الجاه‭ ‬عنده‭ ‬وبأحبابه‭ ‬أدبا‭ ‬وحياء‭ ‬من‭ ‬الله‭ ‬لعلمنا‭ ‬بتقصيرنا‭ ‬ومعصيتنا‭.‬

‭ ‬وحديث‭ ‬الشفاعة‭ ‬الصحيح‭ ‬البالغ‭ ‬حد‭ ‬التواتر‭ ‬فيه‭ ‬أن‭ ‬الخلائق‭ ‬يوم‭ ‬القيامة‭ ‬تستغيث‭ ‬برسل‭ ‬الله‭ ‬من‭ ‬آدم‭ ‬حتى‭ ‬عيسى‭ ‬عليهم‭ ‬السلام‭ ‬يستشفعون‭ ‬بهم‭ ‬وكل‭ ‬واحد‭ ‬فيهم‭ ‬يقول‭: ‬اذهبوا‭ ‬لغيري‭.. ‬فيذهبون‭ ‬إلى‭ ‬سيدنا‭ ‬محمد‭ ‬أول‭ ‬شافع‭ ‬وأول‭ ‬مشفع‭ ‬فيقبل‭ ‬ويقول‭ ‬أنا‭ ‬لها‭ ‬أنا‭ ‬لها‭.‬

ولذلك‭ ‬أجاز‭ ‬الإمام‭ ‬أحمد‭ ‬بن‭ ‬حنبل‭ ‬القسم‭ ‬برسول‭ ‬الله‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭.‬

والمدقق‭ ‬يرى‭ ‬أن‭ ‬قرب‭ ‬الله‭ ‬ووجد‭ ‬الله‭ ‬توابا‭ ‬رحيما‭ ‬مرتبط‭ ‬بسؤال‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ‬وباستغفار‭ ‬رسول‭ ‬الله‭.‬

قال‭ ‬تعالى‭ ‬في‭ ‬سورة‭ ‬البقرة‭: (‬وإذا‭ ‬سألك‭ ‬عبادي‭ ‬عني‭ ‬فإني‭ ‬قريب‭) ‬ولفظ‭ (‬إذا‭) ‬شرط‭ ‬ولا‭ ‬يتحقق‭ ‬جواب‭ ‬الشرط‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬تحقق‭ ‬فعل‭ ‬الشرط‭ (‬سألك‭) ‬أي‭ ‬سؤال‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ‬الحاجة‭ ‬عند‭ ‬الله‭.‬

وقال‭ ‬تعالى‭ ‬في‭ ‬سورة‭ ‬النساء‭: (‬ولو‭ ‬أنهم‭ ‬إذ‭ ‬ظلموا‭ ‬أنفسهم‭ ‬جاءوك‭ ‬فاستغفروا‭ ‬الله‭ ‬واستغفر‭ ‬لهم‭ ‬الرسول‭ ‬لوجدوا‭ ‬الله‭ ‬توابا‭ ‬رحيما‭) ‬فوجد‭ ‬الله‭ ‬توابا‭ ‬رحيما‭ ‬مرتبطا‭ ‬بالكاف‭ ‬في‭ ‬جاءوك‭ ‬وباستغفار‭ ‬رسول‭ ‬الله‭.‬

كما‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬ينبغي‭ ‬المبالغة‭ ‬والغلو‭ ‬في‭ ‬التوسل؛‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬النبي‭ ‬توسل‭ ‬والصحابة‭ ‬وأهل‭ ‬البيت‭ ‬لكن‭ ‬بنسبة‭ ‬محدودة‭ ‬أمام‭ ‬مناجاة‭ ‬الله‭ ‬ودعاء‭ ‬الله‭. ‬الغلو‭ ‬غير‭ ‬مقبول‭ ‬بل‭ ‬حد‭ ‬الاعتدال‭ ‬هو‭ ‬المطلوب‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا