العدد : ١٦٨٠٧ - الجمعة ٢٩ مارس ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ رمضان ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٠٧ - الجمعة ٢٩ مارس ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ رمضان ١٤٤٥هـ

الرأي الثالث

محميد المحميد

malmahmeed7@gmail.com

هناك فرق مع تلك المنصات

حرية‭ ‬الرأي‭ ‬والتعبير‭ ‬المسؤولة،‭ ‬ممارسة‭ ‬ديمقراطية‭ ‬وتنشئة‭ ‬سياسية،‭ ‬مكفولة‭ ‬دستوريا‭ ‬في‭ ‬البلاد،‭ ‬وتحظى‭ ‬بالدعم‭ ‬والتشجيع‭ ‬والحماية‭ ‬من‭ ‬القانون‭ ‬والدولة‭ ‬معا‭.. ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬لدينا‭ ‬سجين‭ ‬رأي‭ ‬لمجرد‭ ‬تعبير‭ ‬مسؤول،‭ ‬أو‭ ‬كتابة‭ ‬أو‭ ‬تعليق‭.. ‬وإنما‭ ‬هي‭ ‬إجراءات‭ ‬تنظم‭ ‬الحرية‭ ‬وتحمي‭ ‬المجتمع،‭ ‬عندما‭ ‬يحصل‭ ‬التجاوز‭ ‬أو‭ ‬الإساءة‭.‬

ما‭ ‬يقال‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬المجالس،‭ ‬وما‭ ‬ينشر‭ ‬في‭ ‬الصحافة،‭ ‬وما‭ ‬يكتب‭ ‬على‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬عن‭ ‬أمور‭ ‬تتعلق‭ ‬بالشؤون‭ ‬الحياتية‭ ‬والمعيشية‭ ‬المحلية،‭ ‬وما‭ ‬يمارس‭ ‬من‭ ‬نقد‭ ‬وملاحظات،‭ ‬وشكاوى‭ ‬ومقترحات،‭ ‬وحتى‭ ‬مناشدات‭ ‬وبيانات،‭ ‬جميعها‭ ‬ممارسات‭ ‬مسموح‭ ‬بها،‭ ‬طالما‭ ‬التزمت‭ ‬بالقواعد‭ ‬والقانون‭.‬

الغريب‭ ‬في‭ ‬الأمر‭ ‬اليوم،‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يقال‭ ‬وينشر‭ ‬ويكتب‭ ‬في‭ ‬الداخل،‭ ‬يتم‭ ‬إعادة‭ ‬نشره‭ ‬واستغلاله‭ ‬من‭ ‬جهات‭ ‬ومنصات‭ ‬معروفة‭ ‬في‭ ‬الخارج،‭ ‬بهدف‭ ‬التهييج‭ ‬والإثارة،‭ ‬وأن‭ ‬ثمة‭ ‬أمورا‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ ‬هي‭ ‬محل‭ ‬خلاف‭ ‬عام،‭ ‬وبهدف‭ ‬التحريض‭ ‬ونشر‭ ‬الاستياء،‭ ‬وإثارة‭ ‬البلبلة‭ ‬في‭ ‬المجتمع،‭ ‬وتهديد‭ ‬السلم‭ ‬والأمن‭ ‬الاجتماعي‭.‬

تلك‭ ‬مسألة‭ ‬في‭ ‬غاية‭ ‬الأهمية،‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬تكشف‭ ‬أن‭ ‬في‭ ‬الوطن‭ ‬سقف‭ ‬مرتفع‭ ‬من‭ ‬ممارسة‭ ‬حرية‭ ‬الرأي‭ ‬والتعبير‭ ‬المسؤولة‭ ‬لدى‭ ‬المواطنين،‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬تكشف‭ ‬في‭ ‬ذات‭ ‬الوقت‭ ‬الفرق‭ ‬الكبير‭ ‬والبون‭ ‬الشاسع‭ ‬بين‭ ‬من‭ ‬يريد‭ ‬الخير‭ ‬للوطن‭ ‬وأهله،‭ ‬ومن‭ ‬يسعى‭ ‬للشر‭ ‬والفتنة‭ ‬والإضرار‭ ‬بالوطن‭ ‬وأهله‭.‬

خذ‭ ‬مثلا‭ ‬حينما‭ ‬تنشر‭ ‬الدولة‭ ‬تقرير‭ ‬ديوان‭ ‬الرقابة‭ ‬أو‭ ‬الحساب‭ ‬الختامي‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬حادثة‭ ‬ما،‭ ‬أي‭ ‬إن‭ ‬المعلومات‭ ‬صدرت‭ ‬من‭ ‬الدولة‭ ‬وبشكل‭ ‬مسؤول‭ ‬وقانوني،‭ ‬من‭ ‬منطلق‭ ‬الشفافية‭ ‬والمكاشفة،‭ ‬والناس‭ ‬في‭ ‬الداخل‭ ‬تتحدث‭ ‬وتعلق‭ ‬وتكتب‭ ‬عنه،‭ ‬بل‭ ‬وتطالب‭ ‬بالإصلاح‭ ‬والمحاسبة،‭ ‬بل‭ ‬وتقوم‭ ‬الدولة‭ ‬نفسها‭ ‬بإجراءات‭ ‬قانونية‭ ‬حيال‭ ‬أي‭ ‬تجاوز‭ ‬وإصلاح‭ ‬وتصحيح‭ ‬الأمور،‭ ‬فيما‭ ‬تلك‭ ‬المنصات‭ ‬تسارع‭ ‬في‭ ‬إعادة‭ ‬النشر‭ ‬والتعليق‭ ‬السلبي،‭ ‬بهدف‭ ‬الترويج‭ ‬لبضاعتها‭ ‬الفاسدة‭ ‬ونواياها‭ ‬السيئة‭.‬

في‭ ‬كل‭ ‬مرة‭ ‬يتحدث‭ ‬فيها‭ ‬شخص‭ ‬مسؤول‭ ‬أو‭ ‬كاتب‭ ‬صحفي‭ ‬أو‭ ‬ناشط‭ ‬إلكتروني،‭ ‬ويمارس‭ ‬دوره‭ ‬ومسؤوليته‭ ‬في‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬الوطن‭ ‬ومصالح‭ ‬المواطنين‭ ‬والحديث‭ ‬عن‭ ‬آمالهم‭ ‬ومشاكلهم،‭ ‬وتطلعاتهم‭ ‬ورغباتهم،‭ ‬ترى‭ ‬تلك‭ ‬المنصات‭ ‬تتسارع‭ ‬لإعادة‭ ‬نشر‭ ‬ما‭ ‬قيل‭ ‬بالصوت‭ ‬والصورة،‭ ‬وتسرد‭ ‬له‭ ‬الحكايات‭ ‬والبرامج‭ ‬الفضائية،‭ ‬لتحشر‭ ‬نفسها‭ ‬وتمارس‭ ‬دور‭ ‬الفتنة‭ ‬والتحريض،‭ ‬وهي‭ ‬لا‭ ‬تعلم‭ ‬أن‭ ‬المواطن‭ ‬المخلص‭ ‬مهما‭ ‬قال‭ ‬وانتقد،‭ ‬فإنه‭ ‬لا‭ ‬ولن‭ ‬يقبل‭ ‬بأن‭ ‬يمس‭ ‬تراب‭ ‬الوطن‭ ‬بأي‭ ‬ضرر‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬المنصات،‭ ‬ومن‭ ‬يقف‭ ‬خلفها‭ ‬ويمولها‭ ‬وغيرهم‭.‬

هذا‭ ‬هو‭ ‬الفرق‭ ‬الذي‭ ‬بيننا‭ ‬وبينهم‭.. ‬فالمواطن‭ ‬المخلص‭ ‬يمارس‭ ‬دوره‭ ‬ومسؤوليته‭ ‬وهو‭ ‬في‭ ‬داخل‭ ‬وطنه،‭ ‬أما‭ ‬من‭ ‬ينعق‭ ‬في‭ ‬الخارج،‭ ‬ويسعى‭ ‬للاستقواء‭ ‬ضده،‭ ‬ورمى‭ ‬نفسه‭ ‬في‭ ‬أحضان‭ ‬من‭ ‬يريد‭ ‬الشر‭ ‬للبلاد‭ ‬والعباد،‭ ‬فهو‭ ‬منبوذ‭ ‬وواهم،‭ ‬وإن‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬ينشره‭ ‬أو‭ ‬يعيد‭ ‬نشره،‭ ‬يجعل‭ ‬المواطن‭ ‬المخلص‭ ‬يتعلق‭ ‬أكثر‭ ‬بوطنه،‭ ‬وفي‭ ‬الدفاع‭ ‬عنه،‭ ‬والتضحية‭ ‬من‭ ‬أجله‭.‬

نعم‭ ‬لدينا‭ ‬ملاحظات‭ ‬على‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬الممارسات،‭ ‬ونمارس‭ ‬النقد‭ ‬بكل‭ ‬حرية‭ ‬ومسؤولية،‭ ‬ونتشارك‭ ‬مع‭ ‬الدولة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬صالح‭ ‬الوطن‭ ‬والمواطن،‭ ‬وولاؤنا‭ ‬التام‭ ‬للبلاد‭ ‬وقيادتها‭.. ‬أما‭ ‬ما‭ ‬تقوم‭ ‬به‭ ‬تلك‭ ‬المنصات،‭ ‬وما‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬استغلاله‭ ‬وإثارته،‭ ‬فهو‭ ‬كزبد‭ ‬البحر،‭ ‬لا‭ ‬يتأثر‭ ‬به‭ ‬المواطن‭ ‬المخلص،‭ ‬ولا‭ ‬يحيد‭ ‬عن‭ ‬حبه‭ ‬لوطنه‭ ‬وصدق‭ ‬الانتماء‭ ‬له‭.. ‬وهذا‭ ‬هو‭ ‬الفرق‭ ‬مع‭ ‬تلك‭ ‬المنصات‭. ‬

إقرأ أيضا لـ"محميد المحميد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا