الخرطوم – الوكالات: وقع الجيش وأحزاب سياسية في السودان أمس اتفاقا إطاريا ينص على تدشين مرحلة انتقال سياسي يقودها مدنيون مدة عامين وتنتهي بإجراء انتخابات ويهدف الى انهاء الازمة السياسية التي شابتها مواجهات عنيفة في بعض الاحيان بعد اجراءات أكتوبر 2021.
وبموجب الاتفاق الاطاري وافق الجيش على الحد من دوره ليقتصر على تمثيله فقط في مجلس للأمن والدفاع برئاسة رئيس الوزراء.
وبعد توقيع الاتفاق في القصر الرئاسي قال رئيس مجلس السيادة السوداني عبدالفتاح البرهان انه يجب الاعتراف بالقيادة السياسية للمدنيين.
وهلل الموقعون عندما ردد البرهان الشعار الذي هتف به المحتجون خلال مطالبتهم الجيش بترك السياسة «العسكر للثكنات».
من جانبه أكد قائد قوات الدعم السريع شبه العسكرية محمد حمدان دقلو مجددا أمس التزام الجيش بالانسحاب من الحياة السياسية، معتبرا ان هذا «ضروري لبناء نظام ديمقراطي».
وأعلن التوصل الى الاتفاق يوم الجمعة بعد اجتماع ضم قوى الحرية والتغيير وفصائل سياسية أخرى مع قادة عسكريين في حضور مسؤولين من الاتحاد الافريقي والأمم المتحدة ومجموعة ايغاد، اضافة الى دبلوماسيين غربيين.
والاتفاق هو الشق الأول من عملية سياسية على مرحلتين ترتكز على مسودة الدستور التي أعدتها نقابة المحامين السودانيين أخيرا، بحسب بيان قوى الحرية والتغيير.
أما الشق الثاني من الاتفاق ويشمل قضايا عدة من بينها العدالة الانتقالية وإصلاح الجيش فينتظر ان يتم الانتهاء منه «في غضون أسابيع»، وفق البيان.
وطالب رئيس بعثة الامم المتحدة في السودان فولكر بيرتس القوى السودانية بالبدء «فورا» في المحادثات حول الشق الثاني من أجل التوصل الى اتفاق شامل.
وقال خلال مراسم التوقيع: «امل أن يمهد هذا الاتفاق الطريق لتشكيل سريع لحكومة مدنية يمكنها معالجة الاوضاع الامنية والانسانية والاقتصادية».
وقال شركاء دوليون انه يجب تعيين حكومة مدنية ذات مصداقية قبل استئناف المساعدات.
والعديد من الاحزاب الموقعة على الاتفاق الاطاري أمس هي نفسها التي وقعت اعلانا دستوريا بعد أشهر من الإطاحة بالبشير لتأسيس المرحلة الانتقالية الاولى.
وقال الواثق البرير المتحدث باسم قوى الحرية والتغيير: «أهداف الاتفاق اقامة سلطة مدنية كاملة وتهيئة المناخ الحر للعملية السياسية والوصول إلى اتفاق نهائي بأوسع مشاركة سياسية».
وتوسطت الامم المتحدة والولايات المتحدة والسعودية والامارات ودول أخرى في المحادثات التي أدت الى الاتفاق الاطاري.
وقال بيرتس إن توقيع الاتفاق هو «نتاج جهود متواصلة قامت بها الأطراف السودانية على مدى العام المنقضي لإيجاد حل للأزمة السياسية والعودة الى النظام الدستوري».
في الوقت ذاته واجه الاتفاق بالفعل معارضة من جماعات الاحتجاج المناهضة للجيش والفصائل الاسلامية الموالية لنظام الرئيس السابق عمر البشير الذي أطيح به في عام 2019.
وقال شاهد لرويترز ان احتجاجات اندلعت في منطقتين على الأقل بالعاصمة الخرطوم قبل مراسم التوقيع. وهتف المتظاهرون «الاتفاق خيانة» وقوى الحرية والتغيير «باعت دماءنا».
واعترض على الاتفاق كذلك بعض قادة حركات التمرد السابقين الذين وقعوا في 2020 اتفاقا مع الجيش ودعموه عقب انقلاب العام الماضي. وقال محمد زكريا الناطق باسم حركة العدالة والمساواة (متمردون سابقون في دارفور) إن «هذا اتفاق ثنائي وإقصائي» يستبعد أطرافا عدة. وأضاف في تصريح لفرانس برس «ان توقيع هذا الاتفاق ستترتب عليه نتائج سيئة» و«سيؤدي الى مزيد من التعقيد في الساحة السياسية».
وانتقد الاتفاق كذلك مني مناوي أحد قادة حركات التمرد السابقة في دارفور واصفا اياه بأنه «أسوأ نموذج لسرقة الارادة الوطنية».
واعتبر المحللون الاتفاق «غامضا وفضفاضا». وقالت الباحثة السودانية خلود خير من مركز كونفلوانس ادفايزوري: «من الصعب معرفة الى أي مدى سيحظى هذا الاتفاق بالشعبية». وأضافت قبل التوقيع على الاتفاق: «لا أحد يعرف على وجه الدقة ماذا يتضمن هذا الاتفاق والمسكوت عنه يثير القلق»، مشيرة الى أن الموقعين سيواجهون على الأرجح «أزمة عند مناقشة إصلاح قطاع الأمن والعدالة الانتقالية».
ورحبت الولايات المتحدة وشركاؤها بالاتفاق الاطاري للانتقال السياسي وحثوا جميع الاطراف على بذل الجهود للانتهاء من المفاوضات بشأن حكومة جديدة بقيادة مدنية.
وقالت الدول في بيان مشترك: «هذا هو العامل الرئيسي لاستئناف مساعدات التنمية الدولية وتعميق التعاون بين حكومة السودان والشركاء الدوليين».
وتابع البيان: «نحن نعمل مع الشركاء لتنسيق دعم اقتصادي كبير لحكومة انتقالية بقيادة مدنية للمساعدة في التصدي للتحديات التي تواجه شعب السودان».
وتشمل الدول الموقعة على البيان السعودية والامارات والنرويج.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك