هوامش

عبدالله الأيوبي
ayoobi99@gmail.com
البحرنة طريق بلا نهاية
الحديث عن بحرنة الوظائف في القطاعين العام والخاص، ووضع حلول جذرية وفعالة للحد من مزاحمة الوافد للمواطن البحريني في العديد من الوظائف، سواء في القطاع العام أم الخاص، حديث لن يتوقف وأن هذه المشكلة ستبقى قائمة، وهي بالمناسبة ليست مشكلة بحرينية خالصة، بل مشكلة تعاني منها جميع الدول تقريبا، ولكن بدرجات متفاوتة، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فإن بعضا من تلك الدول لديها خطط ومسار تسلكه للحد من المزاحمة الوافدة، وفي الوقت نفس لديها قوانين واشتراطات صارمة تدعم وتحمي قضية توطين الوظائف، الأمر الذي يصب في مصلحة المواطن قبل الوافد، كون الأول هو الأحق والأولى بشغل الوظائف التي يوفرها سوق العمل في القطاعين.
مسألة أولوية المواطن في شغل الوظائف الشاغرة في مؤسسات الدولة المختلفة، حلها بين أيدي الوزارات والهيئات الحكومية المختلفة، فهذه الجهات مطلوب منها أن تكون القدوة، وخاصة إذا كان هناك وافدون يشغلون وظائف حكومية ذات تخصصات متوافرة لدى المواطنين، أما بالنسبة إلى مؤسسات القطاع الخاص، فإن الأمر يختلف تماما، فوزارة العمل بصفتها الجهة الحكومية المسؤولة عن هذه المسألة، ليس باستطاعتها، قانونيا، أن تلزم مؤسسات القطاع الخاص وتفرض عليها توظيف المواطن أولا قبل الوافد، لكن ذلك لا يعني، كما يقول المثل، «ترك الحبل على الغارب».
لكن عدم وجود سلطة قانونية لوزارة العمل فيما يتعلق بالتوظيف في مؤسسات القطاع الخاص، فيما الوزارة تستطيع أن تضع ضوابط قانونية واشتراطات معينة للتوظيف في هذه المؤسسات، مثل إلزام المؤسسات بإعلان الوظائف الشاغرة لديها قبل التوظيف، وأن تكون الأولوية للمواطن البحريني، إذا ما توافرت فيه الشروط المطلوبة للوظيفة، مثل التخصص، فأبناء البحرين يحملون جميع التخصصات التي يحتاج إليها سوق العمل، ولكن مع الأسف، فإن أبواب العديد من مؤسسات القطاع الخاص موصدة في وجوههم، لكنها مشرعة أمام الوافد ومن نفس التخصص الذي يحمله المواطن البحريني.
المطلوب وضع آلية تسهل معالجة هذه القضية، أي البحرنة، المعالجة الصحيحة، من دون الإضرار بالمصالح العامة، وتحديدا عدم تصعيب وتعقيد استقطاب الاستثمارات الأجنبية إلى البلاد، فهذه الاستثمارات هي التي تخلق الوظائف التي يستفيد منها المواطن البحريني، وبالتالي فإن المطلوب هو إجراءات مرنة تصب في مصلحة هذه الاستثمارات ومصلحة المواطن البحريني، فالبحرين من الدول المتقدمة جدا في تقنين عمل هذه الاستثمارات وحماية مصالحها، ولكن من دون الإضرار بمصالح المواطنين.
البحرنة تعتبر من القضايا الوطنية المهمة التي تحتاج إلى وقفة جادة من قبل الجهات المسؤولة ذات الصفة، كون هذه القضية تخص حياة ومعيشة واستقرار المواطن. وللإنصاف، فإن وزارة العمل والجهات ذات المسؤولية عن هذا الملف تحاول بطرق شتى أن تجعل المواطن البحريني هو الخيار المفضل للتوظيف، ولكن نتائج هذه الجهود، حتى الآن دون المتوقع، ورغم برامج التدريب والدعم الذي تقدمه الوزارة لتشجيع مؤسسات القطاع الخاص على إعطاء المواطن البحريني الأولوية في التوظيف، فإن الكثير من هذه المؤسسات لا تكترث لذلك وتستمر في السير على الطريق الخطأ، أي تفضيل الوافد على المواطن.
الخلل في هذه القضية لا يتعلق بالأهلية والكفاءة، فهناك العديد من الوظائف التي يشغلها الوافد تجد مقابلها مواطنا مؤهلا لشغل الوظيفة نفسها، إضافة إلى ذلك، أن البحريني أثبت كفاءته وأهليته لشغل مختلف الوظائف والمهام التي تسند إليه، ليس في مؤسسات القطاع العام فقط، وإنما في مؤسسات القطاع الخاص أيضا، حيث تسجل بعض المؤسسات نسبة بحرنة عالية جدا، إلى جانب أن العديد من المراكز القيادية في هذه المؤسسات مسندة لموظفين بحرينيين أثبتوا كفاءتهم القيادية والمهنية والإخلاص في أداء المهام المسندة إليهم من دون كلل أو ملل.
تولي المواطن البحريني زمام القيادة في العديد من مؤسسات القطاع الخاص، وبالأخص في المؤسسات الكبيرة، مثل البنوك والشركات الصناعية من شأنه أن يعزز من الجهود التي تبذل من أجل توطين المزيد من الوظائف وتسهم في جعل البحريني هو الخيار المفضل للعديد من مؤسسات القطاع الخاص، والتي بدأ بعضها بالفعل يأخذ هذا المنحى في سياستها التوظيفية، حيث ترتفع لديها بالتدريج نسبة البحرنة في العديد من التخصصات ودفعت بعناصر وطنية إلى عدد من المراكز القيادية فأثبتت هذه العناصر أهليتها وكفاءتها، الأمر الذي يعزز من التوجه نحو جعل البحريني أولوية لدى هذه المؤسسات.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك