هوامش

عبدالله الأيوبي
ayoobi99@gmail.com
بحرين المحبة تحتضن الألفة الإنسانية
ما شهدته البحرين خلال الأيام القليلة الماضية من حضور ديني كبير تمثل في زيارة البابا فرنسيس بابا الفاتيكان والإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف بدعوة من جلالة الملك، وانعقاد ملتقى البحرين «حوار الشرق والغرب من أجل التعايش الإنساني»، إلى جانب انعقاد اجتماع مجلس حكماء المسلمين، كل هذه الفعاليات التي احتضنتها أرض البحرين لم تكن بالفعاليات الجديدة أو الغريبة على طبيعة وسمات أبناء هذه الجزيرة، فهذا التنوع الديني الكبير الذي احتضنته مؤخرا، ليس سوى ترجمة لما يزخر به تاريخ البحرين منذ القدم، من تنوع ديني وثقافي وعرقي، هذا التاريخ المليء بالأمثلة والعبر التي تؤكد السمات المميزة التي يتحلى بها أبناء هذه الجزر، التي تعد بمثابة فسيفساء إنسانية جميلة.
مثلت مشاركة وحضور رموز دينية كبيرة مثل البابا فرنسيس بابا الفاتيكان والإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف والمشاركة الفاعلة والمتنوعة في ملتقى البحرين «حوار الشرق والغرب من أجل التعايش الإنساني»، مثلت دافعا قويا للدعوات التي تنادي بتعزيز الأخوة الإنسانية ونشر ثقافة التسامح والتآخي بين جميع الشعوب، بغض النظر عن اختلافات معتقداتهم الدينية أو أصولهم العرقية، فمثل هذه الفعاليات واللقاءات والحوارات بين مختلف المعتقدات الدينية والفكرية من شأنها أن تسهم بقوة في تعزيز مسيرة الأخوة الإنسانية.
ما عبر عنه المشاركون في هذه اللقاءات والاجتماعات من إعجاب وتقدير وتقييم عالٍ لما تتصف به البحرين وشعبها من سمات الألفة والتسامح وقبول الآخر المختلف بغض النظر عن شكل وطبيعة وأصل هذا الاختلاف، إنما هو تأكيد لما هو مؤكد ومعروف، فشعب البحرين عرف التنوع منذ القدم، فكان هذا التنوع قوة عززت من تماسك أبناء هذه الجزيرة وانصهارهم في بوتقة وطنية واحدة، وما احتضان المنامة على سبيل المثال لا الحصر، للعديد من المراكز الدينية التي تعنى بمختلف الديانات والمعتقدات، بل ومجاورتها لبعضها البعض، من دون أن يثير ذلك أية حساسية أو امتعاض، إلا دليل واقعي على ما يمتاز به هذا الشعب من سمات الأخوة الإنسانية.
فإن كانت هذه الفعاليات التي احتضنتها البحرين خلال الأيام القليلة الماضية جاءت ترجمة عملية لما يتسم به أبناء البحرين من سمات وصفات الأخوة الإنسانية والتسامح الديني والعرقي، فإنها في نفس الوقت تقدم مثالا للآخرين على أهمية تكثيف مثل هذه الفعاليات واللقاءات الإنسانية، خاصة في هذه الظروف العصيبة والصعبة التي تواجهها المجتمعات في مختلف البلدان والقارات، حيث تتصاعد النزعات المتطرفة والأنشطة الإرهابية التي تستهدف أتباع الديانات والأعراق في مختلف المجتمعات البشرية، هذه الأنشطة التي تحولت إلى خطر حقيقي يهدد استقرار هذه المجتمعات.
ففي مثل هذه الظروف الخطيرة التي تواجه المجتمعات، يبقى من الضرورة والأهمية السعي إلى إقامة مثل هذه الفعاليات وتكثيفها وتنويعها والاتساع فيها من أجل إشراك أكبر عدد من المؤسسات الدينية والفكرية والثقافية من مختلف دول العالم، بهدف تعزيز ثقافة السلام والوئام وتأكيد أن المبادئ الإنسانية هي المعيار الذي يجب أن يحكم علاقات الشعوب والأفراد بغض النظر عن انتماءاتها الدينية أو العرقية، خاصة مع تصاعد نزعات التمييز العرقي التي تقودها الحركات اليمينية المتطرفة ومنها تلك التي صعدت إلى السلطة في بعض الدول الأوروبية، وهي لا تخفي هذه النزعة الخطيرة على مستقبل العلاقات الإنسانية.
والبحرين باستضافتها مثل هذه الفعاليات، إنما تقدم إسهاما كبيرا ومطلوبا أيضا من شأنه أن يسهم في تكثيف الجهات الهادفة إلى الدفع باتجاه مناهضة مثل هذه النزعات الآخذة في الانتشار، خاصة وسط المجتمعات الأوروبية حيث الغالبية الساحقة من هذه المجتمعات تعتنق الدين المسيحي، وفي نفس الوقت، فإن هذه الفعاليات وتنوع المشاركة الدينية فيها، تعني إزاحة أي غطاء عن الأنشطة الإرهابية الخطيرة التي تتخذ من الأديان ستارا لتبرير مثل هذه الأنشطة، كما هو الحال مثلا مع الحركات التي تصنف نفسها على أنها «إسلامية» أو «مسيحية»، مع أن التعاليم السمحة للإسلام والمسيحية ترفضان هذه الأعمال التي تقوم بها هذه الحركات وتدينها بكل قوة.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك