أقر مجلس الوزراء قبل مدة برنامج التمويلات الإسكانية الجديدة بما يضمن زيادة المنتفعين من برنامج «مزايا» بشكل كبير مع طرح المزيد من الخيارات التمويلية للخدمات الإسكانية.
وتضمن البرنامج توسيع أنواع وامتيازات الخدمات التمويلية لتضاف إلى جانب التمويلات السابقة، ومن ذلك تمويلات الشراء والبناء والترميم. كما شهد برنامج «مزايا» نفسه توسعا يوازي البرامج التمويلية الجديدة. وبنفس الوقت اضيف برنامج «تسهيل» الذي يوفر 3 خيارات تمويلية جديدة هي «تسهيل عقاري»، و«تسهيل البيت العود»، و«تسهيل تعاون». كل ذلك يضاف الى خدمات التمويل التي يقدّمها برنامج «مزايا» بالشراكة مع البنوك والمصارف التجارية، وشهد هو الاخر توسعا من خلال طرح برنامج مزايا (الفئة المستحدثة).
ومن أبرز الامتيازات الجديدة رفع الحد الأدنى للتمويلات من 19 ألف دينار بحريني إلى 40 ألف دينار، ورفع الحد الأقصى للتمويلات من 60 ألف دينار إلى 70 ألف دينار بحريني، مع عدم رفع قيمة القسط الشهري لكل خدمة عن 25% من راتب المواطن. كما تم رفع الحد الأقصى لأعمار المستفيدين من الفئة المستحدثة لبرنامج مزايا إلى 40 عاماً.
وعقب الإعلان عن هذا البرنامج الجديد نظمت وزارة الإسكان والتخطيط العمراني معرضا لتمويلات الإسكانية، بمشاركة البنوك والمصارف المحلية، وشركات التطوير العقاري. ويوم أمس الأول أعلنت وزيرة الإسكان والتخطيط العمراني انه أكثر من 19 ألف مواطن زار المعرض. الامر الذي يؤكد التفاعل مع برنامج التمويلات الاسكانية الجديد من جانب، ونجاح المعرض من جانب اخر.
مع هذه النجاحات الملفتة لبرنامج التمويلات الاسكانية الجديد في تلبية الحاجات السكنية للمواطنين، فإننا نتساءل: ما الذي يضيفه هذا البرنامج للقطاع العقاري بشكل مواز؟ وما انعكاساته على شركات التطوير العقاري بشكل عام؟. سؤال طرحناه على عقاريين ومختصين بالشأن العقاري.
خيارات أوسع
«هاوس مي بروكر العقارية» من الشركات التي شاركت بقوة في معرض التمويلات الإسكانية. وحول أبرز الإضافات التي قدمتها برامج التمويلات الاسكانية الجديدة، يحدثنا الرئيس التنفيذي للشركة جعفر العريبي قائلا:
في الواقع، وسعت وزارة الإسكان والتخطيط العمراني من خدمات الخيارات الإسكانية للمواطنين المستفيدين، وكان هذا التنوع ذو عدة أبعاد مثل نوع العقار الممكن للمستفيد شراءه عبر البرامج الجديدة، توسيع نطاق العمر للمستفيدين في بعض البرامج، ورفع الحدين الأدنى والأقصى للتمويل، وتمديد سنوات دفع القرض إلى 30 عاما، وإعطاء الخيار للمستفيد برفع سقف الاستقطاع من الراتب حتى 30% من الدخل، وكذلك إضافة شريحة جديدة في برنامج مزايا.
في البرامج السابقة على سبيل المثال كان لدى المستفيد خيار البناء إن كان يمتلك قسيمة أرض أو الحصول على الوحدة السكنية وبالتالي الانتظار لسنوات طويلة أو الاستفادة من برنامج مزايا، فتم الآن إعطاء المرونة والإكثار للمستفيد للحصول على تمويل شراء الأرض وبناءها ضمن برنامج واحد أو شراء مبنى والإضافة عليه.
وتبقى أبرز الخدمات الجديدة هي إمكانية المستفيد لشراء أرض وهو ما كان غير متواجد في السابق. وقد لمسنا تلك الرغبة من زبائننا في شركة هاوس مي بروكر منذ الإعلان عن تلك الخدمات، ولعل أحد الأسباب في ذلك ذو بعد اقتصادي وهو ما يسمح للمستفيد مدى أطول للادخار من أجل تشييد مسكنه مستقبلا بما يتناسب مع قدراته المالية واحتياجات أسرته وذوقه الخاص، كما أنها خيار في حالة عدم تمكن المستفيد من الحصول على تمويل يتناسب مع أسعار الوحدات العقارية السكنية سواء من قبل دعم وزارة الإسكان والتخطيط العمراني أو الإضافات من البنوك التجارية المشاركة في برامج التمويل الإسكانية.
ولعل برنامج مزايا قد ساهم في توفير الخدمة الإسكانية لعدد كبير من المواطنين منذ ابتكاره، حيث ناهزت 11 ألف طلب حسب التصريحات الرسمية المعلن عنها مؤخرا. ولكن بنفس الوقت لا يمكن ان ننكر ان البرنامج شابته بعض التحديات. على سبيل المثال في عمر المستفيد. وهذا ما تم التعامل معه في البرامج الجديدة حيث تم رفع سن المستفيد من خدمة مزايا الى 40 عاما بعد أن كان 35 عاما.
وحول انعكاسات هذه البرامج الجديدة على القطاع العقاري والقطاعات الاخرى بشكل عام يقول العريبي:
مع توسع البرامج والخدمات الإسكانية بكل تأكيد ستكون هناك نتائج إيجابية على القطاع العقاري نتمنى أن نرى أثرها سريعا على السوق في ظل الاستعداد الذي لحظناه من قبل وزارة الإسكان والتخطيط العمراني متمثلة في الوزيرة السيدة آمنة بنت أحمد الرميحي. ومن جانب آخر رفع الحدين الأدنى والأقصى للتمويل سيساهم في وجود حلول لأصحاب المدخول المتدني من المستفيدين ويمكنهم من الاستفادة من بعض الخدمات حيث أن مبلغ 40 ألف دينار يفي بشراء شقة سكنية أو أرض رغم محدودية تلك الخيارات بالسوق، وسيساهم في زيادة الخيارات العقارية لأصحاب المدخول الأعلى.
يبقى أن نذكر هنا أن البرامج الجديدة قد تسهم والى حد بعيد بإعادة توجيه خيارات المستفيدين نحو منتجات عقارية بذاتها إما بسبب محدودية التمويل الخاص بكل فرد أو نتيجة بطء الإجراءات في بعض الخدمات العقارية الأخرى رغم أنها كانت لوقت قصير أحد ابرز الخدمات الإسكانية.
وبخصوص القطاعات الأخرى فأعتقد بأن القطاع المالي سيكون أحد أكبر القطاعات استفادة من هذه الخدمات وذلك بسبب اتساع نطاق المستفيدين.
ومن الملاحظ الآن أن أحد أكبر التحديات التي تواجه نجاح هذه البرامج يتلخص في 3 أمور رئيسية، وهي ارتفاع نسبة الفائدة على القروض البنكية. فعلى الرغم من وجود اتفاق على نسبة الفائدة مع البنوك الممولة لهذه الخدمات فإن المبالغ الإضافية التي يحتاجها المستفيد (إن وجدت) لشراء العقار ستكون اقل من أشهر مضت. ومن جانب آخر، عدم وجود وفرة من المنتجات العقارية المناسبة لهذه البرامج. وأخيرا ارتفاع الأسعار الذي يشهده سوق العقار السكني والذي لا يظهر حتى اللحظة تأثره بوضوح بارتفاع نسب الفائدة البنكية، ولعل من أهم الأدوات والتي نتمنى أن يتم النظر لها هي سرعة إنجاز المخططات السكنية من قبل هيئة التخطيط العمراني والتي نتأمل منها خيرا في الفترة القادمة.
أما بالنسبة لشركات التطوير العقاري وكذلك الأفراد المشتغلين في مهنة التطوير العقاري «بصفتهم» نجحوا في السنوات الماضية في المساهمة بنجاح برنامج مزايا والعمل جنبا بجنب مع وزارة الإسكان والتخطيط العمراني في إيجاد منتجات عقارية لقت رواجا لدى المستفيدين من الخدمات الإسكانية. ستكون شركات التطوير العقاري مراقبة للوضع بشكل أكبر في الفترة القادمة لمعرفة الفائدة المتوقعة من البرامج خصوصا مع توجه العديد من المستفيدين نحو شراء الأراضي. ولكن في اعتقادي أن برنامج تطوير الأراضي الحكومية بالشراكة مع القطاع الخاص ربما يكون ذا جدوى أعلى للمطورين العقاريين حين طرحه.
مضاعفة الطلب
وحول هذه البرامج الجديدة يحدثنا الرئيس التنفيذي لـ «أمفا» العقارية محمد رجب أيوب، مشيرا الى ان برامج التمويلات الاسكانية الجديدة ساهمت في جانب رئيسي وهو توسيع قاعدة الشرائح المستفيدة من هذه الخدمات. وهذا بحد ذاته ينعكس إيجابا على العديد من القطاعات لأنه يرفع من الطلب على الحلول والخيارات الاسكانية المتاحة، وبالتالي يخلق فرصا جديدة وعديدة لتطوير مشاريع ومنتجات عقارية لتلبية هذا الطلب المتزايد، ويفتح آفاقا أرحب للشراكة بين القطاعين العام والخاص في الملف الإسكاني.
ويضيف الرئيس التنفيذي لشركة «أمفا»: ابسط مثال على ذلك هو وجود الاف الطلبات للوحدات السكنية في المدينة الشمالية وحدها. وهذا ما يجعل القطاع الخاص ولاسيما في القطاع العقاري يلعب دورا أساسيا في تلبية هذه الاحتياجات. حيث ستطرح مناقصة لتطوير الوحدات السكنية في المدينة الشمالية من اجل ترسية المشاريع على مطورين ومقاولين في القطاع الخاص. وكل ذلك يمثل فرصا لهذا القطاع كي يساهم في التعامل مع الملف الاسكاني بالمملكة، ويشهد نموا وانتعاشا كبيرا يتزامن وهذه الطلبات المتزايدة.
كما ان بعض البرامج الجديدة ربما تتركز في مناطق اكثر من غيرها. فتمويل تسهيل للبيت العود على سبيل المثال يكون مناسبا للبيوت ذات المساحات الكبير التي يمكن تقسيمها، وهي في الغالب في المناطق القديمة. وبالتالي مثل هذه الخيارات تساهم في إعادة الحياة لهذه المناطق.
وبنفس الوقت، تساهم التحديثات الجديدة في دخول القطاع المالي والمصرفي كشريك رئيسي في برامج التمويلات. مع الإشارة الى ان مساهمة هذا القطاع في التمويلات ليست بجديدة، ولكن البرامج الجديدة وسعت من دائرة هذه المساهمة ومن دور البنوك في توفير التمويلات للمواطنين، وبالتالي يزيد هذا الامر أيضا من حجم الطلب ويخلق الكثير من الفرص، كما يعزز من المنافسة بين البنوك والمصارف لتوفير افضل العروض للمستفيدين مثل تقليل الفوائد بشكل تنافسي، خاصة وان هذه البرامج مضمونة ومدعمة من قبل الحكومة، وبالتالي تكون نسبة المخاطر فيها قليلة. وكل ذلك ينعكس في النهاية لصالح المواطن. وهنا تدخل المصارف وشركات التطوير العقاري في تنافس وتسابق من اجل توفير المنتجات العقارية المناسبة للمواطنين. علما بأن عامل الوقت بحد ذاته يخلق ضغطا إضافيا على القطاع الخاص لتوفير الحلول بأسرع وقت ممكن لتلبية الطلبات. وبالتالي ينعكس ذلك إيجابا على تقليص قوائم ومدد الانتظار للمواطنين نظرا لتوفر خيارات متعددة تناسب شرائح أكبر من إمكانيات ورغبات المواطنين.
ولكن - يستدرك محمد رجب أيوب - هناك جانب من المهم التركيز عليه وهو توفير الأراضي بأسعار مناسبة للقطاع الخاص. لأن حصول شركات التطوير العقاري على أسعار معقولة يجعلها تستثمر اكثر في جودة المنتجات العقارية وفي ابتكار الحلول المقدمة. في حين ان توفير الحكومة لأراض بأسعار عالية قد يقلص من فرص هذه الشركات في رفع الجودة وتقديم الأفضل.
فرص أكبر للمطورين والمستثمرين
الرئيس التنفيذي لشركة إسناد العقارية عبدالرحمن الكوهجي يؤكد أن برامج التمويلات الاسكانية الجديدة التي أعلنت عنها وزارة الاسكان والتخطيط العمراني، والتي تأتي تنفيذًا لتوجيهات صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، تعود بالنفع على السوق العقاري بالمملكة، وتفتح آفاقا واسعة للمطورين والمستثمرين العقاريين، وهو ما يدعم تحقيق احد الأهداف الرئيسية للحكومة من خلال تأمين امتلاك المواطنين للسكن الملائم في أقرب فترة ممكنة.
وأضاف الكوهجي: من المتوقع أن تزيد الحلول التمويلية الجديدة اعداد المنتفعين من مختلف البرامج، حيث ستوفر خدمات فورية ومتنوعة أمام المواطنين المدرجة طلباتهم على قائمة الوزارة، وهو ما يعزز من جهود بناء مستقبل مشرق للبحرين وأبنائها انطلاقا من الرؤية الاقتصادية للمملكة 2023.
كما ستستهم هذه الحلول في تحفيز القطاع الخاص على زيادة الاستثمار وتسريع وتيرة العمل من اجل تجهيز الوحدات السكنية، الأمر الذي يعود بالنفع على الاقتصاد المحلي من خلال زيادة نسبة التداول العقارية، إضافة إلى انتعاش سوق مواد البناء بصورة مباشرة، وكذلك القطاعات الصناعية المرتبطة بالقطاع العقاري والعمراني. حيث أن الازدهار والنمو الاقتصادي المرتقب في القطاع العقاري سينعكس بصورة مباشرة على القطاعات والصناعات الأخرى، الأمر الذي يعزز من قوة ومتانة السوق الاقتصادي الذي ينتفع منه المواطنون بالدرجة الأولى، ويزيد من سيولة التداول للنقود، ويسهم في دفع عجلة التنمية وفقاً لسياسة المملكة الاقتصادية، كما سيعود بالنفع على الشركات والمؤسسات وكافة القطاعات في السوق المحلية، ويخلق بيئة من التوازن بين المعروض وحجم الطلب في السوق العقاري.
واردف الرئيس التنفيذي لشركة إسناد العقارية: أن توجيهات صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، تأتي في مصلحة الوطن والمواطن، حيث أنها تنير طريق المستقبل للمواطنين، وتساهم بشكل مباشر في جذب الاستثمارات والشركات التي تبحث عن فرص استثمارية جديدة لاسيما في القطاع العقاري الذي يعد من أفضل القطاعات الاقتصادية والأكثر حيوية واستقطاباً للمستثمرين في المملكة.
تعزيز الشراكة
من جانبه يؤكد الرئيس التنفيذي لمجموعة الفاتح جاسم الموسوي أن برامج التمويلات الاسكانية الجديدة تتميز بالتنوع وتوفير باقات متعددة تناسب شرائح اكبر من المواطنين الباحثين عن سكن العمر. كما تميزت هذه البرامج بتحسين المميزات خاصة فيما يتعلق بتوسيع مشاركة القطاع المصرفي في التمويلات وإقراض المنتفعين، بحيث اصبح القطاع المصرفي ركنا اساسيا وركيزة مهمة وشركاء فاعلين في تنفيذ مشاريع وزارة الإسكان وإيجاد الحلول الفعالة للقطاع الاسكاني بالمملكة.
ويتابع الموسوي: الأمر الآخر ان البرامج الجديدة انطلقت من الفكرة الرئيسية وهي برنامج (مزايا)، وعلى ضوء ذلك شكلت وقدمت باقات متنوعة من البرامج التي تؤسس لشراكة نوعية بين القطاع العام مع القطاع الخاص مع القطاع المصرفي.
ومع ما يتميز به القطاع الخاص من تنافسية وحيوية وديناميكية، فإن كل ذلك سينعكس إيجابا على هذه البرامج الاسكانية. ولا ادل على ذلك من نجاح معرض التمويلات الاسكانية المقام في مجمع الستي سنتر تحت رعاية معالي نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير البنية التحتية، والذي يجسد افضل صور الشراكة مع القطاع الخاص، ويحفز ويشجع الشركات العقارية والبنوك والوزارات المعنية في البرامج الاسكانية على العمل كفريق واحد لإيجاد الحلول الفعالة للاحتياجات الاسكانية للمملكة والترويج والتسويق للبرامج الجديدة، مع التركيز على جانب مهم وهو ان وزارة الاسكان تلعب دور المنظم بالفترة القادمة لحل مشكلة الإسكان.
اجمالا، يمكن القول ان برنامج التمويلات الجديد يعزز من فرص المشاريع امام الشركات العقارية، وينعكس الامر أيضا على خلق وظائف للمواطنين، كما انه يسهم في توفير بيئة خصبة للاستثمار العقاري امام المطورين العقاريين والمستثمرين، مما يبشر بحركة ايجابية لسوق العقارات البحريني. وبنفس الوقت يعزز المنافسة في القطاع الخاص في توفير الخيارات والفرص الجذابة في البرامج الاسكانية.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك