السياحة العقارية.. عندما يتمازج التطوير العقاري بالسياحة
قد يبدو المصطلح غريبا او جديدا علينا، لكنه بات جزءا حيويا في القطاعين السياحية والعقاري في الكثير من الدولة، ويعكس العلاقة الوطيدة.. او التي تزداد توطدا بين هذين القطاعين الحيويين في أي اقتصاد.
فمن المسلمات ان أحد أبرز مؤشرات النمو والازدهار الاقتصادي في بلد هو تطور القطاع العمراني والعقاري وانتعاش المشاريع والاستثمارات العقارية التي تلعب دورا كبيرا في ضخ الدماء الدافئة لعجلة النمو الاقتصادي وجذب الاستثمارات. كما ان ازدهار القطاع العقاري في أي بلد يصاحبه في الغالب ازدهار في قطاعات أخرى مرتبطة به بشكل مباشر أو غير مباشر، وفي مقدمة تلك القطاعات الصناعة والتجارة والسياحة وغيرها.
وبنفس الوقت تمثل السياحة عصب الحياة في الكثير من الدول التي تعتمد في ناتجها المحلي الإجمالي على هذا القطاع بشكل كبير.
وهنا.. فإن الممازجة بين هذين القطاعين بات يمثل أحد المجالات الحيوية الواعدة في دعم الاقتصاد، وباتت السياحة العقارية تشكل أحد المجالات السياحة التي تحظى باهتمام الشركات السياحية ومثيلاتها العقارية بنفس الوقت. بل باتت الكثير من الشركات والمكاتب السياحية نظم برامج سياحية عقارية تعريفية للراغبين في الاستثمار العقاري لاطلاعهم على الفرص الاستثمارية المتاحة.
باختصار، يمكن تعريف السياحة العقارية بأنها توجه المستثمر العقاري لشراء عقار خارج موطنه والاستثمار فيه سواء للاستجمام والسكن فيه بدل تأجير فنادق او شقق، او من خلال تأجيره في فترات محددة خلال العام.
وبالتالي تشمل العقارات السياحية تلك التي يشتريها الافراد للاستخدام الشخصي والاستجمام في دور أخرى، أو تلك المباني التي تستثمر لجذب وخدمة السائحين في المناطق والمدن السياحية مثل الوحدات السكنية والمطاعم والمقاهي والاستراحات في طرق السفر بين المدن، ويمتد الامر الى الاستثمار في الفنادق والمجمعات التجارية والتي باتت تعتبر من أبرز المشاريع العقارية السياحية في المدن التي تحظى بنشاط سياحي نشط. وتشمل السياحة العقارية أيضا البيوت المخصصة للإيجار السنوي، والمنازل الصيفية والريفية والشاليهات، وحتى المكاتب والمخازن والمستودعات والمصانع وغيرها من المرافق التي من الممكن ان تخدم القطاع السياحي. وبالطبع تتطلب السياحة العقارية بينة تحتية قوية وتنوع في قطاعات العمل الاستثماري.
وقد بدأ هذا النوع من السياحة يشهد رواجا متزايدا في السنوات الاخيرة نتيجة عوامل عدة منها التسهيلات التي تمنحها الدول لتملك الأجانب، والتطورات في اسواق العقارات وتوجه الكثير من المستثمرين والعملاء لاسيما من الدول العربية لاقتناء عقارات في دول أخرى تشهد تطورا سياحياً واقتصاديا وتتميز بنمو جيد في سوق العقار. حيث أسهم المستثمرون العرب وخاصة الخليجيين في تنشيط هذا القطاع بالعديد من الدول بهدف الاستثمار العقاري الذي بات الجانب السياحي رديفا له في كثير من النماذج.
وكما أسلفنا، دأبت الكثير من الشركات السياحية وبالتعاون مع نظيراتها العقارية بتنفيذ برامج سياحية عقارية تشمل دعوة المشترين والمستثمرين الراغبين في شراء عقارات في بلد معين تتوافر فيه المؤشرات الإيجابية للاستثمار السياحي والعقاري، وتسهيل اجراءات السفر لهم وعمل جولات ميدانية لموقع المشاريع العقارية المتاحة والخدمات المقدمة فيه والتسهيلات المتوافرة والفرص الاستثمارية المحتملة.
وفي حين تعتبر الدول العربية متأخرة نوعا ما في هذا الجانب، فإن البدايات الأولى للسياحة العقارية ربما ظهرت بشكل أوضح في الولايات المتحدة خصوصا، وتبعتها كندا ثم دور أوروبا التي تمتلك المقومات الكافية للسياحة ولنمو القطاع العقاري بشكل خاص، ولكن هذا لا ينفي ان دولا معينة في الشرق الأوسط بدأت تنافس وبقوة دول العالم في هذا المجال. فدولة الامارات تعتبر من أكثر الدولة التي تشهد السياحة العقارية فيها نموا لا مثيل له. وعلى الوتيرة ذاتها تسير تركيا.
في مقال سابق له بعنوان «السياحة العقارية.. خارج حسابات البحرين»! تطرق الكاتب المهندس فادي الشيخ الى أهمية السياحة العقارية مؤكدا انها «لاتزال للأسف غائبة عن الساحة البحرينية، فلم نسمع قط هذا المصطلح متداولاً في القطاع العقاري، الذي لطالما كان أحد المحركات النشطة للاقتصاد الوطني، وله أكبر البصمات في دفع عجلة النمو الاقتصادي إلى الأمام.
وساق الكاتب امثلة على تجارب ناجحة مثل دبي وتركيا وسنغافورة والصين كمؤشرات هامة على «نجاعة السياحة العقارية في انتشال أي اقتصاد من كبوته وتحقيق توازن مربح في معادلة العرض والطلب في مشاريع التطوير العقاري السكنية والتجارية». وأضاف: «مثل هذه الأفكار لم نسمع عنها قط في البحرين، رغم ما تزخر به المملكة من مشاريع ومدن عقارية واعدة على غرار ديار المحرق ومراسي البحرين وخليج البحرين».
وخلص الشيخ في مقاله الى ان «توأمة التطوير العقاري بالسياحة يجب أن تكون الآن أولوية قصوى في برنامج عمل الجهات ذات العلاقة في المملكة، تترجمها شراكة أكثر متانة بين القطاعين الحكومي والخاص لجعل مملكة البحرين وجهة تفضيلية في السياحة العقارية. مجلس التنمية الاقتصادية وهيئة البحرين للسياحة والمعارض والكيانات العقارية الأبرز في المملكة مطالبة بالجلوس معاً لبلورة أفكار نيّرة، تقود إلى جعل السياحة العقارية عنصراً حيوياً في الانتعاش الاقتصادي، مع إمكانية الاستفادة من تجارب من سبقنا إقليمياً وعالميا».
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك