مسافات

عبدالمنعم ابراهيم
«جونسون» يهدر الأموال على «أوكرانيا» بينما البريطانيون يعانون من التضخم!
تعد الحكومةُ البريطانيَّةُ برئاسةِ (بوريس جونسون) من أكبر المتحمسين للحربِ في أوكرانيا، وأكبر الداعمين ماليًّا وعسكريًّا للرئيسِ الأوكراني (زيلينسكي) –بعد أمريكا طبعا– حتى أن كثيرًا من المحللين يجزمون بأن (بريطانيا) هي التي تمسكُ حاليا بقرارِ (الحربِ والسلام) في أوكرانيا، وهي التي أفشلت محادثاتِ السلام السابقة في (إسطنبول) بوساطةٍ تركيةٍ بين الوفدين الروسي والأوكراني، ومنذ ذلك الحين وحكومة (جونسون) تغدق على (زيلينسكي) السلاحَ والعتادَ والمنظوماتِ العسكرية المتطورة والأموال لكي يستمرَّ في الحربِ، ويبدو أن التقدمَ العسكري الروسي الذي يتم إحرازه في أوكرانيا وتحديدًا في إقليمِ الدونباس جعل رئيسُ الوزراءِ البريطاني (جونسون) يفقدُ أعصابَه، حيث صرَّح منذ يومين قائلا: (إن الغربَ لابد أن يواصلَ الدعمَ للأوكرانيين فيما يسعون إلى استعادةِ مناطق سيطرت عليها روسيا) مشيرًا إلى (أنها ستكون كارثةً إذا تمكَّن الرئيسُ الروسي بوتين من الانتصار)!! وفي زيارة خاطفة قام بها إلى (كييف) التقى فيها بالرئيسِ الأوكراني (زيلينسكي) يوم السبت الماضي اتفق (جونسون) مع حكومةِ كييف بأن تقومَ بريطانيا بتدريبِ آلاف الجنود الأوكرانيين في مدن أوروبية كل 4 أشهر، وتأهيلهم لاستخدامِ الأسلحةِ البريطانيَّةِ والأوروبيَّةِ والأمريكيَّةِ المتطورةِ في حربِ أوكرانيا لمنعِ روسيا من الانتصارِ في الحرب!
وفي الوقتِ الذي تتحمسُ فيه حكومةُ (جونسون) للحربِ في أوكرانيا، وتمنعُ أيةَ فرصةٍ للسلامِ بين روسيا وأوكرانيا.. لا تبدو هذه الحكومةُ البريطانيَّةُ مكترثةً كثيراً بالأزماتِ الاقتصاديَّةِ والمعيشيَّةِ التي يعاني منها المواطنُ البريطاني بسبب العقوباتِ الأمريكيَّةِ والبريطانيَّةِ والأوروبيَّةِ ضد روسيا، وخصوصا ارتفاعَ الأسعارِ والتضخم في الموادِ الغذائيَّةِ والطاقةِ والبنزين والكهرباء!
وقد حذَّر تقريرٌ بريطاني نُشر يوم الخميس الماضي من ارتفاعِ أسعارِ الموادِ الغذائيَّةِ في المملكةِ المتحدة قد يصل إلى 15 في المائة هذا الصيف وهو أعلى مستوى منذ 20 عاماً، وأنه من المحتمل أن تكون اللحومُ والحبوب ومنتجات الألبان والفواكه والخضراوات هي الأكثر تضرراً من هذا الارتفاع، بسبب التأثير الناتج عن الحرب في أوكرانيا، ووقف الإنتاج في الصين المتأثر بإجراءات الحد من انتشار فيروس كورونا، ووقف تصدير المواد الغذائية الرئيسية مثل زيت النخيل من إندونيسيا، والقمح من الهند.
وأشار التقريرُ إلى أن المنتجاتِ التي تعتمدُ على القمح، مثل الدجاج ولحم الخنزير ومواد المخابز، من المرجح أن تواجه أسرع ارتفاع في الأسعار، حيث تضافرت مشاكل الصادرات والإنتاج من أوكرانيا، وهي منتج كبير للحبوب، مع العقوبات المفروضة على روسيا، وهي منتج رئيسي آخر.. وأشار التقرير إلى أن التضخم قد يستمر على الأقل حتى الصيف المقبل، لكنه قد يستمر بعد ذلك نتيجة لمجموعة من العوامل مثل اضطراب التجارة المرتبط بخروج بريطانيا من (الاتحاد الأوروبي)، والطقس غير المواتي في نصف الكرة الشمالي، والمزيد من الإضعاف للجنيه الإسترليني.
كل هذه الأزمات الاقتصادية والمعيشية للمواطن البريطاني لا تحرك في حكومة جونسون قيد أنملة لتصحيح مسارها السيئ، بقدر حماس (جونسون) لاستمرار الحرب في أوكرانيا التي هي سبب رئيسي لارتفاع الأسعار بعد العقوبات الاقتصادية والمالية والتجارية ضد روسيا، وتخبط حكومة جونسون تجلى بوضوح في (مطار هيثرو) وهو واحد من أكبر مطارات العالم، الذي شهد منذ يومين أزمة بسبب فشل كارثي في نظام الأمتعة، ما أدى إلى تكدس الحقائب في منظر مروع – بحسب تقارير الوكالات يوم أمس– وتظهر الصور المذهلة كيف يتم تكديس مئات الحقائب معاً، فيما وصفه المتفرجون بـ(سجادة الأمتعة)! كما اشتكى ركاب المطار أيضاً من طوابير طويلة وحافلات النقل المزدحمة، وانتظار طويل للانتقال بين مباني الركاب.. ووفقاً لصحيفة (ديلي ميل) البريطانية تعد هذه أحدث حالات الفوضى في المطارات البريطانية، التي ابتليت بنقص الموظفين، وطوابير طويلة مزعجة عدة أسابيع.
ويبقى سؤال مهم: ألا تعد الأموالُ الضخمةُ التي تقدر بالمليارات من الجنيهات، الإسترلينية، والتي تتبرع بها حكومةُ جونسون إلى الحكومة الأوكرانية، والأسلحة والمعدات العسكرية الغالية الثمن التي يتم شحنها إلى الجيش الأوكراني وكتائب (آزوف) النازية المتطرفة.. ألا تعد تبذيراً سيئا لأموال الشعب البريطاني؟!! وأنه من الأكثر حكمة أن يتم صرفها لجعل حياة المواطنين البريطانيين أقل سوءاً في خضم كارثة التضخم وارتفاع الأسعار في بريطانيا؟!
قد يعتقد البعض أن الحل يكمن في خروج (جونسون) من رئاسة الحكومة البريطانية، واستبداله برئيس وزراء آخر، وهو حل يتحمس له (حزب العمال) المعارض لحكومة المحافظين، ولكن هذا ليس حلاً حقيقياً للأزمة السياسية والاقتصادية والمعيشية للمواطنين، الحل الحقيقي يكمن في أن تتخلص بريطانيا في دولتها العميقة من العقلية القديمة، بأنها لا تزال الإمبراطورية التي تحكم العالم، وتشعل الحروب هنا وهناك، مثلما فعلت بتحالفها مع أمريكا في حرب أفغانستان وحروب العراق، وحرب ليبيا، وحرب سوريا وحرب يوغسلافيا.. وتفعل ذلك حالياً في (حرب أوكرانيا) التي لا تعني للمواطن البريطاني سوى المزيد من الأزمات المعيشية والبطالة وارتفاع الأسعار في المواد الغذائية والطاقة، بينما القادة السياسيون يفكرون فقط في تمجيد أسمائهم في حروب عبثية!
إقرأ أيضا لـ"عبدالمنعم ابراهيم"
- هل يتعلم الغرب من «سحابة الفطر» الذرية الأمريكية في هيروشيما؟
- «منظمة العفو الدولية» تفضح ادعاءات أوكرانيا الكاذبة
- أمريكا تستنسخ أوكرانيا في تايوان.. لكن الصين ليست تِنينا من ورق
- جولة «بيلوسي» الآسيوية لا تخلو من فساد المنافع الخاصة
- الشعوب الأوروبية تتمرد على زعمائها
- كييف هي التي قصفت سجن الأسرى الأوكرانيين
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك