هوامش

عبدالله الأيوبي
ayoobi99@gmail.com
بارقة أمل أخرى من اليمن
خطوةٌ أخرى إيجابيَّةٌ ومطلوبةٌ أيضا، تخطوها أطرافُ الصراعِ في اليمن بقبولها تمديد الهدنة بينها مدة شهرين آخرين حيث أعلنت الأممُ المتحدة على لسان مبعوثها الخاص إلى اليمن هانس غراندبورغ، الأسبوع الماضي عن توصل الطرفين المتحاربين إلى اتفاقٍ لتمديد الهدنة بينهما، وهذا توجه يصب من دون أدنى شك في صالح الشعب اليمني بجميع فئاته ومناطقه المختلفة التي عانت من ويلات الصراع لما يقارب السبع سنوات، من دون أن تضع اليمن على طريق السلم والمصالحة الأهلية التي تصدعت كثيرًا جراء هذا الصراع.
هدنةُ اليمن الأولى التي استمرت شهرين بدءا من الثاني من أبريل الماضي وفقا لما اتفقت عليه جميع الأطراف، أعطت بصيصًا من الأمل في إمكانية حلحلة الأزمة اليمنية التي طال أمدُها، هذه الهدنة التي حظيت بدعمٍ وقبول جميع الفرقاء كان من الممكن جدا تحويلها إلى نقطة البداية لوضع حد لهذه الأزمة، خاصة وأن جميع الفرقاء تعاطوا معها، من عدة زوايا ومنطلقات، منها السياسي والإنساني، تعاطيًا إيجابيًّا فتوقف طلقات المدافع، وبغض النظر عن استمرار طلقة هنا وأخرى هناك، هذا التوقف يوفِّر على أبناء الشعب اليمني المزيد من الضحايا.
هذه الهدنة شجعت أطراف النزاع على إعادة فتح أبواب البحث عن حلول سياسية لهذه الأزمة، وهي الحلول التي أكدها أكثر من طرف واعتبرها المخرج الوحيد للأزمة، وبالتالي فإن تمديد الهدنة يعني بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، وقف إراقة الدماء والتمهيد لوضع حد لهذه الازمة، ثم إن تمديد الهدنة في اليمن ليس خسارة لهذا الطرف أو ذاك، بل على العكس من ذلك فهو مكسب لجميع الأطراف، والأهم من ذلك كله يصب في مصلحة أبناء الشعب اليمني والمنطقة بشكل عام.
بعيدا عن أي جرد لحجم الخسائر البشرية والمادية، فإن بعض الأطراف الإقليمية والدولية استغلت هذه الأزمة وتداعياتها من أجل إيجاد مواطئ أقدام لها، تخدم مصالحها الجيوسياسية على حساب مصالح الشعب اليمني ومستقبله، وقد أثبتت السنوات التي انقضت من عمر هذه الأزمة أن أي مكاسب إيجابية لم تسجل لصالح أي من أطرافها وإنما سجلت خسائر للجميع، ومكاسب مادية وسياسية لأطراف خارجية، لهذا نقول: «إن تمديد الهدنة اليمنية جاءت تحقيقا لمطلب إنساني وسياسي أيض، باعتبار أن هذه الهدنة تعني جميع الأطراف وعلى عواتقهم تقع مسؤولية الحفاظ عليها واستغلالها لصالح التسوية السياسية المطلوبة».
صحيح أن الهدنة الأولى التي استمرت شهرين وانتهت قبل أيام لم تثمر عن فتح أطرافها أبوابا سياسية واسعة تضع الأزمة اليمنية على طريق الحل النهائي، إلا أنها بكل تأكيد أعطت مؤشرا على أن جميع الأطراف التي قبلت بها وتقيدت بمتطلباتها، باتت مهيأة أكثر وعلى استعداد للانخراط في عملية سياسية جادة تقود إلى وضع حد لهذه الأزمة التي لا تخدم سوى أعداء اليمن وشعوب المنطقة بشكل عام.
فطالما أن هناك استعدادا لدى هذه الأطراف لمواصلة البحث عن مخرج سياسي لهذه الأزمة يحقق مصالح جميع الأطراف ويحفظ حقوق أبناء الشعب اليمني، فإن تمديد الهدنة يمكن تحويله إلى بداية حقيقية للانطلاق نحو الحل السياسي والتخلي عن الخيار العسكري، وعلى هذه الأطراف أن تقرأ النتائج الإيجابية التي اكتسبتها من وراء التقيد بالهدنة الأولى والاستفادة منها خلال الهدنة الجديدة التي بدأت للتو.
فالأطراف اليمنية، قبل غيرها، مطالبة بالتحرك الجدي نحو الاستفادة من المناخ الذي هيأته الهدنة الأولى واستغلال الاتفاق على تمديدها، وهو التمديد الذي لاقى قبولا واستحسانا من الجميع، بل إن اليمنيين العاديين ينظرون إلى قبول الأطراف بالهدنة بمثابة طوق نجاة يمكن التعلق به للخروج من الأزمة، ثم الأهم من ذلك كله هو أن الأطراف اليمنية الآن أمام امتحان آخر لإثبات حسن النية فيما يتعلق بإنقاذ شعبهم ووطنهم.
إقرأ أيضا لـ"عبدالله الأيوبي"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك