الرأي الثالث

محميد المحميد
malmahmeed7@gmail.com
فزعة بحرينية مع سيدة كندية
فزعة أهل البحرين.. فزعة مشرفة وأصيلة، تبعث على الفخر والاعتزاز.. فزعة بها من صفات النخوة والشهامة، ومن قيم التكافل والتعاضد، ومن صور رفيعة إنسانية ودينية جميلة، قلما تجدها في مجتمعات أخرى، وتستحق المزيد من التشجيع والإبراز، والتمسك بها والمحافظة عليها.
مملكة البحرين ومنذ تاريخها العريق، بطيبة قيادتها وشعبها معا، تقدم يد العون والمساعدة، وتغيث المنكوب وتساعد المحتاج، من دون النظر إلى دينه وجنسه، ومن دون أن يكون العون مالا فقط، ولكن بجميع أشكاله وصوره.
في جائحة كورونا مثلا، كانت الخدمات الصحية والإنسانية تقدم للجميع من مواطنين ومقيمين بلا استثناء، علاجا ومالا.. طعاما وشرابا.. رعاية وأمنا.. وكثير من الأشخاص والمؤسسات يقدمون التبرعات، ويشاركون في الحملات الخيرية، وإن كانوا بسطاء، حتى في البيوت من عادة أهل البحرين العطف على العمالة المنزلية، حتى إن لم يكونوا مسلمين.. تماما كما هي حملات التبرع بالدم حينما يطلب منهم، وكذلك الفزعة في البحث عن أي طفل أو مسن مفقود.
بالأمس انتشرت رسالة صوتية، وبوستات في حسابات الانستغرام، وتحديدا في حساب (تواصل أهل البحرين) المتخصص في نشر أخبار الوفيات، وكتب خبر بعنوان عاجل جدا، مفاده أن مسلمة من الجالية الكندية انتقلت إلى رحمة الله، وليس لديها أقارب في البلاد، وتم الإعلان للمشاركة في حضور صلاة الجنازة عليها في مقبرة المحرق بعد صلاة الظهر، وتم الحث على نشر الرسالة في مجموعات الواتساب ومنصات التواصل الاجتماعي.. فماذا حصل في المقبرة..؟؟
لقد امتلأت المقبرة بأهل الخير من كل مناطق البحرين، رجالا ونساء، كبارا وصغارا، من المحرق إلى الزلاق، فزعة واستجابة ومشاركة للصلاة على السيدة الكندية، ومعظمهم ربما لا يعرف اسمها، ولكن الخيرية في هذا الشعب الطيب، تجاوزت كل الحدود والمسميات والأشكال.
استمعت للرسالة الصوتية التي نشرها الإعلامي الوطني القدير الأستاذ الفاضل والأخ العزيز «وليد الذوادي»، وهو يعبر بصدق وفخر عن المشهد المهيب الذي جسده وسطره أهل البحرين، من خلال الفزعة من سيدة تم دفنها في تراب الوطن، بعيدة عن بلادها ومنقطعة عن أهلها، ولكن فزعة أهل البحرين احتوتها وكرمتها، ودفنت تحت ترابها وفي مقابرها، وبالمجان.
ليست هذه المرة الأولى، ولا الحادثة الوحيدة، ولكنها وقائع متكررة ودائمة، في الصلاة على ميت ليس له أهل ومعارف، أو في التبرع لأي محتاج، كما في منصة «فاعل خير» التابعة لوزارة الداخلية، من دون معرفة اسم المحتاج أصلا، ولكن لثقة في الجهة المشرفة على المنصة، وسمو أهداف المشروع، وفزعة من أجل الخير في وطن الخير.
ما حدث مع السيدة الكندية في مقبرة المحرق، يستحق أن يسجل ويوثق، ويبرز ويسوق، لبيان فزعة أهل البحرين الأصيلة، وأتمنى أن نجد حسابا وموقعا في التواصل الاجتماعي، يعمل على إبراز مثل هذه الوقائع بصورة إعلامية مهنية حرفية، إنسانية وطنية، في مقطع فيديو مصور لا يتجاوز الدقيقة الواحدة، كما تعمل بعض الحسابات الرسمية والمجتمعية في دول أخرى، في إبراز صور الفزعة والمساعدة في مجتمعاتها، وبيان حجم التعاطف الإنساني في دولها، وخاصة أننا في مملكة البحرين نزخر بالطاقات والكفاءات والمواهب التي تحسن استثمار الصور الإيجابية، ومنها الفزعة البحرينية الإنسانية.
شكرا لفزعة البحرين، وشكرا لحساب تواصل أهل البحرين، وشكرا للإعلامي وليد الذوادي.
إقرأ أيضا لـ"محميد المحميد"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك