أنظار المستثمرين المتوجسة منصبة الآن على شركة آبل بعد انهيار أسعار أسهم زميلاتها في عصابة فانج (فيسبوك، أمازون، نيتفلكس وجوجل) خلال الشهور الأربعة الأخيرة التي شهدت أسوأ أداء لسوق الأسهم الأمريكية منذ الأزمة المالية التي وقعت عام 2008. معظم المحللين يعتقدون أن صمود سعر سهم الشركة قد يُبقي الأمل عند المستثمرين، أما انهياره فسوف يعني أن السوق دخل رسمياً مرحلة الركود وأن نزيف الأسعار سيستمر إلى مستويات تُرعب حتى عتاة المستثمرين.
خلال ثلاثة أشهر فقط انقلبت البيئة الاستثمارية رأساً على عقب، والأحلام الوردية التي عاشها المستثمرون خلال العامين الماضيين تحولت إلى كوابيس وخسائر لم يكن يتصورها أحد. فالتضخم الخارج عن السيطرة وارتفاع أسعار الفائدة المتواصل والحرب الروسية الأوكرانية غيرت أسس تقييم الإيرادات والمخاطر للشركات وأدت إلى موجات بيع مذعورة للأسهم التي فقد بعضها بين 80% إلى 90% من قيمته في أيام معدودات.
بدأ الانهيار في سوق شركات التكنولوجيا التي لم تحقق أي إيرادات أو تدفق مالي بعد، إضافة إلى الشركات التي ازدهرت خلال انتشار وباء كورونا مثل شركة زوم وبعض شركات التوصيل المنزلي وذلك بعد بدء عودة الموظفين إلى شركاتهم. فارتفاع أسعار الفائدة يعني تراجع إيرادات الشركات التي تعتمد على التمويل بالدين، وبالتالي تراجع مستوى الربحية والقيمة السوقية.
على سبيل المثال، انخفض سعر شركة بيلاتون التي تصنع الأدوات الرياضية المنزلية بنسبة 90%، وشركة زوم بنسبة 70%، وشركة روكو للبث التلفزيوني بنسبة 75%، وهذا هو الحال مئات الشركات المماثلة. أما شركات التكنولوجيا العريقة وعالية الربحية والتي تتمتع ميزانياتها بمستويات عالية جداً من السيولة (مثل شركات فانج) فقد صمدت بعض الوقت. ولكن موجات الذعر بين المستثمرين كان لا بد لها من أن تكويها بنارها أيضاً.
بدأ انهيار أسعار أسهم عمالقة السوق مع شركة نيتفلكس في شهر يناير الماضي بعد إعلان توقعها بتراجع إيراداتها المستقبلية، حيث هوى سعر السهم من 500 إلى 350 دولارا، ثم إلى 180 دولارا بعد إعلان نتائجها المالية لاحقاً. ثم جاء زلزال أسهم فيسبوك الذي فقد 25% من قيمته في يوم واحد في شهر فبراير الماضي و40% منذ بداية العام، تبعه هبوط سعر سهم شركة أمازون بنسبة 35% ومايكروسوفت بنسبة 22%.
أصبحت شركة آبل، ملكة شركات السوق ذات الماركة التجارية الأغلى وأكبر شركات العالم بقيمتها السوقية التي بلغت 2.5 ترليون دولار، محط الأنظار والإعجاب بصمودها في هذه السوق الجهنمية. فسهمها عموماً صمد في وجه البيع المسعور وتراوح بين 180 و155 دولارا حتى بداية شهر مايو الجاري. مشاعر الأمل والخوف والترقب أرهقت المستثمرين، فصمود شركة آبل لم يعد يهمها وحدها، بل يترتب عليه مصير السوق التي يتنازع عليها الدببة والثيران (من يعتقدون بركود السوق أو عودته إلى الازدهار).
في الأسبوع الثاني من هذا الشهر انحبست الأنفاس عندما تزعزع صمود سهم آبل وانخفض من 155 إلى حوالي 140 دولارا، وجر السوق معه إلى خسائر أصبحت تتجاوز 7 ترليونات دولار منذ بداية هذا العام، أي ما يعادل الإنتاج القومي لبريطانيا في ثلاث سنوات. وبلغ مقدار ما فقدته قيمة الشركة السوقية 225 مليار دولار.
«إلى أين المسير والمصير» أصبح سؤال المستثمرين الآن: هل نستغل التنزيلات الكبرى في أسعار الأسهم لجني أرباح مستقبلية مجزية، أم ننتظر لتجنب الانهيار التام المحتمل في السوق؟
من يمتلك الجواب سيصبح مليونيراً، أو على الأقل سيحافظ على أمواله من الضياع إلى حين. كبار الصناديق الاستثمارية الآن تحتفظ بمستويات عالية من النقد انتظاراً للحظة الانقضاض، ولا شك أن أسعار أسهم بعض الشركات الكبرى مثل آبل وفيسبوك ومايكروسوفت وجوجل وأمازون ومئات غيرها تعتبر رخيصة استنادا إلى التدفق المالي الذي تحققه، ولكن الطوفان يغمر حتى الأشجار الطويلة. وقد يكون الانتظار الآن سيد الأحكام.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك