مسافات

عبدالمنعم ابراهيم
لسنا معنيين بأخطاء الغرب في إشعال الحروب العالمية
الغربُ بقيادةِ أمريكا حين يتخذُ قراراتٍ وعقوباتٍ اقتصاديَّة وتجاريَّة وماليَّة ضد روسيا على خلفيةِ الحربِ في أوكرانيا أثبتت تطوراتُ الأحداثِ أنه يعاقبُ نفسَه أيضًا بدليل زيادة الأسعار والتضخم الاقتصادي الذي ضربَ المجتمعَ الأمريكي والبريطاني وبقية المجتمعات الأوروبية.. ولو كان الأمرُ ينحصرُ في التداعياتِ الاقتصاديَّةِ المعيشيةِ السلبيةِ للعقوبات ضد روسيا على الدولِ الغربية فقط لقلنا إنه تأثيرٌ سلبي بين طرفي صراع ولكن الحقيقة التي لا مجال فيها للشك أن العقوباتِ الاقتصادية الغربية صارت تتدحرجُ ككرة الثلج لتصيب الاقتصادَ العالمي بأكمله.. وأصبح الغربُ لا يكتفي بإطلاقِ النار على قدميه ولكن هو يطلق النار على أقدام العالم كله.
فقط لنتوقف أمامَ تأثيرِ العقوباتِ الأمريكيَّةِ والغربيَّة ضد روسيا على سلعةِ الحبوب وخصوصًا القمحَ في الأسواقِ العالميَّة وقد شهدت الأسواقُ في مختلفِ دولِ العالم حالاتٍ من الاضطراباتِ في سلاسل التوريد للحبوب والزيوت والطحين وخصوصًا في محصول القمح فقد أشارت وكالاتُ الأنباء يوم أمس إلى (أن المجاعةَ تتهددُ العالمَ وسط ارتفاع أسعار القمح وترجيحات بانخفاض المحصول العالمي للمرة الأولى خلال 4 سنوات الأمر الذي دفع دولًا إلى إيقافِ بيع محاصيلها وأخرى إلى إعلان نفاده قريبًا).
وبحسب تقريرٍ لصحيفةِ «فايننشال تايمز» نشرته «أخبارُ الخليج» بالأمس فإنه من المرجح أن ينخفضَ إنتاجُ القمحِ العالمي وفقًا لتوقعات الحكومة الأمريكية وأن تقديراتها العالمية لموسم المحاصيل في عامي 2022 و2023 ارتفاع العقود الآجلة للمحصول الجديد تسليم سبتمبر والمتداولة في شيكاجو إلى 12 دولارًا للبوشل بزيادة 8 في المائة على مدار الأسبوع.. وأن إنتاج القمح في أوكرانيا سينخفض بنسبة أكبر من المتوقع بنسبة 35 في المائة عن العام السابق.
وقالت وزارةُ الزراعةِ الأمريكيَّةِ إنه من المتوقع أن ينخفضَ إنتاجُ القمح في (الصين) وهي أكبرُ منتج في العالم 14 بالمائة ليصل إلى 135 مليون طن وأضافت أنه من المرجح أيضًا أن ينخفضَ الإنتاجُ من (الاتحاد الأوروبي) و(الأرجنتين) و(أستراليا) وقال محللون إن الطقس الجاف أو الحار بشكل غير طبيعي أثار مخاوف بشأن المحاصيل الأصغر في البلدان المنتجة مثل فرنسا والهند في حين أن ظروف الجفاف في الولايات المتحدة وكندا تثيرُ قلقَ المزارعين ويترافق ذلك مع حظر (الهند) تصدير القمح إلى الخارج منذ يوم السبت الماضي حيث لا يُسمح بالتصدير إلا للشحنات المتفق عليها سابقًا قبل الحظر أو بإذن خاص من حكومة الهند وفي وقت سابق أعلن (اتحاد منتجي الحبوب والدقيق في جورجيا) أن مخزوناتِ القمح في البلاد نفدت بالفعل وأن المطاحن ستتوقفُ عن العمل في الأيام المقبلة.
هذه بعض تداعيات العقوبات الاقتصادية التي فرضتها أمريكا والغرب عموما ضد روسيا وتخص سلعة القمح فقط.. فما بالكم بالتأثير السلبي للعقوبات في بقية السلع الغذائية والمنتوجات الصناعية الاستهلاكية للمواطنين في كل أنحاء العالم.. ومع ذلك فإن القادة السياسيين في الغرب غير مكترثين بالتداعيات السلبية التي تضرب العالم من جراء قراراتهم (الأحادية الجانب) والمهووسة بمعاقبة روسيا رغم حاجتهم هم إلى الطاقة الروسية في تشغيل مصانعهم وتدفئة بيوتهم! إنهم في حلف الناتو يضغطون هذه الأيام على (فنلندا) للدخول في عضوية الحلف وكسر مبدأ (الحياد) الذي قامت عليه (فنلندا) منذ عام 1947 في الوقت الذي تعتمد فيه (فنلندا) على إمدادات الكهرباء من روسيا!
أمريكا والغربُ يتصرفون برعونةٍ شديدة لإجبارِ دول وشعوب العالم على الانحياز معهم في معاقبة روسيا من دون النظر في التداعيات الكارثية لقراراتهم الاقتصادية على العالم.
باختصار إنهم يحضرون لحروبٍ أوروبية (هجينة) ضد روسيا ويريدون من بقيةِ شعوبِ وحكومات العالم أن تدفعَ ثمنَ هذه الحربِ القادمة! ويتصرفون بأنانيةٍ مفرطة إزاء معاناة الآخرين في حرب سوف يخوضونها ضد روسيا وليس للعالم مصلحة في تلك الحرب.. هل كلما أشعل الغرب في أوروبا (حربًا عالمية) فيما بينهم مضطرين إلى الاصطفاف بين طرفي الحروب؟! لا أعتقد أن هذا سوف يتكرر من جديد لأن هناك دولًا وشعوبًا في العالم أصبحت أكثر يقظة ووعيًا مدركة جيدًا مؤامرات الغرب في إشعال الحروب وتوريط الآخرين معهم فيها.. حدث ذلك في الحربين العالميتين (الأولى والثانية).. ويجب ألا يتكرر عالميًّا في (الثالثة) خوضوا حروبكم بأنفسكم.. ولسنا معنيين بأخطائكم الفادحة في إشعال الحروب.
إقرأ أيضا لـ"عبدالمنعم ابراهيم"
- «قمة السبع» تريد جر العالم إلى مواجهة ضد الصين!
- الغرب يرد على انتصارات روسيا في الدونباس بتحرشات في الأطراف!
- «جونسون» و«بايدن» مرشحان لفقدان السلطة قريبًا
- «أوروبا» تدفع ثمن التحالف الأمريكي–البريطاني ضد روسيا
- حلف أمريكا للدفاع الجوي.. إرضاء لإسرائيل وليس حماية للخليج
- أمريكا «لوّثت» ألمانيا باللجوء إلى الفحم بديلا عن الغاز الروسي!
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك