اطلالة

هالة كمال الدين
halakamal99@hotmail.com
سلام أسود
ساعات حلاوة الدنيا بتطلع من قلب الجرح.. واللي شاف العذاب يقدر يعني إيه الفرح!
تلك بعض كلمات الشاعر أمير طعيمة التي غنتها المطربة شيرين في تتر مسلسل جميل اسمه حلاوة الدنيا، وهي بالفعل تعبر عن واقع يعيشه الكثير منا، فأحيانا يتولد النور من رحم الظلام، وهذا ما عبرت عنه قصة انسانية رائعة تحت عنوان «سلام أسود.. مذكرات التعافي وما بعد الاكتئاب» من تأليف الكاتبة والمنتجة الفنية المصرية آية شعيب، صانعة المحتوى عن العلاقات والصحة النفسية.
ولمن لا يعرف آية فهي سيدة مصرية مرت بتجربة مريرة، عانت خلالها من مرض الاكتئاب لسنوات، انقطعت على أثرها عن الناس والمجتمع بل وعن الحياة، ثم عادت وبقوة، وقررت أن تروي تفاصيل مأساتها وبأسلوب علمي في تلك الرواية الرائعة، لتصبح دليلا ومرشدا لغيرها من الذين يسقطون أحيانا في القاع، ولا يجدون من يأخذ بأياديهم كي يقفوا على أقدامهم مرة أخرى.
لقد وقعت آية ضحية لتجربة زواجية فاشلة، كانت بالنسبة لها كالقشة التي قصمت ظهر البعير، وذلك بعد مرورها بالكثير من التراكمات النفسية السيئة، فسقطت أسيرة لحالة اكتئاب شديد، قررت أن تنجو منها من أجل ابنها الوحيد رحيم، والذي وهبها الله اياه كي يرحمها وينتشلها من حالة اليأس التي عاشت فيها سنوات طوال لتتعافى من أجله.
هذا الكتاب إنما يمثل كبسولة لمن يمر بأي أزمة نفسية قاسية قد تقوده إلى الوقوع في براثن الاكتئاب حتى درجة الانتحار في بعض الأحيان، وهو روشتة تقودك إلى أن تفهم نفسك، وتحبها بصدق، وتتصالح معها، وهذا ما تؤكده المؤلفة حين قالت بأن معايشتها للاكتئاب جعلتها تشعر بأنها ممتنة له لأنه جعلها تحب نفسها أكثر من ذي قبل، وتنجو بها من الحالة السوداوية التي كانت قد طغت على كل شيء في حياتها، ومن ثم محاولة مساعدة أرواح قد ضلت الطريق، واختارت طوعا أو كرها أن تكون حبيسة الظلام الذي خيم على كل مشاعرها.
تشير الاحصائيات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية إلى أن عدد المصابين بالاكتئاب حول العالم يصل إلى حوالي 300 مليون شخص من مختلف الأعمار، وإلى أنه السبب الرئيسي للعجز عالميا، وهو التصنيف ذاته الذي يوضع فيه مرض السرطان في المرحلة المتأخرة، فضلا عن كونه السبب الرئيسي لحالات الانتحار، والتي يصل معدلها إلى حوالي 41 ألف شخص ينتحرون سنويا.
لعل أجمل ما تقرأه في تلك الرواية هو إهداء آية كتابها الأول إلى الاكتئاب، الذي تقول عنه نصا:
«أنا حقيقي ممتنة للاكتئاب.. وواقعة في غرامه.. خلاني أحب نفسي أكثر من الأول!!».
نعم.. دعونا نحب أنفسنا.. وإذا تسلل الاكتئاب إلينا.. فلنحوله إلى فرصة للنجاة.. نصنع منها طاقة نور تخرجنا من حالة السواد التي قد نقع ضحيتها يوما ما!
إقرأ أيضا لـ"هالة كمال الدين"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك