مسافات

عبدالمنعم ابراهيم
الحرب الأوروبية – الروسية بانتظار انضمام فنلندا إلى الناتو
لماذا يسعى حلفُ شمال الأطلسي (الناتو) إلى انضمام (فنلندا) و(السويد) إلى عضوية الحلف، رغم معرفة أن ذلك سيغضب (موسكو)؟! هذا الأمرُ يتعلقُ بمخططٍ أمريكي لتوسيع دائرة الصراع العسكري ضد (موسكو) في أوروبا، ولن يتحققَ ذلك إذا استمرت (فنلندا) و(السويد) واقفة على الحياد مثل (النمسا) و(سويسرا) خارج حلف الناتو، وخصوصًا (فنلندا) التي تربطها حدودٌ جغرافيةٌ طويلة مع الأراضي الروسية في الشمال، ما يضاعف الضغط العسكري على روسيا لتأمين حدودها الأوروبية.. فقد توعدت (موسكو) فنلندا بإجراءات رد تقنية عسكرية وأخرى غير عسكرية في حال انضمامها إلى حلف (الناتو)، كما دعتها إلى تحمّل عواقب اتخاذ مثل تلك الخطوة.. وشددت وزارة الخارجية الروسية على أن الموقف الفنلندي الذي أعلنه رئيسها (ساولي نينيستو) ورئيسة الوزراء (سانا مارين) بشأن انضمام بلادهما إلى حلف الناتو يمثل تغييرًا جذريًّا في نهج هذه الدولة السياسي الخارجي، كما اعتبرت الخارجية الروسية أن سياسة عدم الانحياز عسكريًّا التي انتهجتها (فنلندا) على مدى عقود كانت ركيزة للاستقرار في شمال أوروبا، وضمنت الأمن الفنلندي بشكل وثيق، وشكّلت أساسًا متينًا لتطوير التعاون وعلاقات الشراكة المتبادلة المنفعة بين (هلسنكي) و(موسكو)، والتي تم فيها خفض دور العامل العسكري إلى نقطة الصفر.
وقالت موسكو: إن هدفَ الناتو يكمنُ في مواصلةِ التمدد صوب حدود روسيا، وإنشاء جناح آخر لتهديد البلاد عسكريا، وإن التاريخَ سيحكمُ على الأسباب التي تبرر بها (فنلندا) تحويل أراضيها إلى جبهة للمواجهة العسكرية مع روسيا مع فقدان استقلاليتها في صنع القرارات.. كما لفتت إلى أن هذا الانضمام سيشكل انتهاكًا مباشرًا لالتزامات (فنلندا) الدولية الناجمة بالدرجة الأولى عن معاهدات باريس للسلام عام 1947، وكذلك الاتفاقية المبرمة بين موسكو وهلسنكي عام 1992 بشأن أسس العلاقات بينهما، والتي تنص خاصة على أن الدولتين تلتزمان بعدم السماح باستخدام أراضيهما لشن عدوان عسكري على إحداهما.
إذن هناك خطوات متسارعة يُقدم عليها حلف (الناتو) للتوسع شرقًا ضد الحدود الروسية، بانضمام (فنلندا) و(السويد) إلى عضوية الحلف، وهو السبب نفسه الذي دفع موسكو إلى القيام بالعملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا، والتي تدور رحى حربها الآن هناك.. وهذا يعني أن (الناتو) يسعى نحو الحرب مع روسيا قريبًا، وهذا ما تخطط له (واشنطن) أن تصطدم روسيا عسكريًّا مع حلف الناتو في أوروبا، وستكون (بولندا) هي رأس فتيل المواجهة العسكرية القادمة، حيث تتحضر الاستعدادات العسكرية المكثفة والمناورات (البولندية بمشاركة قوات من الناتو) على الحدود البولندية الأوكرانية هذه الأيام، وقد عبّرت (بولندا) مؤخرًا عن نيتها دخول قواتها العسكرية إلى داخل الأراضي الأوكرانية تحت مبرر استعادة أراضي بولندية (تاريخيًّا) هناك، وخصوصًا في غرب أوكرانيا! وأنها سوف تترك خيار المشاركة العسكرية معها في احتلال الأراضي الأوكرانية لدول أوروبية (منفردة) وليس كأعضاء في حلف الناتو!!
طبعًا أمريكا هي المتحمس الأكبر لتنفيذ الطموحات التوسعية البولندية داخل الأراضي الأوكرانية، وكذلك حماس مماثل يأتي من بريطانيا، وكلا البلدين يواصلان ضخ الأسلحة المتقدمة والرادارات العسكرية والصواريخ لحكومة (زيلينسكي) في أوكرانيا.
إذن أمريكا والناتو يحضران لحرب واسعة ضد (موسكو) تكون شعلتها (بولندا) المتحمسة للحرب، والتي تكنُّ عداءً سافرًا ضد موسكو، ولكن هذه المواجهة العسكرية الشاملة بانتظار انضمام (فنلندا) و(السويد) إلى حلف الناتو حتى تكون كل الحدود الجغرافية لروسيا مفتوحة للتصرف العسكري، وبالتالي فتح كل الجبهات ضد روسيا (شرقًا وشمالًا)، وهذا يعني أن روسيا سوف تجد نفسها أمام حرب شاملة في أوروبا بأكملها، وليس أوكرانيا فقط، ما قد يدفع (موسكو) إلى اتخاذ إجراءات عسكرية واستخدام أسلحة متقدمة وفتاكة لم تستخدم بعد في حرب أوكرانيا وتستهدف بها دولًا أوروبية منخرطة في الحرب ضد روسيا.
إقرأ أيضا لـ"عبدالمنعم ابراهيم"
- هجمة غربية لتمكين (المثليين) في مونديال 2022
- أوروبا أصبحت بين سندان أوكرانيا ومطرقة أمريكا
- ثروة البحرين ليست في (برميل النفط) ولكن في شعبها
- لماذا تندلع الاحتجاجات في إيران كل عام منذ 1979 حتى الآن؟
- بينما يجنح العالم نحو السلام.. أوكرانيا ترفض وتصعد عسكريا!
- قوة ونفوذ إيران يكمن في الخونة العرب الذين يخدمونها
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك