يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره
لسنا بين خيارين: روسيا أو أمريكا
بعض الكتّاب العرب لفتوا النظر إلى مقال لكَاتب روسي نشره مؤخرا موقع «روسيا اليوم»، وبعضهم اعتبره خطيرا ومعبرا عن موقف روسي رسمي. المقال بعنوان: «مصر بين خيارين: روسيا أو الولايات المتحدة الأمريكية» كتبه المحلل الروسي ألكسندر نازاروف.
المقال يتلخص في أن روسيا تتوقع أن يقوم الغرب بتصعيد حملته وسياساته لحصار روسيا وفرض مزيد من العقوبات عليها في ظل حرب أوكرانيا، وأن أمريكا والدول الغربية ستسعى إلى إشراك مزيد من دول العالم في هذه الحملة.
ويبدو أن هناك مخاوف في روسيا من أن مصر يمكن أن تتخذ في الفترة القادمة موقفا أكثر تأييدا للموقف الأمريكي والغربي وتتخلى عن حيادها. يقول الكاتب: «وستقف حينها مصر أمام خيارين: إما الوقوف في عداد دول مثل الصين والهند وتركيا، مستعدة لمقاومة الغرب واتباع سياسة مستقلة، وإما الخضوع لإرادة الغرب، بغض النظر عن خطورة تبعات ذلك عليها».
وبالطبع يمضي المقال في حديث طويل عن العلاقات الروسية المصرية وما تستفيده مصر وكيف أن من مصلحة مصر الوقوف بجانب روسيا.
في نفس الوقت، نعلم أن أمريكا والدول الغربية تمارس ضغوطا شديدة على كل الدول العربية، وخصوصا مصر ودول الخليج العربية كي تقف إلى جانبها وتدعم بعضا من سياسات الحصار الاقتصادي لروسيا، وخصوصا فيما يتعلق بالنفط.
إذا كان من الطبيعي أن تسعى روسيا والدول الغربية إلى كسب مواقف مختلف الدول لسياستها وإجراءاتها، فمن الواضح أن هناك حقائق أساسية عن الموقف العربي ليست واضحة بالنسبة إلى روسيا والغرب على حد سواء.
هذه الحقائق تتمثل فيما يلي:
أولا: إن الموقف العربي عموما من حرب أوكرانيا والتطورات المرتبطة بها، وخصوصا موقف مصر ودول الخليج العربية، ليس منحازا في جوهره لأي من الطرفين، لا لروسيا ولا للغرب.
لم يصدر عن الدول العربية أي موقف يشير مثلا إلى أنها تؤيد الغزو الروسي لأوكرانيا، أو إنها تؤيد مواقف وسياسات أمريكا والدول الغربية.
الموقف العربي هو موقف محايد إلى حد كبير، وهو الموقف السليم.
ثانيا: إن الموقف العربي على هذا النحو لم تحدده أساسا طبيعة العلاقات بشكل عام مع أمريكا وروسيا، وإنما تحكمه أولا وأخيرا المصلحة العربية.
ليس من مصلحة العرب أن يكونوا طرفا منحازا لأي طرف في صراع هو في جوهره صراع عالمي بين القوى الكبرى.
ثالثا: إن الدول العربية حين تحدد موقفها من حرب أوكرانيا والصراع الدائر بين الغرب وروسيا حاليا لا تفعل ذلك على ضوء قراءة الظروف والأوضاع الحالية فقط، وإنما أيضا بناء على قراءة المستقبل، أي مستقبل الصراع العالمي بعد الحرب.
وكما سبق أن كتبت تفصيلا، الكل في العالم يتوقع حربا باردة جديدة وصراعا عالميا بين القوى الكبرى في العالم. وأفضل ما يجب أن تفعله الدول العربية هو الاستفادة من هذه الأوضاع لخدمة مصالحها. ولهذا، قلت إننا يجب أن نقود إحياء جديدا لحركة عدم الانحياز على اعتبار أن هذا هو ما يخدم مصالحنا.
رابعا: يبدو أن هناك بعض الدوائر في روسيا تسيء فهم موقف مصر ودول الخليج العربية.
هذه الدوائر يبدو أنها تتصور أن الدول العربية بحكم أن لديها مشاكل وأزمات مع أمريكا وهناك عدم رضا عام عن السياسات الأمريكية، فإنها مستعدة، أو يجب أن تكون مستعدة، للاصطفاف بالكامل بجانب روسيا في مواقفها وسياساتها.
وهذا ليس صحيحا ولا يجب أن يكون صحيحا.
الموقف الصحيح، ومن الواضح أن مصر ودول الخليج العربية تدرك هذا، إننا لا يجب أن نستبدل أمريكا كحليف استراتيجي رئيسي بروسيا ولا أي دولة عظمى أخرى.
الذي نريد أن نقوله بناء على هذه الملاحظات، هو ما يجب أن تدركه روسيا وأمريكا ونحن أيضا، إننا لسنا مجبرين أبدا كما يقول الكاتب الروسي على الاختيار بين روسيا أو أمريكا، ولا يجب أن نفعل هذا أصلا.
موقفنا وخيارنا يجب أن يكون حيث توجد المصلحة العربية أولا وأخيرا.
إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك