هوامش

عبدالله الأيوبي
ayoobi99@gmail.com
تهديد «كورونا» يبقى قائما
صحيح أن جميع دول العالم، تقريبا، رفعت القيود التي فرضتها بسبب جائحة «كورونا» وبدأت في العودة التدريجية إلى الحياة الطبيعية التي كانت عليها قبل ظهور وانتشار الفيروس، والذي أحدث إرباكا في جميع القطاعات لم تشهده دول العالم من قبل، لكن هذه العودة شبه الكاملة إلى الحياة الطبيعية لا تعني أن الحياة البشرية باتت في مأمن من خطر هذا الفيروس، فهو لا يزال منتشرا في جميع دول العالم تقريبا، بل إن دولا من الصين، عادت وفرضت حظرا على مدن كبيرة بسبب عودة الفيروس المفاجئة والقوية أيضا، والأمر نفسه يمكن توقعه في بلدان أخرى، طالما أن الفيروس لا يزال يجول في هذه البلدان وأن خطره يبقى قائما طالما أننا حتى الآن نفتقر إلى اللقاحات طويلة الأمد.
بعد الإغلاق شبه التام للعديد من المرافق الحيوية، بسبب الجائحة، وبعد الشلل الذي أصاب الحركة السياحية في جميع دول العالم والتقييد شبه الصارم الذي لازم الأفراد، سواء في بلدانهم أو خلال تنقلاتهم المحدودة، أو ذات الارتباط بمهمة محددة، فإنه من الطبيعي والمنطقي أيضا، أن تتقبل الناس بأريحية وبابتهاج كبيرين، قرارات رفع معظم القيود التي لازمت بداية المعركة ضد الفيروس، ولكن رغم رفع هذه القيود، فإن الجهات ذات الصلة بالتصدي للفيروس، لم تتخل عن تحذيراتها وتوجيهاتها ونصائحها بأهمية التقيد بالإجراءات الاحترازية، حتى وإن لم تعد ملزمة.
مؤسس شركة «مايكروسوفت» الملياردير الأمريكي بيل غيتس حذر مؤخرا، من أن جائحة فيروس كورونا لم تنته بعد، وأنه «لا يزال من الممكن أن يكون هناك نوع آخر أكثر انتشارا وأكثر فتكا»، تحذير غيتس جاء تزامنا مع بدء الموسم السياحي وإقدام عدة دول على رفع قيود فيروس كورونا عند دخول البلاد، وهو تحذير في محله تماما، ذلك أن من أسباب سرعة وسعة انتشار الفيروس، هو حركة الاختلاط الكثيفة والتخلي عن التباعد الاجتماعي الذي كان مطبقا خلال الفترة السابقة على رفع القيود.
لنتوقف أمام الأوضاع عندنا هنا في البحرين، وبغض النظر عن الجهود الكبيرة والجبارة التي قادها الفريق الوطني الطبي للتصدي لفيروس «كورونا»، والنجاحات المتميزة التي حققتها مملكة البحرين في هذا الشأن والتي نالت على ضوئها إشادات دولية، في مقدمتها الإشادة التي صدرت عن منظمة الصحة العالمية التي اعتبرت من خلالها، تجربة البحرين في مواجهة الفيروس، على أنها من التجارب المميزة التي تستحق الدراسة والاهتمام، رغم ذلك كله، فإن وجود الفيروس وسرعة انتشاره، هي حقيقة قائمة وتؤكدها أرقام أعداد الإصابات المسجلة يوميا.
في فترة من الفترات انخفضت أعداد الإصابات لدينا إلى أدنى مستوى لها، إذ لم تتجاوز أعداد أصابع اليدين، ثم جاءت فترة الذروة حين تجاوزت أعداد الإصابات اليومية الثلاثة آلاف إصابة، وهي بالمناسبة أرقام قياسية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، إلى أن عادت تراوح مكانها ما بين الثلاثمائة والأربعمائة إصابة يومية، وهي أرقام تبقى مرتفعة، وتؤكد في نفس الوقت أن خطر الفيروس ما زال قائما، بل ويمكن أن تتسارع عملية انتشاره، خاصة وأن البحرين من بين الدول التي رفعت جميع القيود المفروضة من قبل وباتت الكرة في ملعبنا، كمواطنين ومقيمين.
الفريق الوطني الطبي للتصدي للفيروس لم يلق بالكرة في ملعبنا إلا في إطار القيام بواجبه الذي أخذه على عاتقه منذ الظهور الأول لهذا الفيروس الخطير، فجهود الفريق لا تحتاج شهادة، وإنما يؤكدها الواقع والنتائج الإيجابية الكبيرة التي حققها، ألقى الفريق بالكرة في ملعبنا كي نكون شركاء حقيقيين في هذه المهمة الوطنية، فتحرير الأفراد من الالتزامات التي فرضت منذ تفشي الفيروس وتعدد حالات الإصابات والوفيات، لا يعني بأي حال من الأحوال تخلينا كأفراد عن الواجب الوطني الذي يقع على عواتقنا جميعا، مواطنين ومقيمين على حد سواء.
المهمة التي يجب علينا القيام بها تتلخص أولا وأخيرا في أهمية الحفاظ على الالتزامات التي كانت مفروضة من قبل، أي مواصلة أخذ الحيطة والحذر والتقليل قدر الإمكان من التجمعات المفتوحة، وإحياء المناسبات يجب أن يكون وفق الضوابط التي تساعدنا على التقليل والحد من ارتفاع أعداد الإصابات، خاصة، وكما أسلفنا القول، أن الفيروس لا يزال يجوب البلدان وينتشر هنا وهناك، وأن الإصابات به لم تتوقف ولم تنته في أي دولة من دول العالم، وبالتالي علينا جمعيا واجب عدم التوقف عن الالتزام الفردي بالإجراءات الاحترازية حتى الزوال التام لهذه الجائحة.
إقرأ أيضا لـ"عبدالله الأيوبي"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك