خاطرة

عبدالرحمن فلاح
شهر الانتصارات!
من سمات شهر رمضان المبارك أنه شهر المواجهة بين الحق والباطل في ميادين القتال بين المسلمين وأعدائهم القريبين من أهل الردة الذين حاولوا نقض العهود والمواثيق التي أعطوها لرسول الله (صلى الله عليه وسلم)عند وفاته صلى الله عليه وسلم حيث ارتدت بعض القبائل، فكان لزامًا على خليفة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أبو بكر الصِدِّيق (رضي الله عنه)، أن يردهم إلى الإسلام..هذا عن الأعداء القريبين أما الأعداء البعيدون فهم دولة الفرس ودولة الروم ومن شايعهم من القبائل العربية. ولقد تميز شهر رمضان الكريم بكثرة الانتصارات للمسلمين على أعدائهم، وكانت أول مواجهة بين أنصار الحق وأنصار الباطل حدثت فيه هي غزوة بدر الكبرى بين القلة المؤمنة التي لم يتجاوز المسلمون فيها الثلاث مائة إلا بقليل، ولقد نصرهم الله تعالى، فانتصرت الفئة القليلة المؤمنة على الكثرة الكافرة، قال تعالى: { ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة فاتقوا الله لعلكم تشكرون} آل عمران/123.
إن من أسباب دوام النصر للأمة المداومة على الطاعات، والحذر من المعاصي، وأن يبيع المؤمن نفسه لله تعالى، وأن يحب الموت في سبيل الله كما يحب الأعداء الحياة، كما قال القائد المظفر خالد بن الوليد (رضي الله عنه) لقائد الروم : جئتك بقوم يحبون الموت كما تحبون الحياة، وهذه نوعية من الجندية لم تتوفر في أية أمة ولن تتوفر إلا في أمة الإسلام التي تؤمن بأن أقصر الطرق إلى الجنة الموت في سبيل الله تعالى.
وفِي رمضان كان الفتح الأعظم، فتح مكة الذي حدث في السنة الثامنة للهجرة، والتي عادت مكة به إلى حضن الإسلام، وبهذا الفتح صارت الجزيرة العربية كلها مسلمة.
إن قمة النصر في الإسلام هو الشهادة التي ينتصر فيها المسلم على نفسه الأمّارة بالسوء، وعلى شيطانه الذي يوسوس له بالحرص على الدنيا والتمسك بها، وخير الأوقات لملاقاة الأعداء حين يكون المسلم زاهدًا في ملذات الحياة لأن من انتصر على نفسه وشيطانه من اليسير عليه أن ينتصر على أعدائه في ميادين القتال، لهذا سمي جهاد النفس والهوى والشيطان جهادا أكبر!.
بعد فتح مكة في السنة الثامنة للهجرة صارت مكة أرض إسلام، وتفرغ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لإقامة دولة الإسلام، ووضع صحيفة المدينة التي كانت بمثابة أول دستور للدولة الإسلامية، والتي أسس فيها العلاقات بين المسلمين وغيرهم من أهل الديانات الأخرى، وحتى من ليسوا من أهل الديانات السماوية قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عنهم : سنوا فيهم سنة أهل الكتاب، ولقد تم ذلك عن طريق المواطنة التي تضمن للجميع ما لهم من حقوق وما عليهم من واجبات.
هذا هو شهر رمضان، وما فيه من أحداث وانتصارات، وما أحوج المسلمين اليوم إلى نفحات هذا الشهر العظيم، وما فيه من حكم ومواعظ تعود به الأمة الإسلامية إلى سابق مجدها، وريادتها للأمم، وهي جديرة بهذه الريادة لأنها تدين بالدين الكامل، وصاحبة المعجزة الخالدة، والكتاب الذي : {لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد} فصلت/42.
إقرأ أيضا لـ"عبدالرحمن فلاح"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك