يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره
البيان المصري التاريخي
قبل أيام صدر قرار عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بتعليق عضوية روسيا في مجلس حقوق الانسان. القرار صدر بصعوبة شديدة وبأغلبية ضئيلة رغم كل الضغوط التي مارستها أمريكا على الدول الأعضاء، فقد ايده 93 دولة ورفضه او امتنع عن التصويت عليه 82 دولة.
مصر والبحرين واغلب الدول العربية امتنعت عن التصويت على القرار.
الأمر المهم ان مصر حرصت على ان تصدر بيانا تفصيليا تحدد فيه موقفها والذي يتلخص في انه لم تكن هناك وجاهة لطرح مشروع القرار اصلا، وفي التحذير من تأثيراته السلبية.
البيان المصري كان واضحا وحاسما في تحديد أسباب الانتقادات الحادة لمشروع القرار، والتي تمثلت في الجوانب التالية:
أولا: ان مشروع القرار لا يعتبر متصلا بأزمة أوكرانيا، أو مبدأ عدم جواز اللجوء إلى القوة المسلحة أو المساس بسيادة الدول، وإنما مرتبط بالتوجه نحو تسييس أجهزة الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة. وهذا توجه مرفوض مبدئيا اذ ينطوي على إهدار للغرض الذي أنشئت من أجله المنظمة ووكالاتها وأجهزتها، وما يقود إليه ذلك من دحض لمصداقيتها وللعمل الدولي متعدد الأطراف.
ثانيا: ان طرح مشروع القرار يمثل منعطفاً خطيراً في مسار منظمة الأمم المتحدة على مدى عمرها، فهو يعد إهدارا لآليات المنظمة التي طالما كانت محل ثقة أعضاء المجتمع الدولي، ومؤشرا ينذر ببدء اهتزاز مصداقية الأمم المتحدة، وآلياتها، وهو الأمر الذي سيكون له تداعيات بالغة الأثر السلبي على قدرتها على الاضطلاع بمسئولياتها، وفقاً لميثاقها، وما استقر من عمل بشأنه على مدى خمسة وسبعين عاماً.
ثالثا: انتقد البيان المصري بصراحة استمرار المعايير المزدوجة والكيل بأكثر من مكيال، وتساءل: «كم من المرات تم الاكتفاء بقرارات أقل حسما وأكثر تساهلا إزاء انتهاكات لحقوق الإنسان واضحة في ماض ليس بالبعيد».
رابعا: مع الرفض الكامل في ذات الوقت لأي انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان وخرق التزامات الدول القانونية في هذا الصدد، يجب مواجهة مثل هذه الخروقات وفقاً للآليات الأممية، التي تكفل التصدي لتلك الأعمال المشينة واتخاذ القرار الملائم لمواجهتها.
كما نرى البيان المصري يعتبر ان القرار مسيس وتسييس للأمم المتحدة، ويدمر مصداقيتها، ويجسد معايير مزدوجة بشكل سافر في التعامل مع قضايا حقوق الانسان وسيادة الدول.
هذا بيان تاريخي. لماذا؟ لأنه عبر عن موقف حق وعن جوهر إرادة المجتمع الدولي في لحظة تاريخية فارقة يمر بها العالم.
الحادث اليوم ان أمريكا والغرب عموما فضحتهم ازمة أوكرانيا، ويشعرون ان نفوذهم العالمي ينهار ويتهاوى وسيطرتهم على مقدرات العالم في سبيلها للانتهاء.
وفي سبيل الدفاع عن هيمنته ومحاولة مقاومة حركة التاريخ، يسعى الغرب وبشكل جنوني الى تجنيد كل المنظمات والمؤسسات الدولية في كل مجال من اجل خدمة مصالحه ومشروعه. يفعل هذا مع منظمات الأمم المتحدة ومع المحكمة الجنائية الدولية والبنك الدولي... الخ الخ.
الغرب هذه الأيام يستخدم كل هذه المنظمات والمؤسسات ليس من اجل أوكرانيا وليس من اجل حقوق الانسان او سيادة الدول، وانما كأدوات في معركته للنيل من روسيا ومحاولة الحيلولة دون صعودها كقوة عالمية تنافس أمريكا والغرب وهيمنته، ومن اجل الدفاع عن بقائه مسيطرا على مقدرات العالم.
الغرب وهو يفعل هذا يدمر مصداقية الأمم المتحدة وكل المنظمات والمؤسسات الدولية ويعرض كل دول العالم وقضاياها العادلة للخطر.
هذه المنظمات والمؤسسات الدولية ليست ملكا لأمريكا ولا للغرب، وانما كافح العالم كله من اجل قيامها طويلا، وهي ملك للمجتمع الدولي بأسره.
لهذا كل دول العالم يجب ان تتصدى لما يحدث. يجب ان ترفض هذه السياسات الغربية المدمرة للمجتمع الدولي وان ترفع صوتها بذلك.
في هذا الإطار قلت ان البيان المصري يعتبر تاريخيا اذ يسجل موقفا للتاريخ في لحظة فارقة يجب ان تتحدد فيها المواقف.
وبالمناسبة، الموقف الخليجي العربي من ازمة اوكرانيا الرافض للخضوع للضغوط والاملاءات الغربية يندرج في نفس هذا الإطار أيضا.
اليوم كل دول العالم يجب ان تهب دفاعا عن الإرادة الدولية الحقيقية التي يسعى الغرب وبشكل جنوني لاغتصابها وتسخيرها لحساب مصالحه الامبريالية.
إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك