أجرت اللقاء: نعيمة السماك
فجأة ستكتشف أنك فنان. وأن جذوة الفن كانت كامنة فيك كل تلك السنين لكنك لم تكتشفها إلا الآن. عندما سخر الله لك كل الظروف المواتية لتنبثق تلك الموهبة الكامنة داخلك لترى النور ويراها الجميع.
كيف يمكنك أن تحول أشياء اعتدت دائما أن تراها هي على مرمى بصرك وفي متناول يدك ولن تضطر إلى البحث عنها طويلا ويمكنك ببساطة تحويلها إلى عمل فني.
هذا ما شعرت به وأحسسته وأنا أتحدث إلى السيدة ليلى البسام، في معرضها الأول، فن الكولاج. الذي أقامته مؤخرا بقاعة عزيزة البسام بجمعية نهضة فتاة البحرين*. بالمنامة
أصغيت إليها طويلا وهي تحدثني عن فكرة إقامة هذا المعرض. كيف استطاعت أن تبدع كل تلك الأعمال الفنية التي مازجت فيها ما بين الحداثة والتراث، لتنطق لنا بالسحر والجمال.
محدثتي تقول: «في فترة ما من حياتي أصبت بوعكة صحية وكنت أمر بفترة علاج. حينها كان الوقت رمضان. فكنت أذهب لتلقي العلاج نهارا ومساء أبقى في البيت فلست من محبي الخروج والسهر خلال شهر رمضان. هنا توفر لدي وقت طويل ومناسب لشغله بأعمال لطالما انتظرت طويلا. هذا الوقت أعطاني الفرصة لإعادة الاكتشاف بدأت أجرد كل ما لدي من تحف أو أعمال فنية، كنت أجلب أغلبه خلال سفراتي، والآن في ظل الجائحة حين توقف السفر نسبيا. اكتشفت أن لدي العديد من الأعمال، التي هي بقدر ما هي جميلة ورائعة إلا أنها مركونة، فما قيمتها إن تبقى لدي مركونة ومكدسة، ومهملة؟
ولدي العديد الذي استخدمتها وعلقتها في منزلي. وبقي أيضا لدى المزيد، بدأت أنشر تلك الأعمال في حساب انستغرام، ولكن بعد فترة أحسست أن النشر في الإنستغرام ليس كافيا ولا يرضي شغفي. من هنا انبثقت فكرة إقامة معرض. ومن هنا بدأت العمل على إعادة صياغة تلك التحف والصور في إطار جديد.
هنا بدأت أجمع وأفرز وأنسق. وهنا تكونت لدي المزيد من الأفكار لتكوين لوحات جديدة. فبدأت أخرج خلال الجائحة ولكن بحذر، فأخرج لشراء البراويز، ومن ثم بروزتها. وهكذا بدأ العمل على المعرض تدريجيا.
استغرق مني العمل على هذا المعرض سنتين ونصف السنة، إلى أن أصبح تقريبا جاهزا. حينها طلبت من إدارة جمعية النهضة، أن أقيم لديهم المعرض.
اخترت صالة جمعية النهضة تحديدا من دون غيرها. أولا لكوني عضوة بالجمعية، وعضوة قديمة إذ مضى على عضويتي بالجمعية قرابة 46 سنة، فقد كنت عضوة منذ أن كنت طالبة. كنت أنظر أيضا عندما يأتي الناس لمشاهدة المعرض في الجمعية فهذا في حد ذاته تعريف بالجمعية وتعريف بجهود النساء العاملات في الجمعيات النسائية عموما.
وجدير بالذكر أن جمعية النهضة هي جمعية عريقة وهي أول جمعية بالخليج العربي إذ تأسست سنة 1955. وأيضا أحببت أن أسهم بشي لهذه الجمعية إذ خصصت جزءا من ريع المعرض، لصالح دعم مشاريع الجمعية، ودعم لمركز عائشة يتيم التابع للجمعية، والذي يقدم كل خدماته للمرأة بشكل مجاني. فحين تستثمر موهبتك في مساعدة الآخرين أو تقديم الخير والنفع للصالح العام، هذا شيء يشعرني بالسعادة الحقيقية.
وكان لي سؤال أخير: ما هو شعورك وأنت تشاهدين اللوحات الحية وتلمسين إعجاب الزوار بها؟ كان المعرض مجرد فكرة وأنت تشاهدين اللوحات المتراكمة عندك بالمنزل والآن أصبح حقيقة ماثلة أمام عينيك.
تجيب: إعجاب الزوار باللوحات، واقتناؤهم لها شجعني كثيرا، وزاد وعزز ثقتي بنفسي.، بالرغم أنني أعتبر هذه الأعمال هي مجرد خربشات أولية. سعادتي الحقيقية تكمن في أنني استطعت استثمار كل تلك اللوحات، من خلال العرض، وأنها درت دخلا للجمعية ولي أيضا. المعرض بمجرد وجوده في جمعية نسائية، يقدم صورة حقيقية للمجتمع عن دور الجمعيات الحقيقي في تنمية المجتمع تنمية حقيقية. وأن الفرد دائما قادر على تقديم ما يعود بالنفع على نفسه وعلى الآخرين.
أتمنى أن أستطيع تقديم معارض أخرى على مستوى أعمق وأكبر. كل الشكر والتقدير للفنانة والإنسانة ليلى البسام التي استمتعت بالحديث إليها حيث كانت هي أيضا جزء من اللوحة أو جزء من المعرض بحديثها الشيق. استثمرت ليلى فترة مرضها ونقاهتها، وفترة الجائحة لتقدم للمجتمع معرضا فنيا رائعا. فتحية لها وبانتظار معارض فنية أخرى في المستقبل القريب.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك