يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره
بيوتكم من زجاج
تحدثت امس عن بعض من صور التمييز العنصري السافر ضد المسلمين في فرنسا والجرائم التي ترتكب بحقهم واوضاعهم المأساوية بشكل عام كما عرضها تقرير عنوانه: «مسلمو فرنسا في خطر».
بالمصادفة في نفس وقت نشر التقرير صدر تقرير دولي آخر يتناول نفس القضية بالإضافة الى قضايا أخرى تتعلق بالحريات وحقوق الانسان ويوجه انتقادات حادة جدا الى فرنسا.
التقرير هو تقرير منظمة العفو الدولية لعام 2021. تقرير المنظمة اعتبر ان فرنسا «بعيدة جداً عن النموذجية التي يمكن توقعها منها فيما يتعلق باحترام الحريات العامة وحقوق الإنسان».
أي ان التقرير يقول صراحة ان فرنسا التي تدعي انها بلد الحريات والمساواة واحترام حقوق الانسان وتزعم انها رائدة في هذا المجال، هي ابعد ما يكون عن ذلك وليست نموذجا في هذا الخصوص.
ما الذي دعا منظمة العفو الدولية الى اصدار هذا الحكم؟
التقرير عرض لسياسات وقضايا كثيرة دفعت للوصول الى هذه النتيجة الصادمة في انتقاد فرنسا، في مقدمتها ما يلي:
1 – سياسات فرنسا العنصرية التمييزية في استقبال المهاجرين بحسب جنسياتهم.
نعلم ان ازمة أوكرانيا فضحت عنصرية الغرب كله في هذا المجال وكشفت زيف ادعاءاته، وسبق وكتبنا عن ذلك تفصيلا.
لكن فيما يتعلق بفرنسا تحديدا وبخصوص سياسات استقبال المهاجرين, قالت مديرة العمليات في منظمة العفو الدولية في فرنسا ناتالي جودار تعليقا على استقبال الأوكرانيين أنّ «ما رأيناه في الأسابيع الأخيرة يتناقض بشدة مع الطريقة تحدّثت بها السلطات العامة العام الماضي عن استقبال الأفغان الفارين من بلادهم بعد سيطرة طالبان على السلطة». وأضافت ان ّ الحماية المؤقتة التي منحتها دول الاتحاد الأوروبي للاجئين القادمين من أوكرانيا، «طُلبت أيضاً للأفغان، ولكن دون جدوى الأمر الذي يوضح المعايير المزدوجة المُستنكرة بشدّة حاليا».
2 – ادان تقرير منظمة العفو الدولية «المعاملة المهينة» التي يعاني منها المهاجرون في فرنسا ولا سيما في كاليه، وهي مدينة في شمال فرنسا يحاول منها المهاجرون الوصول إلى المملكة المتحدة. وذكر ان الشرطة والسلطات المحلية حرمتهم من إمكانية الوصول إلى المساعدات الإنسانية، وتُعرِّضهم للمضايقات.
3 - اعتبرت منظمة العفو الدولية في تقريرها أنّ فرنسا «واحدة» من 67 دولة في العالم «اعتمدت في عام 2021 قوانين تقيّد حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع».
وعرض التقرير لبعض هذه القوانين ومنها مثلا ما يسمى بقانون «الانفصالية» الصادر في 24 أغسطس والذي «يهدد بفتح الطريق أمام ممارسات تمييزية تحت ستار محاربة الإسلام الراديكالي».
كما نرى، الصورة في فرنسا قاتمة للغاية من حيث استفحال العنصرية والتنكيل بالحريات وحقوق الانسان. العنصرية والتنكيل بالحريات مزدوجة هنا، فهي تمارس ضد قطاع كبير من المواطنين الفرنسيين انفسهم وهم المسلمون، وتمارس ضد أبناء الشعوب الأخرى غير الغربية وغير البيضاء.
علينا ان نلاحظ ان كل هذا ليس جديدا، وان كان الوضع قد تفاقم بشكل سافر مؤخرا مع ازمة أوكرانيا ومع صعود القوى اليمنية المتطرفة العنصرية في فرنسا.
وعلينا ان نلاحظ أيضا ان الأمر لا يتعلق بفرنسا وحدها، وانما يتعلق بكل الدول الأوروبية. كلها غارقة في هذه العنصرية والتمييز والتنكيل بالحريات.
نثير هذه القضية ليس فقط لأنها تخص مواطنين يعنينا امرهم هم المسلمون، ولكن أيضا لسبب آخر.
نعلم ان أمريكا والدول الأوروبية كلها لا تكف عن توجيه الانتقادات لدولنا العربية وتتهمنا بتقييد الحريات وعدم الديمقراطية وعدم احترام حقوق الانسان وتعطي لنفسها الحق في التدخل في شئوننا الداخلية تحت هذه الذريعة.
اليوم وبعد ان انفضح امرهم على هذا النحو الذي يتحدث عنه العالم كله، آن الأوان لأن يصمتوا. آن الأوان لأن يتوقفوا عن اعطائنا دروسا عن الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان. هم اولى بتلقي هذه الدروس.
آن الأوان لأن تدرك الدول الغربية ان بيوتها هي بيوت من زجاج، وان تتوقف عن قذف الدول والشعوب الأخرى بالحجارة.
إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك