يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره
المنطق البائس المدمر
الذي يتابع مواقف وسياسات أمريكا النظرية والعملية تجاه الدول العربية عبر السنين الطويلة الماضية، وتحديدا منذ عهد إدارة أوباما، يعرف أن وراءها منطقا أمريكيا محددا وواضحا يعتقدون أنه يبرر تماما ما يفعلون، لكنه في حقيقة الأمر منطق بائس ومدمر.
لنتأمل ما يلي:
حين أقدم الرئيس الأمريكي أوباما على توقيع الاتفاق النووي مع إيران بأبعاده الكارثية التي باتت معروفة، كان المنطق الذي برر به ما فعل هو القول بأن الاتفاق سوف يشجع الاعتدال والقوى المعتدلة في إيران وأنه سوف يقود إلى أمن واستقرار المنطقة.
بالطبع، كان أوباما أول من يعلم أن هذا منطق مضلل كاذب بائس يخفي به حقيقة نواياه. كان يعلم أنه حين يتعلق الأمر بسياسة إيران التوسعية الإرهابية في المنطقة لا وجود لمعسكر اعتدال أصلا، وكان يعلم أن الاتفاق سيطلق الإرهاب الإيراني من عقاله وسيسهم في تقويض أمن واستقرار الدول العربية. وكان هذا هو ما يريده بالضبط بدافع كراهيته العنصرية للعرب والدول العربية وإعجابه بإيران.
وحين تآمرت إدارة أوباما في عام 2011 مع الإخوان المسلمين والقوى الطائفية في الدول العربية وسعت لإسقاط نظم الحكم وإغراق الدول العربية في الفوضى، كان المنطق الذي بررت به ما فعلت هو أن هذا يحقق الحرية والديمقراطية التي تطالب بها الشعوب العربية.
وطبعا كان هذا منطقا بائسا كاذبا مضللا يخفي حقيقة أجندة إدارة أوباما بتمزيق الدول العربية وإغراقها في الفوضى وتسليم مقادير الحكم فيها إلى قوى متخلفة لا علاقة لها بديمقراطية أو حرية.
نعلم أن هذا المنطق نفسه استخدمته أمريكا لتبرير غزو واحتلال العراق قبل ذلك، ثم انتهى الأمر بتدمير البلاد وتشريد الشعب والغرق في مستنقع الطائفية حتى اليوم.
وإدارة بايدن حين تريد تبرير سعيها المحموم لتوقيع اتفاق نووي جديد مع إيران تزعم أن هدفها منع إيران من امتلاك سلاح نووي. وهذا ادعاء كاذب يخفي الأهداف الحقيقية.
الاتفاق الجديد مع إيران تحول كبير جدا في استراتيجية أمريكا تجاه المنطقة يقوم على السعي لتمكين إيران في المنطقة وإطلاق يدها لتصعيد سياساتها الإرهابية الرامية إلى إعطاء زخم جديد لمشروعها الطائفي التوسعي. والاتفاق يجسد موقف إدارة بايدن بالتخلي عن الدول العربية الحليفة وتعريض أمنها واستقرارها للخطر. وفي هذا السياق لا تجد إدارة بايدن بأسا مثلا في رفع الحرس الثوري الإيراني من قائمة الإرهاب.
كما نرى، المنطق الأمريكي هو في كل الأحوال بائس ومدمر.
هو منطق بائس؛ لأنه متهافت إلى أقصى حد، ولا يمكن أن يخفي الحقيقة ولا يمكن أن ينطلي على أحد أو يقنع أحدا.
وهو منطق مدمر؛ لأنه برر سياسات ومواقف كانت نتيجتها المباشرة الدمار والخراب للدول العربية، كما نرى في كل مكان، ولأن استمرار التذرع به للمضي قدما في هذه السياسات سيعني مزيدا من الخراب والدمار.
من سوء حظ أمريكا وحسن حظ الدول العربية أن هذا المنطق سقط وتهاوى ليس في دولنا العربية فقط، ولكن في العالم كله.
يكفي مثلا أن تبرير أي سياسة تتخذها أمريكا بالحرص على نشر الديمقراطية أو الدفاع عن حقوق الإنسان أصبح موضع سخرية في العالم.
ويكفي مثلا أن التواطؤ الفعلي مع إيران لم يعد من الممكن إخفاؤه تحت أي ذريعة، وأصبح المحللون الأمريكيون أنفسهم يتحدثون عنه وعن مخاطره صراحة.
ويكفي مثلا أن القول بأن أمريكا حريصة على دعم حلفائها والوقوف بجانبهم لم تعد له أي مصداقية.
ومع ذلك يبقى من المهم دوما الوعي بحقيقة النوايا الأمريكية وتفنيد هذا المنطق، فأمريكا قوة عظمى مازال لها تأثيرها الكبير في المنطقة، والطريق مازال طويلا أمام الدول العربية لصياغة استراتيجيات وسياسات مستقلة بمعنى الكلمة.
إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك