أجرت الحوار - زينب إسماعيل
تصوير - روي ماثيوس
تمتهن الإسقاط.. اللوحة بالنسبة إليها إسقاطات الروح العفوية لاستخلاص المعنى. المعنى الأكثر فلسفية وتغلغلا بارتباطات وخلجات الروح. إنها شريفة يتيم التي دخلت عالم الفن التشكيلي من أوسع أبوابه بفلسفة متعمقة فيه بدءا من التجريد وليس انتهاء عنده.
تقول الفنانة التشكيلية، شريفة يتيم: «اللوحة غير مخطط لها، هي العفوية اللونية وإسقاطاتها التلقائية التي تصدر من الانفعال وطاقة الفنان. تتشكل تلك الانفعالات على هيئة لوحة، يتم تحويل مسار موضوعها فيما بعد، لتتحول إلى معنى أكثر عمقا وترابطا». وتضيف الفنانة «خلال المراحل المبكرة لتجربة كل فنان. الفنان نفسه هو من يتحكم في الفرشاة، ولكن في المراحل اللاحقة من التجربة الفرشاة من تتحكم فيه، فينتقل إلى إسقاط اللا مرئي على اللوحة ليتحول إلى مرحلة المرئي، الوضوح».
وتعد شريفة يتيم «كل لوحة لفنان مبدع هو ما تأثر به من أدب أو شعر أو فن أو أي مجال إبداعي، وهي أيضا كل ما يدور في كيان وخلجات الإنسان». تتأتى تلك العفوية التي تؤمن بها شريفة يتيم في لوحاتها التشكيلية من بعد دراستها لعلم النفس قبل سنوات، وهو ما يجعلها تتجه إلى فكرة أن نفسية الفنان ترتبط مباشرةً ومن دون شعور منه بموضوع اللوحة، فكان لابد أن يأتي الموضوع على هيئة وحي.
ولع التجريد
لوحات شريفة يتيم مليئة بالألوان، ألوان التجريدية والسريالية، المدرستين الفنيتين اللتين تتجه لهما الفنانة، هي رغبة في الدخول إلى المعنى بأسلوب فلسفي معمق. ففي كلاهما، تستحضر يتيم اللون بحدته المطلقة لتبرز المعنى المشترك مع الرمزيات المتناثرة هنا أو هناك. الرمزيات تلك هي تخفيف عن التجريدية، المدرسة الفنية الأكثر قربا للفنانة، ولكنها لمعناها المبهم، الغامض تتجه إلى السريالية برموزها الأقل وضوحا. وتبرر الفنانة عدم الاتجاه إلى التجريدية المحضة على اعتبار أن لوحة المدرسة تلك تحتاج من المتلقي إلى الوقوف مطولا أمامها أو البحث عن معاني وفلسفة التجريد، فهو موضوع فلسفي متشعب بلا انتهاء يميل إلى إفراغ الأشياء من تفاصيلها، على عكس مدارس الفن الأخرى التي تعتمد على إحساس الفنان وإسقاطاته الروحية.
تذهب شريفة يتيم أكثر في التجريد وتبين: «لا فنان يبدأ بالتجريد، كل الفنانين ينتمون في المراحل المبكرة من تجاربهم إلى المدرستين الانطباعية والكلاسيكية، ومع الوقت ينتقلون إلى المدارس الفنية الأخرى بحسب رغباتهم أو اتجاهاتهم أو فلسفاتهم». ولأن المدرسة التجريدية ترتكز في فلسفتها على إسقاطات الروح، فكان لابد من أن تنتمي شريفة يتيم إلى موضوع ما مرتبط أيضا بالروح، لتختار الصوفية طريقا للتعبير عن ذلك الإسقاط من خلال مجموعة من اللوحات والمعارض، كلوحة الأندلس وبكاء أبوعبدالله الصغير ومدن الذاكرة ومن ضمنها لوحة رحلة بالدسار.
تنتقل شريفة يتيم إلى التعمق في الصوفية أكثر من خلال إبراز الطرق الصوفية التي تحمل في معانيها المختلفة فكرة أن الدوران حول النفس، الدوران حول الأرض، دوران الحياة وكل ما هو فيها. وتخوض أكثر في رمزية اللباس الصوفية بمعانيه القبر، الجسد، الروح. جدير بالذكر أن شريفة يتيم هي فنانة بحرينية انخرطت في مجال الفن في مراحل مبكرة ودرست تخصصه أكاديميا لتنضم إلى عالم التدريس الذي تركته مبكرا، ومن ثم تتجه إلى دراسة الفن والتعمق فيه على يد الفنان السوري الكردي عنايت عطَار المقيم في فرنسا. تعلقت بلوحاته السريالية العميقة، وتأثرت بها، وهو ما انعكس على لوحاتها السريالية والتجريدية.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك