يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره
كيف وصلنا إلى هنا؟
ذكرت أمس تعليقا على الجدل الدائر حول الأزمة في العلاقات بين أمريكا والسعودية والإمارات وسعي الإدارة الأمريكية لمعالجتها، إنه إذا كانت الإدارة الأمريكية جادة حقا في أن تتجاوز الأزمة، فلا بد أن تطرح بداية التساؤل: كيف وصلنا إلى هنا؟.. ما الأسباب التي أوصلت العلاقات إلى هذا الحد؟.. من المسؤول؟
القضية فصولها معروفة للكل. الأزمة بدأت في عهد إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق أوباما. أوباما انقلب على علاقات التحالف مع دول الخليج العربية ووقع الاتفاق النووي مع إيران وأطلق عهدا جديدا من الإرهاب الإيراني في المنطقة من دون أن يأخذ في الاعتبار كل ما يتعلق بمصالح وأمن واستقرار دولنا.
ترافق مع هذا خطاب سياسي تبناه أوباما علنا انطوى على عداء وكراهية للدول والشعوب الخليجية العربية.
وفي عهد أوباما أيضا، شهدت العلاقات الخليجية الأمريكية والعربية الأمريكية عموما أزمة طاحنة وشرخا عميقا بما فعلته الإدارة الأمريكية حين تآمرت لإسقاط نظم حكم عربية وتقويض أمن واستقرار دول أخرى في عام 2011.
فالنتيجة النهائية أظهرت أمريكا في عهد أوباما أنها ليست معنية كثيرا في الواقع العملي بعلاقات التحالف الطويلة التي تربطها بدول الخليج العربية وما يترتب على هذا التحالف من التزامات.
وعندما تولى بايدن الحكم، أعاد نفس الخطاب العدائي لدول الخليج العربية، وخصوصا السعودية التي تحدث عنها وعن قادتها بشكل غاية في الاستفزاز. كما كان الحال مع أوباما أظهر بايدن عدم اكتراث بالعلاقات ولا بمصالح دول الخليج العربية وأمنها واستقرارها.
الكارثة أن مواقف بايدن هذه تمت ترجمتها إلى سياسات وخطوات عملية أقدمت عليها إدارته وتستهدف دول الخليج العربية.
قامت إدارة بايدن برفع الحوثيين من قائمة الإرهاب في واحدة من أكبر الخطوات العدائية. أطلق بايدن يد الحوثيين الذين فهموا قراره على أنه ضوء أمريكي أخضر لتصعيد عملياتهم الإرهابية في اليمن وضد السعودية والإمارات.
وقامت إدارة بايدن بسحب بطاريات باتريوت من السعودية، وعرقلت صفقات سلاح للإمارات، في إشارة واضحة إلى أنها غير مكترثة بقدرات السعودية والإمارت الدفاعية ولا بما تتعرض له من اعتداءات تستوجب زيادة هذه القدرات لا إضعافها.
وحين شن الحوثيون اعتداءهم الإرهابي على الإمارات، أظهرت إدارة بايدن في رد فعلها موقفا اعتبره كثير من المراقبين أنه موقف متراخ ولا يرتقي أبدا إلى مستوى هذا العدوان.
والكارثة الكبرى وهي تهافت بايدن على التوصل إلى اتفاق مع إيران بأي شكل وبأي ثمن، متعمدا تهميش دول الخليج العربية وتجاهل مخاوفها ومطالبها، وهو الاتفاق الذي سيطلق موجة جديدة كبرى من الإرهاب الإيراني ضد الدول العربية ومن سعيها للهيمنة في المنطقة.
هذه إذن وبأشد ما يكون الاختصار، هي خلفيات الأزمة في العلاقات بين أمريكا والسعودية والإمارات ودول الخليج العربية عموما وتطوراتها وأسبابها ومن المسؤول عنها.
المهم أنه في المحصلة النهائية، أن هذه المواقف والتطورات خلقت حالة من عدم الثقة من جانب دول الخليج العربية في أمريكا، وكرست قناعة عامة بأنه لم يعد من الممكن الرهان عليها في أي شيء يتعلق بمصالح دول المنطقة وأمنها واستقرارها ومواجهة الأخطار والتحديات.
أصبح من الصعب جدا مطالبة دول الخليج العربية بأن تظل تتعامل مع أمريكا على أنها حليف استراتيجي موثوق.
اليوم تسعى إدارة بايدن إلى إعطاء الانطباع بأنها أصبحت حريصة على تجاوز الأزمة وعلى تعزيز العلاقات مع السعودية والإمارات. حقيقة الأمر، وعلى عكس ما يتصور المسؤولون الأمريكيون، فإن هذا الإلحاح يعزز من عدم الثقة في أمريكا؛ لأنه يأتي بحكم الضرورة فقط وعندما أصبحت إدارة بايدن في حاجة إلى الحصول على دعم سعودي إماراتي في أزمة أوكرانيا.
يبقى السؤال: بعد كل ما جرى، هل هناك أي إمكانية لتجاوز الأزمة؟
إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك