(1)
يبدو أن الجائحة المزعجة والمأساوية في حالات كثيرة تركت بعض التبعات الإيجابية التي تمثلت في محاولات المقاومة من قبل المبدعين في شتى أشكال الإبداع وعدم الاستسلام لهذا الفيروس الخبيث والمتحور بالبحث عن وسائل بديلة لتوصيل أصواتهم وإبداعاتهم إلى الخارج. تمثلت هذه المقاومة في إنشاء العديد من المواقع الثقافية عبر الواتس اب أو الفيس بوك أو الانستجرام أو ربما قنوات تواصل اجتماعي أخرى في شتى أنحاء الوطن العربي. وعلى هذا الصعيد لم تتوقف أسرة الأدباء في البحرين - بيتنا الدافئ الكبير - عن تنظيم فعالياتها افتراضيًا في أشد فترات الجائحة فتكًا، وربما تجاوز عدد فعالياتها فترة ما قبل الكورونا.
وفي نفس الوقت نشط «مختبر سرديات» الذي يقوده الصديق الدكتور فهد حسين ومنتدى القصة القصيرة الذي يشرف عليه الصديق الأديب محمد أبو حسن و«منتدى البحرين الإبداعي» الذي أشرف عليه شخصيًا بتعاون وثيق مع الأديبة منار السماك وغيرها من المنتديات التي برزت وانتعشت في فترة هذه الأزمة. انها مقاومة الحرف الذي لا يوقفه شيء عن الانتشار والوصول إلى عشاقه. أجمل ما في هذه المنتديات الافتراضية أننا تعرفنا من خلالها على الكثير من الأدباء والكتّاب من مختلف أقطار الوطن العربي والأروع التعاون الوثيق بين بعض المنتديات العربية الأخرى. فعلى صعيد منتدى البحرين الإبداعي هناك تعاون بيننا وبين «ملتقى الحرف العربي» الذي تقوده الصديقة الشاعرة السعودية فايزة سعيد و«منتدى الغرفة 19» للصديقة الشاعرة والأديبة اللبنانية اخلاص فرنسيس، حيث نحاول ألا تتداخل أو تتعارض فعالياتنا، كنوع من الاحترام وأيضا لكسب حضور عدد أكبر من المهتمين بفعالياتنا.
الملفت للنظر مثلا أن معظم أعضاء منتدى البحرين هم أعضاء أيضًا في ملتقى الحرف العربي وهذا في رأيي ليس أمرًا سلبيًا البتة وأيضًا العديد من أعضاء منتدانا هم أعضاء أيضا في منتدى الدكتور شهاب غانم الأدبي في الإمارات العربية المتحدة الذي هو أول منتدى أدبي انضمُ اليه منذ سنوات. أنا اعتقد ان تعدد العضويات والمجموعات التي تعمل في اتجاه تحقيق هدف واحد هو تعزيز لحركة الثقافة والحرف المضيء. ومثل جميع الجمعيات العادية هناك نفس السلبية في المجموعات الافتراضية والتي تتمثل في أن نفرًا قليلًا هم الذين ينشطون ويبادرون وتتراوح مساهمات الأعضاء الآخرين التي تصل أحيانا إلى مجرد اسم في القائمة. هناك ظاهرة أخرى واعتبرها ميزة هي التنافس وراء استقطاب أفضل الأسماء في الخارطة الثقافية فضلا عن محاولة إصدار مجلات الكترونية ثقافية وبعضها تصدر كتبًا ورقية مثل منتدى الصديق الدكتور شهاب غانم الذي أصدر أكثر من عشرة كتب في شتى أنواع الثقافة والأدب. هذا التنافس أراه منافسة شريفة في خدمة الإبداع بشكل أفضل.
(2)
قبل عدة أيام توجهتُ إلى المكتبة العامة لإيداع خمس نسخ من روايتي الجديدة «حكاية حب في زمن الكورونا» حسب النظام المتبع. وكالعادة طلبوا مني تعبئة استمارة بتفاصيل منشوري وطبعًا كتابة سعر الكتاب. فلم أتردد في فعل ذلك على أمل أن تشتري الوزارة 40 نسخة منها كما كان يحدث سابقًا كدعم بسيط للكاتب البحريني. أخبروني أن هذا يعتمد على قرار لجنة تقييم الكتب بالشراء أم عدمه. وأود هنا أن أذكر أن المكتبة العامة لم تفكر في شراء كتبي منذ عام 2013، حيث أصدرتُ منذ ذلك الحين أربعة منشورات وبعضها من منشورات هيئة الثقافة، مما يعني أن لجنة التقييم لم توافق على شرائها لأسباب لا أدري كيف أفسرها وهي في عقول أعضاء اللجنة، ومما يعني أيضًا - وأرجو أن أكون مخطئًا - انها ربما هي غير معروضة في المكتبات العامة للاطلاع عليها من قبل القراء بسبب أن اللجنة المذكورة لم تجيزها. هل هذا ما يستحقه الكاتب البحريني والكِتَاب البحريني. هل قامت اللجنة مثًلًا بتقييم كل الكتب العربية الموجودة في المكتبة للتأكد بأن ما فيها لا يحتوي على ما تراه اللجنة من المحرمات (أشك في ذلك تمامًا) أم أن هذا ينطبق فقط على المبدع البحريني فقط، وبأن مغني الحي لا يطرب... ولا تعليق!!!!
Alqaed2@gmail.com
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك