لا شك أن الجميع قد سعد ببيان قمة العلا التي استضافتها المملكة العربية السعودية الشقيقة، وأمل خيرا عقب سماع أنباء المصالحة الخليجية في أطول قطيعة ربما منذ قعود بين دول مجلس التعاون الخليجي بعضها لبعض. الشعب الخليجي في دوله الست بطبعه شعب مسامح محب لا يهوى الشقاق والتنافر ولا يميل إلى المقاطعة والخصام، وينفر من البغض والكراهية بكل أصنافها، وقيادته الرشيدة منه ومثله لا يفرق بينهم فارق في الطباع الحميدة والخصال الحسنة.
وأعتقد أن القرار بخلاف تبعاته الاجتماعية المهمة للغاية وخاصة بين الشعبين الشقيقين البحريني والقطري اللذين تربطهما صلات عائلية وقرابة بين العديد من العوائل والأسر هنا وهناك، سيكون له تبعات اقتصادية وسياسية طيبة جدا لو سارت الأمور وفقا لمبادئ الأخوة وحسن الجوار والأخلاقيات العربية المعروفة والسنع الخليجي المحمود.
ولا شك أيضا أننا كلنا ثقة بقرارات قيادتنا الرشيدة، على رأسها جلالة الملك المفدى حفظه الله ورعاه، سواء في قرار المقاطعة لدولة قطر أو في قرار المصالحة، وهي من أمور السيادة الخالصة والقرار الوطني الرفيع المستوى الذي يعلم جميعنا كيف يتم اتخاذه بعد دراسة وبحث على أعلى المستويات.. وفي مثل هذه الظروف لا ينبغي لنا إلا التأييد والدعم والمساندة لقرار القيادة، وهذا ما وجدنا عليه الأغلبية الكاسحة من الشعب البحريني، وهذا عهدنا به.
ولكن تظل «الضمانات» التي تبقي «المصالحة الخليجية» قاعدة للبناء عليها «مهمة للغاية» من أجل ضمان استمرارية هذا الصلح في مساره السليم وعدم العودة إلى القطيعة والمقاطعة، وأعتقد أن جانبا كبيرا من هذه الضمانات يقع على عاتق «الأشقاء في قطر» بالحرص على الوحدة الخليجية والمصالح المشتركة وعدم التدخل في شؤون الغير وخاصة البحرين التي عانت كثيرا في السنين الأخيرة من أفعال قناة الجزيرة بكل ما تحمله برامجها من تحريض وتدخل سافر في الشأن البحريني لا ينم أبدا عن مبادئ الأخوة وحسن الجوار بين الشعبين.
المصالحة مهدت الطريق لتحقيق «انفراجة جزئية» يمكن أن يُبنى عليها إذا صدقت النوايا القطرية، وإذا تم تنفيذ مطالب مهمة للدول الثلاث، وفي التقدير أن القيادة السعودية رأت أن الانفتاح على قطر -وهو ما تحقق سريعا- يمكن أن يسهم فى تحقيق الوصول إلى تفاهمات أكبر خليجيا وعربيا، يكون قد تم التوافق مع الضغوط التى مُورست عليها وصياغة موقف خليجى متماسك يواجه التطورات القادمة في منطقة الخليج والتعامل مع الإدارة الأمريكية الجديدة التي لا تختلف مع جوهر الاستراتيجية الأمريكية السابقة في بعض الملفات.
نوجه الشكر إلى دولة الكويت الشقيقة التي أخذت على عاتقها جهود الوساطة مدعومة من سلطنة عمان، وعقدت لقاءات مكثفة بين كبار المسؤولين في البلدين وبين كل من أمير قطر والمسؤولين في السعودية بصفة خاصة.
هذه الوساطة نجحت في تحقيق خطوة انفتاح أولية يمكن أن ترتب نوعا من الثقة وتحسين العلاقات على أن تستثمر لاحقا فى مناقشة القضايا الخلافية، وبدا نوع من إرجاء التفاهم مع مصر إلى مرحلة لاحقة، وأكدت مصادر خليجية أن هناك انفتاحا سعوديا واضحا على تلك الوساطة تأكد فيما بعد بإقرار المصالحة، وأكدت في نفس الوقت أن هناك تحفظات لدولة الإمارات والبحرين ومصر عليها، لكن الدول الثلاث حرصت على إعطاء فرصة للسعودية لقيادة التفاوض مع قطر تحقيقا لتلك المطالب بصورة أساسية، ومد بساط التعاون والمحبة ليشمل الجميع.
ونتمنى على الأشقاء أن يدركوا أنه لا أحد ينتصر في المقاطعة والبغض والخصام، والكل منتصر في المصالحة والمحبة والسلام.
{ رئيس جمعية البحرين
لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك